"البالغون لا يفهمونه".. لماذا يواجه تيك توك مزيدا من التحقيق؟

 

أكثر التطبيقات تحميلا في متجر آب ستور العام الماضي لا يجني تقريبا أي مال، وبالكاد يفهمه أي شخص يزيد عمره عن 25 عاما، وبدأ يواجه بالفعل تحقيقات وغرامات وحظرا في ثلاث قارات، وفقا لمقال المحرر التقني في صحيفة غارديان أليكس هيرن.

لقد أخذ نجاح تيك توك المنظمين وأولياء الأمور ومنافسيه على حين غرة. ففي جوهره يعد تطبيقا لمشاركة الفيديو، حيث يصور المستخدمون أنفسهم في مقطع مدته 15 ثانية، يترافق عادة مع موسيقى، ويقومون برفعه على التطبيق ليشاهده أتباعهم والغرباء على حد سواء.

وإذا بدا أن هذا التطبيق ظهر من المجهول، فلأن ذلك ما كان بالفعل في جانب منه، فالتطبيق في وضعه اليوم هو نتيجة اندماج بين تطبيق تيك توك الأصلي، الذي أطلق دوليا في سبتمبر/أيلول 2017، وتطبيق موسيقى سابق يدعى "ميوزيكال.لي".

وكان الأخير قد أصبح بالفعل أحد أكثر منصات التواصل الاجتماعي شعبية بين المراهقين في المملكة المتحدة والولايات المتحدة بحلول الوقت الذي تم شراؤه فيه من قبل مالك تيك توك شركة "بايت دانس" الصينية في نوفمبر/تشرين الثاني 2017.

والأهم من ذلك أن الاندماج يعني أن المطاف انتهى بوجود تيك توك بين عشية وضحاها على الهواتف الذكية لأكثر من 60 مليون مستخدم.

لكن مع ذلك فإن لدى شركة بايت دانس تجربة مع هذا النوع من الانتشار واسع النطاق. فالشركة الصينية الناشئة كانت مشهورة بالفعل في موطنها الأم بتطبيق الأخبار الرائج "توتياو" (Toutiao) الذي كان يملك 120 مليون مستخدم يومي في 2017، وكذلك تطبيق "دوين" (Douyin)، النسخة الصينية من تطبيق تيك توك، والذي ظل منفصلا استجابة لقوانين الرقابة الصينية الصارمة.

هذا الانتشار الموجود مسبقا أعطى تيك توك سلاحا آخر، صندوق حرب ضخما، وفقا للكاتب. فقبل أن تحقق بايت دانس عائدات من التطبيق، كانت الشركة أكبر معلن في تطبيق سناب شات، حيث أنفقت نحو مليار دولار على إعلانات تنزيل التطبيق من منصة الرسائل، وفقا لصحيفة وول ستريت جورنال. وهذا الإنفاق تمت إعادة تكراره على فيسبوك وإنستغرام، وحملات الملصقات والإعلانات التلفزيونية.

ونتيجة لذلك، وفقا لشركة سنسور تاور للتحليلات، فقد أصبح تيك توك هو التطبيق رقم 1 في متجر آب ستور في جميع أنحاء العالم لمدة خمسة أرباع سنوية متتالية، مع ما يقدر بنحو 500 مليون مستخدم حول العالم. لذلك حتى لو توقف إنفاق تيك توك، فإنه لديه الآن الزخم الكافي للصمود، وفقا لإيما وورث من شركة التسويق رالف كرييتف.

تقول وورث إن "التطبيق بحد ذاته يقدم شيئا لا يقدمه أي تطبيق آخر، ولهذا السبب أصبح ناجحا للغاية، عمليات الاستحواذ المدفوعة ساعدت فقط بأن يعرفه مزيد من الناس". وأضافت "لقد سئم الشباب اليافعون من حركة المؤثرين النرجسيين على القنوات الأخرى، ورؤية "الحياة المثالية" و"الجسد المثالي" و"العلاقة المثالية"، ولهذا السبب انتقلوا إلى تيك توك".

ضريبة النجاح
لكن مع زيادة حجم الانتشار يزيد التدقيق والتمحيص. ففي فبراير/شباط الماضي غرَّمت لجنة التجارة الاتحادية في الولايات المتحدة الشركة المطورة للتطبيق مبلغ 5.7 ملايين دولار أميركي لجمعها بيانات شخصية لأطفال دون سن 13 عاما دون موافقة الوالدين. وفي أبريل/نيسان الماضي تم حظر تيك توك في الهند، التي يملك فيها التطبيق -وفقا للشركة- أكثر من 120 مليون مستخدم شهري نشط، بسبب مخاوف من استخدام التطبيق لمشاركة مواد جنسية صريحة. لكن تم رفع الحظر بعد أسبوع.

ويقوم مكتب مفوض المعلومات (آي سي أو) في المملكة المتحدة الآن بالتحقيق في الشركة مندفعا من مخاوف حماية البيانات ذاتها التي عبرت عنها لجنة التجارة الاتحادية الأميركية، لكن مع تركيز إضافي على عناصر التحكم المتوفرة في ميزة الرسائل المباشرة للتطبيق، حيث تخشى هيئة الرقابة البريطانية أن البالغين قادرون على إرسال رسائل خاصة إلى الأطفال الذين لا يعرفونهم.

لكن ما يقلق الجمعية الوطنية لمنع القسوة على الأطفال (NSPCC)، وهي جمعية خيرية بريطانية رائدة لرعاية الأطفال، هو القدرة على البث المباشر في التطبيق.

وقال متحدث باسم الجمعية "نعلم أن عددا مقلقا من الأطفال يتم الاتصال بهم عبر تطبيقات البث الحي، مثل تيك توك، من قِبل بالغين يستخدمونها كبوابة لخداع الشباب اليافعين وإيذائهم". وأضاف "وجد بحثنا أن رُبع الأطفال البالغ عددهم 40 ألفا (من سن 7 إلى 16 سنة) قاموا بالبث المباشر على الإنترنت مع شخص لم يلتقوه قط، وواحد من كل عشرين طفلا طُلب منهم خلع ملابسهم".

وقد تم دعم أبحاث الجمعية من خلال تحقيقات أخرى، حيث يُبلِغ مستخدمون صغارا لتيك توك من الإناث بانتظام عن تعليقات غريبة أو متطفلة على فيديوهاتهم، وفقا لموقع "بزفيد" الإخباري، وعن فشل بايت دانس في الاستجابة لهم.

وتتفاقم المشكلة بسبب طبيعة التطبيق، فبدلا من إعطاء الأولوية لمقاطع الفيديو الخاصة بالأشخاص الذين تتابعهم، يتبنى التطبيق خوارزمية "من أجلك" (for you)، بمعنى أنه "إذا واصل شخص غريب الأطوار الإعجاب بفيديوهات فتيات صغيرات يقمن بأداء صوتيات أو مقاطع غناية أو وسومات (hashtags) فإن مثل تلك المقاطع ستظهر في صفحة "من أجلك" الخاصة به".

"لا يفهمونه"
لكن وورث تقول إن تيك توك يتم انتقاده بشكل غير عادل بسبب قلة عدد البالغين على المنصة، فهو ليس أسوأ من التطبيقات الأخرى، لكن "البالغين لا يفهمونه" مثلما فعلوا مع إنستغرام أو سناب شات.

وقالت إن "قنوات التواصل الاجتماعي الأخرى مليئة بالإباحية والصور غير اللائقة، وهي جميعها تفتح عالما غير معروف ومحفوف بالمخاطر. لكن تيك توك يتلقى الضربة لأنه جذب جمهورا أصغر سنا".

وختمت "أعتقد أنه بسبب النجاح الكبير الذي حققه تيك توك، فإن الأشخاص الذين لا يفهمونه أو لا يستخدمونه، يميلون أكثر إلى الرغبة في التخلص منه". 

المصدر : غارديان

نقلا عن الجزيرة نت

اثنين, 08/07/2019 - 23:56