المعهد التربوي الوطني.. الطود الشامخ

عثمان جدو

أود في هذا المقال صادقا أن أشكر الكاتب الذي اعتمد اسم المعهد التربوي الوطني مفتاحا لمقالاته وتبعناه في ذلك؛ لا حبا في السجال وإنما استجلاء للحقيقة؛ واستئناسا بحكمة بالغة أرسلها الله -جل وعلا- على لسان شاعر شهير هو معروف الرّصافي حينما قال: (إذا كان في عري الجسوم قباحةٌ  فأحسن شيء في الحقيقة أن تعرى)، وليس تقديما للمعلومات الفضفاضة كما زعم أخونا؛ سامحه الله، وسنقدم تأكيدا لذلك بالشواهد والأرقام والوقائع المحفوظة، بعيدا عن الافتراض والاحتمالات التي عمد إليها هو في مقاله الأول والثاني، ووقوفا على مقاله الثاني الذي هو مجال الرد في هذه السطور والذي اختار للشق المتغير منه عبارة (ما خفي أعظم) وليته استعاض عنها ب: (ما خفي يرفع الرأس) فكل ما قدم من معلومات يرفع رأس المعهد التربوي ولا يخفضه؛ ذلك لأنه ذكر أنه في يوم 2/5/2015 (قامت الوزارة الوصية والسلطات الإدارية والأمنية.. رفقة المندوب الجهوي للمعهد التربوي في روصو) وهذا بهذا الإشراك والتتابع خطأ، وفيه عدم دقة ويحيل إلى الطرح الفضفاض الذي رمي كاتبنا به غيره في بداية مقاله!، والحقيقة التي لا مراء فيها وبدقة يمكن التثبت منها لمن لا يكابر في ذلك هي أن المعهد التربوي الوطني قام بتحريات في العاصمة انواكشوط وشكل لذلك فرقتين إحداهما توجهت إلى سوق العاصمة والأخرى إلى كرفور مدريد ورصدت كلا الفرقتين وجود كميات كبيرة من الكتب المدرسية في هاتين النقطتين، طبعا بشكل غير قانوني، وبعد التثبت وتحديد الأماكن طلبت إدارة المعهد التربوي الوطني الاستعانة من وزارة الداخلية التي لبَّت النداء سريعا بإيفاد عناصر من الشرطة القضائية، شكلت مع عناصر من المعهد التربوي الوطني لجنتين؛ إحداهما توجهت إلى السوق المركزي وضبطت تحديدا (20.000)كتاب، صادرها المعهد التربوي الوطني، أما الفرقة التي توجهت إلى كرفور مدريد فقد ضبطت تحديدا (8.000) كتاب في مخازن هناك، تم حجزها أولا في مفوضية شرطة بغداد ثم أحيل الملف للعدالة، بعد ذلك بأيام صدرت التعليمات من الإدارة العامة للمعهد التربوي الوطني إلى مدير المعهد التربوي الجهوي في اترارزة بأن ينحو نفس المنحى؛ ففعل، واستعان بالجهات الأمنية وضبطت الكميات التي ذكرتم 525 كتاب، لكن كيف لِمُطَّلِعٍ مثلكم أن يكون على علم بالعدد الصغير في ولاية داخلية ويفوته العدد الكبير المضبوط في العاصمة!؟، أحيطك علما ومعك كل من يقرأ هذه السطور أن هذه المداهمات كانت بمبادرة من المعهد التربوي الوطني كي تفهم أن قناة التسريب كانت جهة أخرى؛ ثم إن تلك الفترة كان المعتمد فيها هو التوزيع المجاني وليس التسويق الرمزي الذي تحدثت عنه من منطلق احتمالات ولم تدرِ سعر الكتاب فقلتَ أنه ب 100 أوقية قديمة إلى 200أوقية قديمة! بالله عليك من أين أتيت بهذه المعلومة؟، يا أخي الكريم عليك أن تتثبت قبل أن تتحدث فأسعار الكتب في الأكشاك مضبوطة بمرسوم صادر عن مجلس الوزراء المنعقد يوم 27 سبتمبر 2016 يحمل رقم 173/ 2016 وهو المرسوم المنشئ لصندوق دعم النشر المدرسي وهو الذي بموجبه حُددت أسعار الكتب رمزيا بقيمة ثابتة هي 200 أوقية قديمة للابتدائية و300أوقية قديمة للإعدادية و400أوقية قديمة للثانوية، وهي للأمانة تساوي أحيانا (10%) عُشْرَ التكلفة الإنتاجية للكتاب.
وبالعودة إلى موضوع ضبط الكتب المسربة إلى السوق تم قبل الفترة التي تحدثت أنت عن وقعتها في اترارزة وزدناك بما حدث في انوكشوط؛ قبل ذلك كله ضبطت فرقة الدرك الموجودة عند أغشوركيت شاحنة كبيرة محملة بالكتب قادمة من إحدى ولايات الضفة وأحيلت القضية إلى محكمة ألاك وكان مصدر إرسال هذه الكتب جهة مؤتمنة حينئذ على التوزيع المجاني ولا صلة لها ولا علاقة بالمعهد التربوي الوطني، وأكد الشخص المضبوط فيها أنه مبعوث فقط وأن هذه الشاحنة لم تكن الأولى ولا الثانية وربما ما كانت لتكون هي الأخيرة لولا ضبطها!.
هذا شيء مما خفي وبالنسبة للمعهد التربوي الوطني يرفع الرأس عاليا، ويزيد الطود شموخا، كان على الذي عظَّم الخفي أن يأتي بما يدعم كلامه لا بما يسلبه قيمته، وعلى ذكر الدقة وهروبا من نقيضها واستمراء للتثبت والتحديد ورفضا للميوعة والكلام الفضفاض أعود قليلا إلى بداية مقال صاحبنا لأصحح له معلومة أخرى وردت في بداية مقاله تحدث فيها عن تاريخ إنشاء المعهد التربوي الوطني استعراضا كان في غنى عنه!، أخي الكريم المعهد التربوي الوطني لم يؤسس كما قلتم سنة 1973 أبدا، بل أنشئ تحديدا يوم 5أغسطس 1974 بموجب المرسوم رقم: 179-74 .
وفي الختام أعود على الشكر الذي وعدت به كاتبنا في بداية المقال؛ ذلك أنه أتاح لنا الفرصة لإنارة الرأي العام وتقديم المعلومات الدقيقة التي لا مطعن فيها ولا غمز ولا همز، وأدعوه في المستقبل إلى التثبت والدقة في ما يكتب، وأهديه مقولة يجعلها أمام عينيه دائما وهي (رب كلمة تقول لصاحبها دعني).      
 

أربعاء, 10/02/2021 - 12:17