عندما استقبل عاطف الطراونة رئيس مجلس النواب الاردني نظيره رئيس مجلس الشعب السوري حمود الصباغ في عمان كان يعلم بأنه بهذه الخطوة سيُدخِل الفرحة الى قلوب الملايين من ابناء الشعب العربي من المحيط الى الخليج ، وأنهُ بهذا الفعل وما اعقبه من تصريحات مؤيدة للمشاركة السورية في المؤتمرات العربية سيغيظ إسرائيل ويدفعها الى اليأس من الاستفراد بسوريا في هذا الزمن العصيب حيث أصبحت هدفاً للرماح من القريب والبعيد .
سوريا اليوم ستكون أقوى عندما تلبس جلدها العربي ،وترى إخوانها العرب يحيطون بها كحدقة العين ويمدون لها يد التكاتف والمؤازرة .
لقد حاولت إسرائيل أن تستغل الوضع السوري لتُثني إرادة المقاومة في هذا البلد الصامد ، ووجدت فرصتها الذهبية بأن تضرب سوريا في العمق بالطائرات والصواريخ وبعملائها من قوى الإرهاب عندما تخلى أشقاؤها عنها .
لكن بعودة العرب إليها ودعوة الاردن بحضورها مؤتمر البرلمانيين العرب ، وإنهاء المقاطعة التي دامت لاكثر من ثماني سنوات تبخّرت أحلام نتنياهو الذي اراد ان يقفز مرة أخرى على أكتاف سوريا في الانتخابات القادمة .
لكن الواقع السوري يتحدّث اليوم بلغة جديدة … بعد أن قطع دابر الإرهاب من آخر شبرٍ من الاراضي السورية ، وبعد ان عادت سوريا لتُمارس دورها الطليعي كمؤسس للجامعة العربية وترحيب الوفود العربية المُشاركة في مؤتمر البرلمانيين العرب بتسلم الحكومة السورية مقعدها في المؤتمر بعد أن كان مُعطلاً ، وبعد أن فشلت مُحاولات بعض الدول العربية في منح هذا المقعد للمعارضة السورية .
فاليوم وامام هذا التحدي الكبير الذي تقفه الدول العربية عندما جعلت من القدس قضيتها الأولى ستسد الابواب أمام إسرائيل وحُلفائها من النفوذ الى داخل المحيط العربي ، الذي وجدتهُ ممزقاً فاخترقت اجواءه سياسياً وعسكرياً واقتصاديا ، ولكي تُكمّل المشوار نحو التضامن العربي كان لابد من وقفة مؤاخاة مع (11مليون و 700الف ) سوري مُحتاج الى الغذاء والماء الصحي والمسكن والعيش الكريم .
ووقفه تضامنية لإعادة (7 ملايين و600الف ) نازح سوري إلى ديارهم ومدنهم وقُراهم .
وقفة مع أطفال سورية لاعادتهم الى مدارسهم ، حيث ذكرت أرقام الامم المتحدة ان 40% من أطفال سوريا خارج المدرسة .
إن الوجدان العربي .
والمشاعر الدينية المُقدسة.
والضمير الإنساني… يدعونا … ويدعو كل عربي وكل مسلم أن يقف الى جانب بني جلدته مع إخوته في الدين والمصير ليرفعوا الضيم عن إخوتهم في سوريا.
وإذا كانت إسرائيل قد مزقتنا ، وشقّت الصف العربي وحولته الى محاور ودول متنازعة خلال السنوات الماضية …فتعالوا الى سوريا .
تعالوا أيها العرب …
الى المحك …
الى الارض التي يَنبت فيها التضامن العربي من جديد .
الى المكان الذي يستطيع فيه كُل واحدٍ منا ان يزرع شجرة .
وان يضع حجراً فوق دارٍ مُهدمة .
وان يضع بلسماً فوق جُرحٍ نازف
وان يُزيل دمعة من عين طفلٍ فقد امه واباه .
تعالوا الى سوريا …لإعادة إعمار المُدن والقُرى والارياف .
لاعادة بناء المدارس والمصانع والجسور والشوارع .
لنأخُذ بأيدي اخوتنا السوريين في المنافي من كُل أقطار الارض لننقذهم من الغُربة ليعودوا الى بلدهم سوريا العطاء
سوريا اعطت كل شيء للعرب في زمن الجوع والخوف…في زمن الدكتاتوريات العربية والانظمة القمعية
واليوم على العرب ان يعطوها بعض الوفاء … ليس من اجل سوريا وحسب ، بل من أجل العرب أنفسهم .
فالعربُ سيكونوا اقوياء بسوريا.
راجعوا احداث سنوات الثمان الماضية كم خسر العرب يوم ابتعدوا عن سوريا ؟ فقد تكالبت عليهم المؤامرات من كل جانب ، وحدقت بهم الخطوب والنوب . وتسارع أعداء الامة الى إبرام ما يُسمى بصفقة القرن مستغلين ضعف التضامن العربي وإنشغال الدول العربية بالصراعات والحروب الداخلية .
لقد آن الاوان لعودة العقل العربي الى الجسد العربي .
والانتقال من التطاحن الى التضامن .
ومن المقاطعة الى المُعانقة .
معانقة الطفل السوري.. والام السورية .. والارض السورية التي أصبحت اليوم تُطالبنا بالبناء والإعمار لتعود سوريا الى ما كانت عليه .
فاليوم أصبحت سوريا تجمعنا وتدفعنا نحو عملٍ وطنيٍ كبير .
تجمعنا على بناء الارض .. وإعمار المدن.. وإعادة الامل بالمستقبل العربي ..ليس من أجل سوريا وحسب بل من أجل كل إنسان عربي يعيش على هذه الارض وعينه تحدق نحو مستقبل مشرق بعد حاضرٍ موجع.
رأي اليوم