ولد احبيب يكتب: ردة الفعل القاسية!

لا يمكن أن تسوغ الاحتجاجات المحدودة، ولا أعمال العنف الأقل ردة الفعل الكبيرة التي وصلت إلى حالة طوارئ غير معلنة. لو كان في موريتانيا اقتصاد مصنف لانهارت البرص، ولتأثرت المقاولات الناشئة، أو قاربت الإفلاس..

ولو كانت قطبا سياحيا كبيرا لانهارت سياحتها. يجب أن يصار إلى جرد حساب دقيق بحجم الخسائر التي تعرض لها الاقتصاد الوطني وصورة البلد الذي أرجع إلى عصور ما قبل ثورة المعلومات قسرا، لمدة أسبوع.
تصرفت السلطات للأسف بطريقة تنتمي إلى العهود الاستثنائية، اعتقلت الناس دون إذن قضائي، ودخلت البيوت في أوقات الأصل فيها الاحترام، والخصوصية..

من حق السلطات الأمنية التعامل بالحذر والحساسية التي ترتئيها، لكن ما كشف لحد الساعة من معطيات لا يمكن أن يقنع المراقب بأن حجم ردة الفعل لم يكن مبالغا فيه إلى حد كبير.. وأن الأساليب لم تكن موفقة ولم تراع حساسية الظرف، ودقة اللحظة.

كان يمكن اتخاذ إجراءات وقائية أكثر عقلانية ومرونة بحيث يواصل الناس حياتهم إلى جانب الاحتياطات الأمنية اللازمة؛ فلا معنى لأمن يعطل حياة الناس، إذ يستوي حينئذ مع الجهة التي "تخطط للتخريب أو إعاقة الحياة"، إذا استخدمنا لغة القوم.

تحقق الإجراءات الأمنية غير الحصيفة أو المبالغ فيها أكثر مما يطمح إليه متعمدو التخريب، وتجعل أهدافهم واقعا، بوسائل الدولة، وبإرادتها.

ما الذي يريده "مخططو التخريب" أكثر من توقف حياة الناس، ولعن العملية التي أوصلتهم إلى هذا الجحيم؟ ولعن المتسببين فيه؟ 

تقول النظرية التقليدية إن غضب المتضررين سيتجه إلى من يروج لهم على أنه السبب، أو تصوره أجهزة الدولة على أنه يتحمل المسؤولية، ولكنها تغفل أن المواطن البسيط يدرك حجم إمكانات المجموعات التي تريد تكدير صفو الحياة، وعرقلة سيرها، وتدرك حجم ردة الفعل المناسبة لما ستصوره أجهزة الدولة لاحقا!

إن حساسية الجهات الأمنية من أي أحداث قد تأخذ طابعا عرقيا، وحضور المآسي التي جرتها ردات فعل أجهزة الدولة في أذهان المسؤولين الأمنيين، وعدم الاستعداد لتكرار ردات الفعل تلك.. أمور طيبة، ونيات حميدة، وموقف وطني صادق، ويستحق التضحية بمليارات من الأوقية، وبجزء من صورة البلد، وبشيء من سمعة وفرحة المشهد الانتخابي الديمقراطي، وبساعات من استمتاع الناس بالتواصل عبر الفضاء المفتوح.

 ولكن: ألا يمكن تحقيق كل ذلك بدون حرب الأعصاب هذه؟
أليس في احتراف الأجهزة الأمنية وثقتها في نفسها، وطول مرانها، وتجاربها المختلفة ما يغني عن كل تلك المخالفات، وتلك الخسائر، وذلك التكميم؟

سبت, 29/06/2019 - 13:34