لقد وصلت هذه السلسلة المعنونة ب (كيف نفهم الإسلام) المقال 12، الصوفي المسلم 8 إلى الركنين الأخيرين من الصوفية وهما الأوراد والإنسان التلميذ بعدما كتبت عن الركن الأول وهو الإنسان =الشيخ.
ولكن سوف أبدأ بكتابة هذه الآية:{{قل إنني هديني ربي إلي صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين}}.
وهذه الآية ذكرتني بأن أكتب قبل الموضوع التوجيه الصحيح لسلسلة كتابتي هذه طلبا لفهمها الصحيح حيث قرأت لأخينا المكرم وابن الأكرمين: الهادي بن محمد المختار ولد النحوي حفظهم الله جميعا فهما لبعض ما جاء في بعض تلك المقالات.
أولا: أصحح أن كتاباتي في عنواني الأول (للإصلاح كلمة) لم أكتب فيه أي كلمة عن الصوفية ولا غيرها من متعلقات الإسلام الأخروي، إلا أنني بدأت بجنبه أخيرا عنوانا آخر هو (كيف نفهم الإسلام) وذكرت أنني في الأول أكتب لأهل الدنيا والثاني أكتبه لأهل الآخرة.
وبدأت الثاني بعموميات مدخلية لفهم الإسلام كدين نصوصه منزلة من عند الله وبينها من لا ينطق عن الهوي ووضعت عناوين فرعية لهذا العنوان مثل الصوفية والإسلام والديمقراطية والإسلام وحقوق الإنسان والإسلام إلي آخر تلك العناوين.
ولما وصلت إلي المقال الخامس بدأت فيه المتعلق بالصوفي المسلم (الصوفية تحت زيادة الصوفي المسلم نصا خوفا من التأويل) وما زال متسلسلا، وأخونا الكريم الهادي أعانه الله ذكر لي مقالين فقط في عنواني الأول :للإصلاح كلمة وقال أني اخترت للأول الصوفي المسلم والثاني الصوفية الموريتانية، وأنه لاحظ فيهما أنه فهم أني أخرجت في الأخيرة الصوفية عن الصراط المستقيم إلي آخر ملاحظاته، والرجاء مراجعة بداية المقالات لتبديد وإيضاح الفهم، ليتبين حيث أنه من ما قلت أني مسلم وما أحبه لنفسي أحبه للمسلمين كما أمر الإسلام، وإني فهمت من الآيات القرآنية ملخص ما تشير إليه وهو غاية السعادة في من عمله زحزحه عن النار وشدة عذاب من عمله أدخله النار{{فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز}}، وأن كل من ذهب عنا لا يعود لنعرف كيف وجد، إلا أنه لشدة إيماننا ولله الحمد نصدق ما جاء في جميع النصوص الإسلامية في الوحيين أنه هو ما سيكون للإنسان من أجر عمله، وأن هذه النصوص هي الصراط المستقيم.
ومن هنا أوضح جوابا للملاحظتين للأخ الكريم كلمة الصوفية الموريتانية والأخري قضية ذكر الصراط المستقيم وفهمه هو فيها:
الأول من الملاحظات أعتذر عنها والأخرى أوضحها ونبرر ذلك التوضيح.
فذكر الصوفية الموريتانية وردت مرة واحدة غلطا في أحد المقالات بدلا من الصوفي المسلم الثابتة في العناوين.
أما قضية الصراط المستقيم فقد ذكرت أن رحيل الرسول صلي الله عليه وسلم إلي الرفيق الأعلي لم يقع إلا بعد أن أكمل الدين الإسلامي ونزل فيه أنه هو الطريق المستقيم وتكرر التنبيه علي ذلك في القرآن عدة مرات وأمر المسلم بتكرار طلب الهداية إليه وأشارت إليه الآيات {{وأن هذا صراطي مستقيما}} ، {{فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك علي صراط مستقيم}}.
ولأجل ذلك ذكرت أنا أنه بعد إكماله فكل من جاء بأي عقيدة مثل المتكلمين أو أي عبادة مثل الصوفية فإن إدخالها في الصراط المستقيم مع تسميته هو قبل ذلك بقرن من الزمن علي الأقل بهذا الإسم يتحمل مسؤوليتها في الآخرة من فهمها من داخل الدين.
وأظن أن من لم يفهمها هكذا معذور، ومعذور كذلك إذا قال ذلك لقرائه أن النصوص هي المحفوظة في دفتي المصحف والمبينة في الحديث قال فيها القرآن العظيم :{{اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}} وقال الرسول صلي الله عليه وسلم في حجة الوداع وأشهد عليها :(( ألا هل بلغت اللهم فاشهد)).
ولمعرفة خطورة لقاء الله يوم القيامة البادئ بالموت فلا أظن أن الشك فيه يغني عن تيقن سلوك هذا الصراط المستقيم المقروء والمفصل والمحفوظ من كل زيادة أو نقصان داخله أو خارجه إلي يوم الدين وهو العروة الوثقي للنجاة، يقول تعالي: {{قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المسلمين}}.
وعلي كل حال فإن الصدر رحب لكل ملاحظة في الموضوع ولاسيما ممن يعرف جيدا مصدر الموضوع كله.
وقبل نهاية هذه الكلمة الخاصة أشير إلي أنني أخذت من مبدأ الصوفية ونشأتها في القرن الثاني ولم نتجاوز تاريخ الجنيد الذي صارت عبادة الجميع ينسب إليه مصدرها وسوف لا أقرب إن شاء الله ما بعد ذلك من تاريخ الصوفية إلا أن طقوسها الان ليست جديدة علي الإسلام.
ومن هنا أبدأ ذكر الركن الثاني وهو الأوراد دون أن أذكر معناه لأنه معروف لدي الجميع.
فهذه الأذكار الذي يلتزمها الإنسان لأخيه الإنسان أي يلتزم القيام بها والدوام عليها لا شك أنها لا تشتمل إلا علي ذكر الله أو الصلاة علي النبي صلي الله عليه وسلم أو بعض النوافل.
ولكن معلوم أنه كان في الطريق المستقيم قبل هذه الأوراد أذكار عددها ووقتها وأجرها مبين معها ومنسوبة نسبة صحيحة إلي النبي صلي الله عليه وسلم، فهل هذه الأذكار الجديدة تكون بدل الأخرى أو تجتمع معها أو تغني عنها.
والله يقول للإنسان : {{قل هذه سبيلي أدعو إلي الله علي بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين}}.
هذه الإشارة من الله علي السبيل المستقيم هل تركت للاجتهاد مجالا يتصرف فيه في العبادة والاعتقاد خاصة؟.
فمعلوم أن الاعتقاد والعبادة لا تثار نتيجتهما النهائية إلا في الآخرة، وهذا هو المنصوص في الوحيين يقول تعالي: {{من عمل صالحا من ذكر أو أنثي وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}}، ويقول الرسول صلي الله عليه وسلم في الحديث القدسي: ((إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها)) إلي آخر الحديث.
أما النصوص الإسلامية في الحياة الدنيوية بين الإنسان والإنسان وحتى بين الله والإنسان إذا كان يتغير حال الإنسان فيها فتتغير أحكام النصوص الإسلامية الأولي مثل التيمم – والصوم والفطر- والقصر في الصلاة إلي النصوص الثانية.
وهنا يقول المولي عز وجل لنبيه صلي الله عليه وسلم :{{ثم جعلناك علي شريعة من الأمر فاتبعها }} إلي آخر الآية.
وإلي الحلقة القادمة بإذن الله : كيف نفهم الإسلام (13) الصوفي المسلم (9)