تاريخ المنطقة تعاد كتابته من جديد، وهو مرشح لأن يكون مكتوبا بدماء الشهداء أو حبر الجبابرة، وشتان ما بين النصّين. فمنذ نصف قرن تقريبا تمرّدت الشعوب على محتلّيها وآسريها، وغرست في أرضها نبتة الحرّيّة.
لن تكون منطقة الشرق الأوسط أكثر أمنا بعد العدوان الإسرائيلي على إيران واستهدافها منشآتها النووية والاقتصادية. فقد سبقتها خطوات لإضعاف النفوذ الإيراني على رأسها اغتيال الرموز المقاومة للاحتلال واستهداف محاور التماس مع «إسرائيل» في سوريا ولبنان.
برغم أن الحرب ظاهرة لازمت المسار الإنساني منذ الأزل، فإنها ليست خيارا محبّبا لدى الحكومات أو الشعوب. فمهما كانت نتائجها من حيث النصر أو الهزيمة، فمن يشارك فيها يشعر بالخسارة. وهل هناك خسارة أكبر من إزهاق الأرواح؟ فضلا عما ينجم عنها من خسائر مادية كبيرة.
بينما تحتفل أوروبا وأمريكا بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، تتحرك في أذهان الكثيرين خلجات الحزن والفرح ومشاعر اليأس والأمل إزاء واحدة من أهم نتائجها.
عندما «اقترح» الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على سكان غزّة تركها علّل ذلك بأنه يسعى لإحلال السلام في الشرق الأوسط. بينما رآه الكثيرون خطوة على طريق يؤدّي لإفراغ القطاع من سكانه تمهيدا لاقتطاعه من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
يحل شهر رمضان المبارك هذا العام في أجواء قاتمة في مناطق عديدة من العالم الإسلامي. فبينما تعيش شعوب عديدة في أجواء الحرب والتوتر، تعاني أخرى من الاضطهاد، والقمع والاستبداد والاحتلال.
ليس كل ما تريده أمريكا يتحقق، برغم ما تمتلكه من قوة اقتصادية وعسكرية. ويكشف السباق بين الإرادة الأمريكية والقوانين الطبيعية التي تحكم الدول والعلاقات والتحالفات، حدود القوة وأن هناك مناعة طبيعية لدى البشر ضد الهيمنة والاستغلال.
ما تزال هتافات الجيل العربي الذي عاش في حقبة الحرب الباردة في الخمسينيات والستينيات تدغدغ عواطف من بقي منه على قيد الحياة. تلك الهتافات كانت تعبّر عن مشاعر عميقة راغبة في التحرر من الاستعمار وتحقيق الوحدة العربية وتقليص النفوذ الغربي في المنطقة.