الإجراءات الاحترازية.. "السياسة والاقتصاد" يربحان جولة في وجه "الصحة"

بعد طول ترقب؛ أعلنت الحكومة الموريتانية على لسان الوزير الأمين العام للحكومة، نياغ جبريل، تخفيف الإجراءات الاحترازية التي أعلنت عنها تباعا خلال شهر مارس لمواجهة احتمال انتشار فيروس "كورونا"، بعد تسجيل أول إصابة مؤكدة داخل البلاد مساء 13 مارس الماضي.

خمسون يوما منذ بدء الإجراءات أثمرت-بحسب الحكومة- أن البلاد لم تسجّل سوى بضع حالات، على عكس الدول المجاورة شمالا وجنوبا التي سجّلت المئات من الإصابات والوفيات.

ومع هذا التخفيف فإن رأس السياسة الصحية في البلاد يؤكد أن الخطر ما يزال داهما بل وأكثر مما كان عليه الأمر حين أُتخذت هذه الإجراءات. كما تؤكد الوزارة أنها لا يمكن أن تؤكد خلوّ البلاد من إصابات "صامتة" قد تنفجر في أي لحظة عندما تصل إلى الشريحة الأكثر هشاشة صحيا، كما حدث مع الحالة الأخيرة رقم 8. 

من الجليّ أن القرار الجديد لم يستند لوجهة نظر أو تقييم صحي، بل كانت العوامل السياسية والاقتصادية هي الأعلى صوتا حيث نجحت، هذه المرّة، في فرض نفسها بعد أن خسرت الجولة السابقة قبل أقل من أسبوعين لصالح وجهة النظر الصحية، وشاع حينها أن وزير الصحة رافع بقوة عن أطروحة "الصحة"، مذكرا زملاءه الوزراء بقرار سابق بعدم حجز ركاب الطائرة الفرنسية، التي حطت في مطار "أم التونسي" مساء 15 مارس، وما ترتب على ذلك لاحقا من تسجيل حالتي إصابة ترتبط إحداهما بمواطن عاد على متن تلك الرحلة، قبل أن ينقل العدوى لزوجته.

عوامل عديدة من بينها المدّة الطويلة نسبيا والتي أدّت إلى خسائر كبيرة للفاعلين الاقتصاديين وقبل ذلك ضغط المواطنين العالقين على الحدود وآخرين يرون أنفسهم عالقين في مدن وقرى الداخل ممنوعين من الصوم، كما اعتادوا، في نواكشوط، حيث المناخ أكثر لطفا مع حلول فصل الصيف.

قد تكون الحكومة أرادت بهذا القرار أن تخفّف الضغط عنها من جبهة التجار لتتفرّغ لمعالجة وضعية العالقين على الحدود وكذلك لتقييم مدى استجابة المواطنين للضوابط الصحية في حال اتجهت نحو إلغاء الحجر الصحي وهو أمر لا مناص منه في النهاية، خاصة مع التوجه العالمي للتعايش مع الفيروس، في ظل فشل منظومة المختبرات العالمية الراقية في إيجاد لقاح أو علاج للفيروس حتى الآن.

خميس, 07/05/2020 - 13:53