انتهت حربُ غزةَ ولم تنتهِ كلُّ الحرب، هناك ثلاثُ جبهاتٍ مفتوحة. في لبنانَ هدنةٌ مؤقتة، وتراشقٌ متقطّعٌ مع حوثي اليمن. ولا تزال إيرانُ هي الجبهةَ الكبرى، وفي حالةِ استنفار منذ يونيو (حزيران) الماضي بعد حربِ الاثني عشرَ يوماً.
استطراداً لمقالي السَّابق عن توجّه «حماس» للقَبول بخطة ترمب، نامَ العالمُ البارحةَ على موافقتها وقَبول إسرائيل كذلك. التوصلُ إلى هذه النتيجة لم يكن مهمةً سهلة آخذين في الاعتبار تعقيداتِ الوضع الإقليمي والعسكري في القطاع.
هناك أكثرُ من مليوني فلسطينيّ ينتظرونَ أن تشرقَ الشَّمسُ وينتهيَ هذا الليلُ الطويلُ المظلم، وأبشعُ حرب في تاريخ حروب فلسطين. أمامَ هذه اللحظةِ المهمة التي أعلنت في واشنطن قبلَ يوم أمس، فإنَّ أمام الأملِ القريب البعيد تحديات كثيرة.
لنكنْ واقعيينَ، الدولُ العربيةُ التي لها علاقةٌ بإسرائيلَ لن تقطعَها، والدولُ التي فيها قواعدُ واشنطن العسكرية لن تغلقَها، ومصرُ لن تنسحبَ من اتفاقية استيرادِ الغاز، وأبو مازن لن يتركَ السلطةَ في رام الله.
حتى الرئيس الأميركي دونالد ترمب لم يصبر على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، وأهداه ملاحظة ونصيحة. قال له: «أنت مع مرور الوقت تخسر الرأي العام، وعليك أن تنجز مهمتك في غزة ولو جاء ذلك من دون اعتبار لوضع الرهائن».
قبلَ سبع سنواتٍ كتبتُ عن «صعود إسرائيلَ إقليمياً». اليومَ حضورُها أكبر فهيَ وراء التغيرات الجيوسياسيةِ الهائلة، إثرَ هجماتِ السَّابع من أكتوبر. بعدَ هذا كلّه، كيفَ تنظرُ إسرائيلُ إلى نفسها؟
لقد تأخَّرت هذه الحربُ طويلاً، كانت منتظرَةً منذ عقدين ولم تقع. فقد نجحَ الجانبان الإيراني والإسرائيلي في تجنب المواجهةِ مكتفيين بحروب الوكلاء المحدودة إلى أن وقعَ هجومُ السَّابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
مضَى على الرئيسين جوزيف عون ونواف سلام نحو 150 يوماً. من جانب، لبنانُ يعيش أفضلَ مرحلة منذ عقدين مضيَا. ومن جانبٍ آخر، هناك قلقٌ من بُطءِ التَّقدمِ وأنَّ هناك حرباً أخرى على وشكِ أن تنفجرَ!