في اليوم الثاني من مؤتمر "من أجل تناوب سلمي على السلطة" الذي نظمته حركة من أجل موريتانيا في فندق أزلاي مرحبا 26/27 يناير 2019، قدم الدكتور سيدأعمر شيخنا وهو أكاديمي ورئيس تيار الوفاق الوطني ورقة بعنوان "مأسسة السيطرة المدنية على المؤسسة العسكرية ،لماذا وكيف، وقال الدكتور سيدأعمر الذي كان يتحدث في ورشة "المؤسسة العسكرية والتحول الديمقراطي" إن أهم مسببات التدخل العسكري في السياسة ليست عسكرية بل سياسية، وهي لا تعكس الخصائص الاجتماعية والتنظيمية للجيش، بل تعكس البنية السياسية والمؤسساتية للمجتمع. وأكد على أن مأسسة السيطرة المدنية على المؤسسة العسكرية والأمنية تعتبر إحدى أهم المتطلبات المسبقة للديمقراطية، وفي البلدان الأقل ديمقراطية – ممن عانت الحكم العسكري – تعد هذه السيطرة المدنية أهم الضمانات للوصول إلى مرحلة الترسيخ الديمقراطي. مستدركا على أنه في الدول الأقل ديمقراطية تكون الجيوش منشغلة بالحفاظ على الاستقرار الداخلي للدولة، بالإضافة للدفاع عنها خارجيا، ولذا تكون أكثر ارتباطا بالسياسة الداخلية. في الدول الأقل ديمقراطية يغيب تماما مفهوم السيطرة المدنية على المؤسسة العسكرية، وتصبح الأولوية لتقليص نفوذ المؤسسة العسكرية، ومحاولة فهم مكامن قوتها.
واستعرض المحاضر أهم النظريات التي تناولت العلاقات المدنية العسكرية وهي نظرية الانفصال التي تقوم على فرضية رئيسية، مفادها أن المؤسسة العسكرية يجب أن تبقى منفصلة ماديا وإيديولوجيا عن المؤسسات السياسية للدولة.
ونظرية التوافق: التي تفترض أن ثلاثة شركاء هم: المؤسسة العسكرية، والنخب السياسية، والمواطنون (المجتمع) ينبغي أن يهدفوا إلى علاقة تعاونية، قد تتضمن انفصالا بين المجالين المدني والعسكري بالمعنى السابق، وقد لا تتضمن مثل هذا الانفصال.
ونظرية التنافس المدني العسكري التي تفترض وجود تنافس بين المدنيين والعسكريين للسيطرة على خمس مناطق رئيسية في عملية صنع القرار: (تجنيد النخبة، صنع السياسة العامة، الأمن الداخلي، الدفاع الوطني، التنظيم العسكري).
وأعتبر الدكتور سيدأعمر شيخنا أن تحقيق السيطرة المدنية على المؤسسة العسكرية يجب أن يمثل أولوية قصوى في أجندة أي حكومة ديمقراطية، ويتطلب النجاح في هذه المهمة ذات الطابع الاستثنائي حكومة مدنية قوية، مشكلة من تحالف سياسي واسع، يكون قادرا على التفاوض مع المؤسسة العسكرية من موقع قوة.
مؤكدا على أنه في الحالات التي فشلت فيها السيطرة المدنية واستمر الجيش في التأثير كان السبب الرئيس هو انقسام النُّخب والقوى السياسية، وعدم وجود إجماع وطني على إخراج الجيش، وعدم وجود بديل وطني يطمئن له الجيش.
واستعرض المحاضر جملة من الإجراءات المهمة التي يجب اتباعها لتحقيق السيطرة المدنية على المؤسسة العسكرية من قبيل تفعيل الرقابة البرلمانية على أدوار الجيش وميزانيته.وضع ضوابط لتدخل الجيش في الأمن الداخلي، تصديق البرلمان على تعيين كبار القادة، تنظيم شؤون الترقية والعلاقات الخارجية للجيش.
وختم المحاضر بالقول بأن إخضاع أجهزة الأمن الداخلي الشرطة و المخابرات للسيطرة المدنية يمثل تحديا من نوع آخر، ينبغي للحكومات المنتخبة العناية به، فهو لا يقل حيوية عن ملف إخضاع المؤسسة العسكرية للسلطة المدنية، نظرا للأدوار التي تضطلع بها أجهزة الأمن في مجال حريات المواطنين وأمنهم.