أشاد السفير المغربي بنواكشوط حميد شبار بالعلاقات بين المغرب وموريتانيا واصفا أياها بالمميزة.
وعدد سعادة السفير مظاهر تطوير العلاقات قائلا: إن الفترة بين يوليو 2018 ويوليو 2019 تميزت بتنظيم ما يناهز 30 زيارة متبادلة بين الوزراء وكبار المسؤولين في البلدين.
السفير حميد شبار كان يتحدث خلال احتفال بمناسبة عيد العرش في المغرب والذي يصادف 30 يوليو من كل سنة، ويتميز هذه السنة بمرور 20 عاما على وصول الملك محمد السادس إلى عرش المملكة، حيث أشاد السفير بما تحقق من إنجازات خلال هذه الفترة والتي "أدخلت المملكة نادي الدول الصاعدة اقتصاديا والمحصنة سياسيا والمؤثرة إقليميا ودوليا." على حد وصفه.
السفير شبار قال إن من محاسن الصدف أن تتزامن هذه المناسبة مع الاستعدادات لتنظيم مراسيم تنصيب الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي جدد له التهاني على "فوزه في الانتخابات الرئاسية، ونيله ثقة الشعب الموريتاني في عرس ديمقراطي نزيه وشفاف"، على حد تعبيره.
كما تحدث السفير عن جوانب التعاون المختلفة بين موريتانيا والمغرب في الجوانب الاقتصادية والعلمية والثقافية قائلا: إن المغرب "مستعدة لمواكبة التحولات التي تعرفها موريتانيا ودعم كل استراتيجياتها القطاعية وذلك بتقاسم التجارب و الخبرات التي راكمتها المغرب في عدة قطاعات." على حد تعبيره.
وهذا نص الخطاب:
كلمة السيد السفير بمناسبة الذكرى العشرين لاعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، عرش أسلافه الميامين
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه؛
معالي السيد وزير الشؤون الخارجية والتعاون والسادة أعضاء الوفد المرافق
حضرات السادة أعضاء الجمعية الوطنية وممثلي الأحزاب والشخصيات الوطنية والمسئولين الإداريين،
أصحاب الفضيلة الشيوخ والعلماء الأجلاء
أصحاب السعادة السفراء وممثلي المنظمات والهيئات الدولية،
السادة ممثلي المجتمع المدني والمثقفين ورجال الإعلام،
حضرات السيدات والسادة؛
يحتفي الشعب المغربي بالذكرى العشرين لاعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده، عرش أسلافه الميامين و كما تعلمون تحظى هذه الذكرى الغالية في نفوس كل المغاربة، داخل ارض الوطن وخارجه، بخصوصية متميزة ذات أبعاد وطنية وسياسية وروحية وثقافية.
إن رمزية هذا الاحتفاء تعكس مدى التلاحم المتين بين العرش والشعب ، تلاحم قوامه تحصين السيادة والهوية الوطنيتين والسهر على تطوير نموذج تنموي متفرد، يهدف إلى تحقيق الرفاهية والعيش الكريم للمواطنين مع الحفاظ على الثوابت الوطنية والتنوع الثقافي والتوفيق بينه وبين ضرورات التحديث والعصرنة التي انخرطت فيها المملكة المغربية، عبر أوراش كبرى قطاعية ذات أبعاد استراتيجية أدخلت المملكة نادي الدول الصاعدة اقتصاديا والمحصنة سياسيا والمؤثرة إقليميا ودوليا.
حضرات السيدات والسادة؛
من محاسن الصدف، بل وشاءت الأقدار أن يتزامن احتفالنا بالذكرى العشرين لعيد العرش هذه السنة والاستعدادات الجارية لتنظيم مراسيم تنصيب الرئيس المنتخب للجمهورية الإسلامية الموريتانية، وبهذه المناسبة يسعدني باسم المملكة المغربية ملكا و حكومة وشعبا و باسمي الشخصي وباسم طاقم سفارة المملكة المغربية، بنواكشوط، أن أجدد عبارات التهاني لفخامة الرئيس المنتخب، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، على فوزه في الانتخابات الرئاسية، ونيله ثقة الشعب الموريتاني في عرس ديمقراطي نزيه وشفاف نالت به الجمهورية الإسلامية الموريتانية إعجاب وتقدير الجميع.
كما لا يفوتني هنا ان أنوه بروح المسؤولية والحس الوطني والتنافس الشريف الذين سادوا العملية الانتخابية الأخيرة، و أنتهز هذه الفرصة أيضا لأثمن عمل اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات التي سهرت على حسن سير هذا الاستحقاق الديمقراطي وكذا مختلف المؤسسات المشاركة، وعلى رأسها المؤسسات الحزبية والإدارة والهيئات المدنية والأجهزة الأمنية. وإن دل نجاح هذا الاستحقاق على شيء فإنما يدل على أن هذا البلد الشقيق تمكن من قطع أشواط هامة في مسيرة ترسيخ الديمقراطية التعددية وربح رهان الانتقال والتداول السلمي على السلطة، مما يجعل من الجمهورية الاسلامية الموريتانية مثالا يحتذى به إقليميا وقاريا.
حضرات السيدات والسادة؛
نظرا للتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة، تلتزم المملكة المغربية بسياسة خارجية مبنية على ثوابت أساسها حسن الجوار واحترام سيادة الدول ووحدتها الترابية والتزام الشرعية والتضامن والمصداقية بالإضافة إلى ترسيخ تعاون "جنوب-جنوب" فعال ومثمر، خاصة مع الدول الشقيقة والصديقة، وعلى رأسها، الجمهورية الإسلامية الموريتانية، حيث لا تخفى على أحد الخصوصية التي تتميز بها علاقات المملكة المغربية بالجمهورية الإسلامية الموريتانية الشقيقة، إذ إنها علاقات تاريخية عريقة ومتجذرة، يغذيها الموروث المشترك، أساسها التاريخ والجغرافيا ووحدة الدين والمذهب واللغة وهدفها بناء شراكة قوية كفيلة بالارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى علاقات استثنائية في جميع المجالات.
حضرات السيدات والسادة؛
يمكننا اليوم الاطمئنان على هذه العلاقات المتميزة بين بلدينا و ذلك بالنظر للحصيلة المشجعة جدا خلال الفترة الفاصلة ما بين عيدي العرش السابق والحالي، والتي تميزت بتنظيم ما يناهز 30 زيارة متبادلة بين الوزراء وكبار المسؤولين في البلدين ونخص بالذكر على سبيل المثال لا الحصر:
* زيارة السيد اسماعيل ولد الشيخ أحمد، وزير الشؤون الخارجية والتعاون للمغرب اسابيع قليلة بعد تعيينه على رأس وزارته والتي أعطت دينامية خاصة لتبادل الزيارات بين الجانبين،
* زيارة السيد وزير الخارجية والتعاون الدولي، السيد ناصر بوريطة، لنواكشوط، في نوفمبر 2018، حيث تم استقباله من طرف فخامة رئيس الجمهورية وسلمه رسالة من أخيه صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
* زيارة السيد رئيس الحكومة، السيد سعد الدين العثماني، لنواكشوط، مطلع ديسمبر 2018 بمناسبة انعقاد مؤتمر الشركاء والمانحين لخطة الاستثمار الاستعجالية لمجموعة الدول الخمس في الساحل.
* استقبال فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز، للسيد نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال الذي سلمه رسالة ملكية، وذلك على هامش حضوره فعاليات المؤتمر الثاني العادي لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية،
* زيارة السيد وزير الثقافة والصناعة التقليدية الناطق الرسمي باسم الحكومة السابق، السيد سيدي محمد ولد محم، إلى المغرب، وهي الزيارة التي حظي خلالها باستقبال من طرف صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وسلمه رسالة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، من طرف أخيه، فخامة رئيس الجمهورية، محمد ولد عبد العزيز.
* وفي مجال التعاون الثقافي والعلمي والفني، شهدت هذه السنة مشاركة متميزة للجمهورية الاسلامية الموريتانية كضيف شرف في مهرجان طان طان الثقافي بتوجيهات سامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، وذلك بوفد هام ترأسه السيد وزير الثقافة والصناعة التقليدية والعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة السابق. وقد لاقت المشاركة الموريتانية في هذا المهرجان المصنف من طرف اليونسكو كثرات انساني لا مادي، صدى واسعا وكان لها بالغ الأثر في انتعاش العلاقات الثقافية بين البلدين في إطار النهوض بالموروث الثقافي المشترك الذي يشكل كنزا ثمينا وثروة لامادية وجب علينا الاعتناء بها وتطويرها. كما نسجل بفخر واعتزاز الدعوة التي وجهت للمملكة المغربية للمشاركة كضيف شرف في الدورة الخامسة لمهرجان المدن القديمة التي ستحتضنها مدينة شنقيط في نوفمبر القادم.
* وفي نفس مجال التعاون العلمي والثقافي، وجب التذكير بكون الطلبة الموريتانيين يحظون بعناية خاصة من طرف المملكة المغربية، إذ يتربعون على رأس المستفيدين من المنح الدراسية لتمكينهم من متابعة تحصيلهم العلمي في الجامعات والمعاهد المغربية. ونسجل هنا بكامل الارتياح وننوه بمبادرة خلق أول جمعية للموريتانيين والموريتانيات خريجي الجامعات والمعاهد المغربية ونتمنى لهم كل التوفيق والسداد في عملهم الجمعوي.
* في سياق متصل، أود التنويه بعمل المركز الثقافي المغربي بنواكشوط، هذا الصرح المعماري الفريد والفضاء الثقافي الرحب للتعاون في مجال الفكر والمعرفة والفن، حيث أصبح منذ إنشاءه سنة 1987، عنوانا ناصعا للتعاون المغربي الموريتاني، بفضل انفتاحه على جميع الفعاليات الثقافية بمختلف مشاربها وأعمارها حتى بات جسرا للتبادل والتلاقح الثقافي والأخذ والعطاء بين الفاعلين المغاربة والموريتانيين في مجال العلم والمعرفة والفنون.
* كما واكبت هذه الدينامية الرامية إلى تعزيز وتحصين العلاقات الثنائية مساهمة فعالة لمجموعة من العلماء والمشايخ الأجلاء في النهوض بالتعاون الديني بين البلدين عبر مشاركتهم في التظاهرات الدينية المقامة بالمغرب وعلى رأسها الدروس الحسنية. وننوه بهذه المناسبة بالعلماء والشيوخ الحاضرين معنا على عملهم الدؤوب وحرصهم على تحصين مجتمعاتنا المعروفة بوسطيتها وتسامحها من دعوات التطرف والغلو الديني.
في الجانب الاقتصادي، نذكر بالزيارة الهامة لوفد من الاتحاد العام لمقاولات المغرب برئاسة السيد صلاح الدين مزوار، والذي ضم ما يناهز المائة من رجال ونساء الأعمال، وذلك في شهر دجنبر 2018، في إطار المنتدى الاقتصادي المغربي الموريتاني الذي كان فرصة للتعرف على فرص الاستثمار بين البلدين وتوج بتوقيع اتفاقيات شراكة بين الفاعلين الاقتصاديين في البلدين. وكانت للوفد فرصة زيارة المنطقة الحرة لنواذيبو والإطلاع عن التحفيزات والامتيازات الممنوحة للمستثمرين.
حضرات السيدات والسادة؛
كل هذه الحركية الملحوظة التي تصب في اتجاه تعزيز العلاقات عبر جميع المحاور السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية، تجعل هدفها الأسمى بناء شراكة سياسية واقتصادية قوامها التضامن المطلق وتحصين المشترك الذي يجمعنا مع موريتانيا الشقيقة.
وأكاد أقول جازما إن العلاقات الثنائية في جميع المجالات بخير وأؤكد بهذه المناسبة أن المملكة المغربية تبقى مستعدة كما كانت على الدوام، لمواكبة التحولات التي تعرفها موريتانيا ودعم كل استراتيجياتها القطاعية حسب الأولويات التي سطرتها في برامجها الحالية أو المستقبلية، وذلك بتقاسم التجارب و الخبرات التي راكمتها بلادنا في عدة قطاعات.
كما انتهز هذه الفرصة للتنويه بأفراد الجالية المغربية المقيمة بموريتانيا التي تمثل بلدها أحسن تمثيل مما جعل منها جالية متميزة ومندمجة بأريحية في هذا القطر الشقيق وتحظى باحترام وتقدير الجميع وتساهم في تنمية القطر الموريتاني الشقيق بجدية وتفان وإخلاص.
حضرات السيدات والسادة؛
بعيدا عن لغة الحصيلة والأرقام التي، مهما رحبت، فإنها لن تسع للتعبير عن تفرد و تميز العلاقات بين بلدينا التي تتجاوز منطق حساب الربح والخسارة، حيث إن تلكم العلاقات تحكمها روابط انسانية وروحية و ثقافية متينة و متجذرة إذ نشترك في كل شيء من اللغة و العقيدة و المذهب و التصوف، كما نتقاسم موروثا ثقافيا يرتكز على امتدادات إنسانية وقبلية وعائلية تستعصي على التصنيف.
وفي الختام لا يسعنا إلا أن نجدد الدعاء والابتهال إلى الله العلي القدير أن ينعم على الشعبين الشقيقين المغربي والموريتاني بالأمن والتقدم والازدهار تحت القيادة الرشيدة لقائديهما، لتحقيق ما يصبو إليه شعبا البلدين الشقيقين من آمال وطموحات.
عاشت المملكة المغربية
عاشت الجمهورية الاسلامية الموريتانية
عاشت الأخوة المغربية الموريتانية
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.