زيارة المرشح ولد الغزواني لواد الناقة.. ملاحظات فنية

تابعت ـ كغيري ـ الكلمة التي ألقها المرشح محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني في مقاطعة واد الناقة، أولى محطات جولته الداخلية في البلاد، ومن خلال تتبع مفاصل تلك الكلمة وما اكتنفها وأحاط بها، تبادرت إلى الذهن ملاحظات إعلامية فنية عابرة: 
في مقدمتها أنه كان على الإخوة في القطب الإعلامي لحملة المترشح من مستشارين إعلاميين وفنيين، أن يدركوا حقيقة لا مناص من أخذها بعين الاعتبار والانطلاق منها، وهي أن ثنائية البرتوكول والأمن المحيطين بالمترشح، هما من يصنعان واجهة المشهد الإعلامي المحيط به في خرجاته الميدانية، ويتحكمان في صياغة وإخراج الإطار المرئي له، وحقل الصوت من حوله، لذلك لا مندوحة لمن أراد تسويق تلك الخرجات إعلاميا بشكل جذاب أو مقبول على الأقل، وتفادي إضاعة جهد الرجل وتشتيت الانتباه عن خطاباته، أن يدخل في ترتيبات مباشرة مع مسئولي الأمن والبروتكول، تحول دون مشهد حالة الاختناق والاحتقان والفوضى العارمة التي أحاطت بالمترشح وهو يلقي خطابه في واد الناقة، فانعكست في إطار الصورة وحقل الصوت من حوله، تدافعا وصراخا وصياحا.
فالمشهد الذي يظهر فيه المترشح أثناء خطابه وخروجه الإعلامي، يشكل جزءا مكينا وركنا ركينا من الصورة الإعلامية له في تلك اللحظة، وتحدد معالم الصورة النمطية التي ستسقر في أذهان المتابعين له، وكما اختنق إطار الصورة بالزحمة حول المترشح والصراخ، وفشل المصورون في التقاط صور ثابتة له أثناء حديثه، فإن المشاهد ـ شأنه شأن الحاضر المشارك ـ يختنق تلقائيا من متابعة المشهد وزحمته، لأنه يعيش وسط اللحظة ويتابعها بكل حواسه، ويتأثر بأجوائها هدوءا أو فوضى، كما يختنق المستمع وهو يتابع هرجا ومرجا من الأصوات الجانبية المختلطة تغطي أحيانا على صوت المترشح الذي يصغي إليه، وتزاحمه حينا آخر، فكلما اتسع الإطار من حول المرشح وخف الزحام وهدأت الأصوات كان ذلك أكثر أريحية له كمتحدث، وأكثر جاذبية لمن يتابعه ميدانيا أو عبر الشاشات والمذياع، وكلما خف المشهد وزاد بساطة وهدوءا، زاد تركيز المتابعين على المركز (المترشح وحديثه) ، وكلما عمت الفوضى، وتعالت الأصوات وتعددت الصور المتحركة داخل الإطار، تشتت الرؤية في تفاصيل تلك الحركة الفوضوية الهامشية، وغلب الدوار على المشاهد، والسأم على المستمع، فليس اعتباطا أو صدفة أن نشاهد قادة وسياسيين في بلدان تقدمت في صناعة الإعلام وهم يظهرون أثناء خرجاتهم الإعلامية بخلفيات خالية من الأشخاص والألوان، ليبقى المشاهد معهم وجها لوجه وعينا لعين وسمعا لسمع، دون أن يعكر صفو تركيزه أي مشهد جانبي أو صوت هامشي، فتكون لهم اليد الطولى في السيطرة على الجمهور وإبلاغ الرسائل المتوخاة في أنصع صورها وأجدى أساليبها.
ولعل الجميع يتذكر خرجة المترشح الأولى في نواكشوط حين أعلن ترشحه لأول مرة، فقد أتاحت حالة الهدوء النسبية على منصة الخطابة، للجميع التركيز على الخطاب، وأراحت المترشح من مغالبة أصوات تصرح بالقرب منه، وتحركات أشخاص من حوله، لا يرقبون إلا ولا ذمة في الجهد الذي يبذله هو وفريقه ليصل إلى قلوب الناس قبل أسماعهم، ويشتتون مركزية الصورة أمام المشاهد سواء كان واقعيا أو افتراضيا.
كما أنه في حشد ضخم كالذي شاهدناه في واد الناقة، ليس بمستطاع كل المستقبلين أن يكونوا على مقربة من المترشح أثناء حديثه، لذلك كان اختيار منصة خطابة في مكان منخفض لا يستوى الجميع في رؤيته ومتابعته، خطأ في الإخراج ينبغي تفاديه في قادم المحطات، فقد حُشر المترشح بين تدافع أفراد أغلبهم من الصارخين الذين آذوه وآذوا من حوله، ومن جاؤوا لاستقباله، بمكبرات الصوت والصراخ والزحام، وكادوا أن يعكروا جو التواصل والألفة بينه وبين الجماهير.
من صفحة محمد محمود أبو المعالي

اثنين, 01/04/2019 - 21:30