حماية المجتمع يتطلب حماية المرأة

أحلام أكرم

تحت مبدأي الستر ودرء الفضيحة .. بينما وفي عالم ترابط ببعضه من خلال الإنترنت والتكنولوجيا الحديثة التي تظهر عورات كل المجتمعات في العالم .. تتعلل  الدول العربية بالخصوصية الدينية والثقافية  في تحفظاتها على بعض مواد الإتفاقية الدولية لحقوق المرأة سيداو .. ُمدعية بأن قوانينها  ُمستمدة من الشريعة الإلهية  التي لا تتغير وتضمن للمرأة العدالة ... بينما تتعارض كل هذه  القوانين مع الصفات الإلهية والعدالة الإلهية ..وتعمل على تخدير الضمير الفردي والمجتمعي .. وتتعارض مع قول  الرسول (عليه السلام ) " أنتم أدرى بشئون دنياكم ".. بمعنى أن التغيير والتطور جزءا من واقع الحياة . وعلى الجميع مسئولية  التغيير لما يتناسب مع  دنيانا ..  

السؤال هو لماذا تتحفظ الدول العربية  على .. 

- المادة  الثانية من الإتفاقية . والتي ُتطالب بإلغاء  الأحكام الجزائية  الوطنية التي ُتشكل تمييزا ضد المرأة ؟؟  

 وهو ما أعتبره تواطؤا من  الحكومات العربية  لترسيخ التمييز في القانون الجنائي بين الرجل والمرأة في نفس الجناية .. مثلآ  قتل الرجل لزوجته تحت إدعاء الخيانة الزوجية , حيث ُيؤخذ بالعذر المخفف و ُيفرج عن الرجل.   بينما  ُتعاقب المرأة في  نفس الواقعة (في حال ضبط الزوج  وعلى فراش الزوجية يمارس الجنس مع إمرأة أخرى ). بتبرير أن المرأة قد تكون زوجته الأخرى,  والقانون يضمن حقه في التعدد .. . في فيلم وثائقي لسجينات لم ترأف  الحكومة اللبنانية  بإمرأة قتلت زوجها حين وجدته وعلى فراش الزوجية يحاول إغتصاب إبنتهما  ؟؟؟ وحكمت عليها بالإعدام. ولم تأبه لحرمان أطفالها  من الأم ..  

المادة  9..  والتي تنص على الحق المتساوي للرجل والمرأة في ما يتعلق  بجنسية أطفالهما .. 

القانون الذي تكافح  النساء من أجل الحصول عليه في الكثير من الدول العربية التي تمنح الأب المتزوج من أجنبية  هذا الحق بدون تردد..  بينما تحرم أطفال المرأة المتزوجة من  رجل من  جنسية أخرى هذا الحق ..  

المادة 15  التي تدعو الدول الموقعة  إعطاء المرأة نفس حقوق الرجل فيما يتصل بحرية  الحركة والتنقل والإقامة . 

والذي ُيعتبر لب قضية التسلط والقمع .. والتعنيف بكل أشكاله ..والإستعلاء الذكوري .. وهو ما ُيعرف قانونا ومجتمعيا  بولي الأمر ..  والذي ُيعطي له الصلاحية بحرمانها من التعليم ,  وتزويجها في أي عمر يشاء,  وضربها لتقويم سلوكها  .. نعم أعترف  بحب الأب  لإبنته وحرصه على حمايتها .. ولكن هذا الحرص  ُيغالى فيه  في كثير من الأحيان تحت  تفسير  أحد الأحاديث "" لا ُيؤخذ الوالد بولده "" مما ُيعطي ولي الأمر الحق حتى في  قتل ولده ..  أو إبنته.. وتحت إفتاء الأئمة الأربعة  في  الحق  في الحفاظ على  العرض.. يستطيع ولي الأمر  القتل  تحت إدعاء حماية العرض والشرف .. وتحت مبدأ الستر  يصمت المجتمع .. هذا الحق الذي ُيسيء إستعماله البعض من أولياء الأمور هو أقصى درجات العنف ضد المرأة ..  ولا زالت معظم الحكومات العربية  تراوح مكانها ُمتأرجحة  ما بين إلغاء  المادة التي ُتبرر  للجاني الإفلات من  العقوبة وإعتبارها  جريمة .. وبين الحفاظ على هذه المادة تحت إدعاء شرعي لحماية العرض  ؟؟؟؟   ما أعتبره   حماية  لإستعلاء الرجل وحقه في القوامة وحقة في الوصاية ؟؟ والحفاظ على ولي الأمر .. 

 المادة 16  ؟؟؟  

 والتي ُتساوي بين الرجل والمرأة  في الحقوق .. في عقد الزواج .. والطلاق  وما يترتب عليه بعد العشرة  من  إقتسام  أملاك الرجل والمرأة , التي حصلوا عليها خلال فترة الزواج .. بدلا من مؤخر الصداق المعمول به والذي يفقد قيمته  المادية  بفعل التضخم .. مما يجعل المرأة عالة  إقتصادية على  عائلتها..  وتعطي كلاهما حقا متساويا في الحضانه آخذة بالأنسب  لمصلحة الطفل .. ولا تحرم المرأة من  الحضانة في حال تزوجت .. الأمر المعمول به في التشريعات ؟؟؟                     كما وتساوي في حق إختيار الشريك لكلاهما .. الأمر المباح للرجل  بالزواج من كتابية أو غيرها .. بينما ُتحرم المرأة من هذا الحق ؟؟    سيدي القارىء ..  

لا زلت أذكر محاضرة عن حقوق المرأة في الإسلام .. والتي بّين فيها المحاضر تلك الحقوق .. وحين سألته . لماذا لا تربط الحكومات العربية مؤخر الصداق للمرأة بنسبة التضخم العالمي .. أجابني  لماذا  تنظري للأمور من الناحية المادية فقط ؟؟؟ متناسيا أننا لا نستطيع شراء خبزنا  بالشعارت  ... 

الحكومات الغربية عملت على حماية حقوق المرأة المادية والمعنوية  .. بالعدالة القانونية وبدون تمييز .. حماية هذه الحقوق لا تكون شفهية كما هو حاصل في كل المنطقة العربية .. حماية حقوقها لا تصلح بدون  تمكينها بالتعليم  والعمل .. حماية  حقوقها المادية التي تضمن إحترام كرامتها الإنسانية  قانون الملكية المشتركة حين الطلاق هو الحماية  الوحيدة لعدم تسوُلها  سواء عملت خلال فترة زواجها  في وظيفة أم لم تعمل .. كلها أعطت المرأة الغربية  الإحساس بالأمان  مما ضمن   الصحة النفسية  للفرد وللمجتمع ..  

للمرة الألف .. أكرر  بأن تواطىء الحكومات العربية مع رجال الدين .. في التعلل بالخصوصية الثقافية  والدينية ... وعدم التشبة بالغرب  خوفا من  الإنحراف.. ما هو إلا   مساهمة  في تخلف المجتمعات العربية وتراكم النظرة الذكورية وحرمان المرأة من حقوقها  ..  عملت على ترسيخه عبر التاريخ المزيف مما أنتج  ثقافة عقيمة وُمستبدة ..  في ضفيرة متماسكة  بين الدين والعرف والتقاليد والعادات والتي من ضمنها القتل  .. وجذرتها من خلال القوانين  بحيث جعلتها أمرا مقبولا  مجتمعيا .  كيف سيستطيع مجتمع أن ينمو ويتطور بينما نصفه عاطل مهنيا ومحروم من العدالة فعليا !!!! 

إن تقاعس الحكومات العربية   في  حماية المرأة  ماديا ومعنويا  .. هو ما  ُيعزز لمبدأ التمييز  والعنف  في الثقافة والسلوك ..  تقاعسها في تغيير قوانين الأحوال الشخصية  والذي ُيرسخ  لكل الإنتهاكات ضد المرأة  من خلال التشريع ...ما هو إلا حماية لبقائها وسلطتها وتعزيزا  لسلطة رجال الدين وسيطرتهم على المجتمع ..  

الحكومات العربية ُملزمة قانونيا بالإلتزام على العمل لتأسيس خطاب  مجتمعي إنساني يعزز  وُيمهد لقيم الديمقراطية .. يستند إلى  قاعدة  إنسانية حضارية  تساوي بين الرجل والمرأة  في حقوق إنسانية غير قابلة للتأويل  .. تمسح التشوية  المجتمعي الذي ساهمت به عبر السنين .. وبلورة إرادة سياسية ُتبين من خلال حملات التوعية المكثفة بأن هذا التغيير لمصلحة الجميع وبالتحديد لمصلحة المجتمع ولا يتعارض مع القيم الدينية في العدالة والمساواة ..  خاصة ونحن لا نمل من تكرار مقولة أن الاسلام كرم المراه اكثر من آيه عقيده او قانون .. وهي مقولة صحيحه وإن كانت مبتورة .. فالإسلام  كرم المرأة بحقين لم يكونا موجودان في  اليهودية والمسيحية .. الأول  الحق في طلب الطلاق .. ولكننا تناسينا الصعوبات وتبعات هذا الطلاق التي قد ُتجبر المرأة على الخلع  .. ُمتنازلة  عن حقوقها المادية القليلة نظرا للتضخم .. وتفقد حق الحضانة  ؟؟؟؟  

الحق الآخر الذي قدمه الإسلام للمرأة هو جزء من ميراث أبويها و زوجها .. وبينما  عدّل المُشرع  في القوانين الأخرى..  تحفّظ على قانون الأحوال الشخصية ..برغم عدم عدالتة الواضحة ..  

الطريق الوحيد للتخلص من العوائق الإجتماعية وإختصار المسافات والوقت .. هو القوانين .. قوانين مبنية على الحقوق العالمية للمرأة .. لتحد من هذا الإستبداد .. والإستهانة  ودونية المرأة التي أسس لها  فقهاء الدين بناء على أحاديث  ُمختلف عليها  ُكتبت بعد ما ُيقارب 250 سنة من وفاة الرسول الكريم , والذي قال مرارا "لا تأخذوا عني شيئا .. وما أنا إلا بشر مثلكم "..  

إيلاف

سبت, 26/01/2019 - 10:21