وقفتنا اليوم مع أدب ولد الشيخ أحمد بن آدب، صنْوُ محمد نسبًا وأدبًا، حيث ينقل إلينا حوارا داخليا مع ذاته، يوم كانت ليلاه مريضة، فعادها مستطلعا حالتها الصحية، فكان في جوابها جملة اعتراضية، لتعويذة السائل وتفديته من حالة المرض ذاتها، هي – مارديت عليك- التي بمعنى "حاشاك"، ورغم أن هذه الجملة مألوفة في دارج أحاديثنا، فيبدو أنها أحدثت في وجدان الشاعر المرهف الإحساس، ترددا خاصا، إما لأنها قيلت بإيقاع وجرس مؤثر، وإما لأن مزاج الشاعر المشفق التقطها مشحونة بتفاعل خاص بين ذات المرسل، وذات المتلقي، ينقلها من سياقها الدارج المألوف، إلى هذا التردد النفسي، الذي عبرت عنه اللغة الشعرية بتكرار يعكس مدى التطابق العجيب بين الموسيقى الخارجية للشعر، والموسيقي الداخلية للشعور، حتى ليخيل إليك أن دعوة ليلاه المريضة- في جملتها الاعتراضية- لم يستجب لها الله، حيث نفذت شكواها من طول حُمَّاها، إلى صميم ذات الشاعر، فأصبحت الطلعة/ القصيدة، مجرد هذيان محموم، يردد العبارة نفسها،عبر قوله:
يالعَكلْ العاكبْ منْ شِ -فِــيكْ- ** يَطْرَ. لَاهِ نَحْكـِيهْ اعْليكْ
اوعَدْتْ أمْرَ.. كانتْ تلْهِـــــيكْ** لاهِ اتْسَوَّلْهَا عنْ حـــالتْ
مَرَضْهَ.. كَلْتْ: اشغايسْ فِيكْ؟ **كالت: حُمّ هوْنْ اطْوَالتْ
ما رَدَّيْتْ اعْلِيكْ.. افطن ذيك** ما رَدَّيْتْ اعْلِيكْ الْ كالتْ
ذَهِي -مَا رَدَّيْتْ اعْلِــيـــــكْ-*** ليْعَــتْهَ فيَّ مَــــــا زالتْ!