ما زالت البلبلة حائمة حول موقع التواصل الاجتماعي "تيك توك"، مترافقة مع جدل واسع بشأن ماهية عمل التطبيق.
والجديد اليوم، كشف عنه مشرفون سابقون في الشركة، وقالوا إن تيك توك كان أشبه بـ"سجن رقمي" يركز على مراقبة الموظفين، وأن الشركة كانت تركز على حماية صورتها العامة، منشغلة بذلك عن أدوات الحماية.
وكشفت المعلومات أيضاً، أن عشرات من المشرفين ممن استأجرتهم الشركة للتدقيق في المحتوى الذي أثار جدلاً واسعاً خلال الفترة الماضية، كانوا أجبروا على مشاهدة ما يصل إلى 1000 مقطع فيديو يومياً، خلال ساعات قليلة.
انتهاك خصوصية الأطفال
وحول اتهامات بشأن انتهاك خصوصية الأطفال التي فتحت حولها لجنة التجارة الاتحادية ووزارة العدل في الولايات المتحدة تحقيقاً، أفادت مصادر لـ"صحيفة التيلغراف"، أن تيك توك حثّ موظفيه على إعطاء الأولوية لرصد مقاطع الفيديو التي يمكن أن تضر بالصورة المناسبة للعائلة، بينما ترك الرسائل الخاصة التي تم الإبلاغ عنها.
بالمقابل، تقول تيك توك إنها أدخلت العديد من التحسينات على سياسات سلامة الأطفال في الأشهر الأخيرة، وأنها تتعامل مع رفاهية موظفيها على أنها "بالغة الأهمية".
وحصلت تيك توك على شعبية واسعة جداً بين الأطفال، ففي الشهر الماضي، أفادت الإحصائيات بأن نصف الأطفال البريطانيين الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و15 عاماً يستخدمون التطبيق بانتظام، على الرغم من أن الحد الأدنى الرسمي لعمر المستخدم هو 13 عاماً، فقد انتشر بشكل خاص بين الفتيات الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و12 عاماً.
كما أصبح لدى الشركة حتى اليوم ما يقارب مليار مستخدم في جميع أنحاء العالم، وسط تحذيرات من أن التطبيق بات يجذب عددا من المجرمين من مغتصبي الأطفال الذين اعتبروا التطبيق وسيلة للعثور على مبتغاهم من الأطفال والتواصل معهم.
إلا أن تحذيرات كثيرة كانت أطلقت تفيد بأن التطبيق أصبح أرضاً خصبة لتعليقات بذيئة انتشرت مقاطع فيديو أظهرت رقص أطفال المدارس، فيما نما استعمال التطبيق بشكل كبير أثناء فترة إغلاق الدول بسبب كورونا.
كيف تعاملت الشركة مع تدفق المستخدمين؟
في السياق أيضاً، كشف المشرفون السابقون في تيك توك، عن كيفية تعامل الشركة مع تدفق المستخدمين الجدد والنشاط الذي نما بشكل كبير مؤخرا، موضحين أنه وفي عام 2018، دخل تيك توك إلى المملكة المتحدة وبدأ بتوظيف جيش من العملاء خارج الصين، ومقرهم الرئيسي في بريطانيا وأميركا.
وأضافوا أنه عندما تم تعيينهم قيل لهم في البداية إنهم سيشاهدون ما بين 100 و400 مقطع فيديو في اليوم، ولكن في الواقع كشفوا أنهم كانوا يشاهدون ما بين 1000 و1200، بهدف صارم هو الوصول إلى كل مقطع فيديو في غضون 15 دقيقة من يتم وضع علامة عليه.
وأدى ذلك إلى قيام المشرفين بمشاهدة مقاطع الفيديو بسرعة مضاعفة أو أربع مرات فقط للوصول إلى حصص الفريق، وفقًا للمصادر.
حسبة الشركة.. 1000 مقطع بـ 4 ساعات
فقد حسب التطبيق حسبة صغيرة، مفادها أنه بما أن مقاطع الفيديو الخاصة به في المتوسط 15 ثانية، فإن 1000 مقطع فيديو تعادل حوالي 4 ساعات عمل، وهو ما يتماشى مع معايير عبء العمل في صناعة التكنولوجيا.
كما أبلغ التطبيق المشرفين عن الحاجة إلى مشاهدة وإصدار أحكام على مقاطع الفيديو بلغات لم يفهموها إذ لم يكن لدى الشركة قسم لذلك البلد بالتحديد.
وقال أحدهم: "لقد كان الأمر مروعاً لأنك كنت تشعر بالضغط طوال الوقت. لقد طلب منا المسؤولون أن نخبر عما شاهدنا كل ساعتين أو ثلاث تقريبا، فكيف يمكننا ذلك؟"، مؤكداً أنهم وفي نهاية يوم العمل لا يستطيعون النوم أبداً لأن أغاني البوب القوية التي كانت ترافق الفيديوهات التي يراقبونها لساعات متتالية تبقى عالقة في أذهانهم، عدا عن مقاطع العنف التي كانت تتضمن حالات انتحار أو تعذيب لحيوانات.
استشارات للتعامل مع الضغوط
بالمقابل، عرضت الشركة ما أسمتها خدمات استشارية للمشرفين للتعامل مع الضغوط، إلا أنها بحسب المشرفين لم تكن ناجعة، مؤكدين أن بيئة العمل كانت موترة وكأنك تخضع لمراقبة طويلة لساعات.، وشرح أحدهم أن كان عليه الإخبار في كل مرة يذهب فيها إلى المرحاض أو يأخذ استراحة لتناول القهوة، وحتى في هذه الاستراحات البسيطة كانوا يبلغونهم أنهم ابتعدوا عن مكاتبهم لفترة طويلة جداً، مضيفاً: "لقد كان سجن رقمي، لأنك لا تستطيع أن تفعل أي شيء دون علم الناس".
فيما نفى تيك توك هذه الادعاءات، قائلاً إنه ليس من سياسة الشركة أن يسجل الموظفون ذهابهم إلى دورات المياه واستراحات القهوة على نظام العمل.
اتهامات بالتقاعس
يذكر أن تيك توك يواجه اتهامات بأن التطبيق الصيني لمشاركة مقاطع الفيديو القصيرة تقاعس عن الالتزام بالاتفاق المعلن في فبراير/شباط 2019، بخصوص حماية الأطفال.
إلى ذلك، كان "مركز الديمقراطية الرقمية"، وحملة "من أجل طفولة خالية من التجارة" وآخرون قد طلبوا في مايو/أيار الماضي من لجنة التجارة الاتحادية النظر في مزاعم عدم قيام "تيك توك" بحذف مقاطع الفيديو والمعلومات الشخصية لمستخدمين عمرهم 13 عاماً أو أقل كما تم الاتفاق عليه سابقاً.
العربية نت