في ذكرى اندلاع الثورات...ينفقون أموالهم ثم يغلبون

أحمدو الوديعة

كانت أكبر نقطة قوة في الثورات التي اندلعت في تونس، وتمددت عبر خريطة الاستبداد في بلدان العرب هي في الوقت نفسه أبرز نقاط ضعفها وهشاشتها ؛وهي كونها انطلقت من خارج دائرة التوقع فاستطاعت أن تحقق انجازات مذهلة في زمن قياسي.
 لكن أعداء الحرية سرعانما لملمو أوراقهم منخرطين في ثورة مضادة شرسة ما تزال إلى اليوم تحاول إعادة عقارب الزمن إلى ما قبل الرابع عشر من دجمبر٢٠١١.

لم يكن هروب بن علي وتنحي مبارك واختفاء القذافي قرارا عاديا في حسابات قوى محلية واقليمية ودولية عديدة، لذلك توحدت هذه الجهات في جبهة واحدة لوقف المد الثوري قبل أن يقتلع مصالحها بل ربما يقتلع وجودها، ويمكن أن نتحدث هنا عن  ثلاث قوى رئيسة
- أنظمة الحكم أوالدول العميقة التي راكمت مصالح وجرائم على مدى عقود قبل أن تجد نفسها مستهدفة بمد ثوري فكانت في طليعة المعنيين باعاقة المسار حتى تحمي مصالحها وربما ذواتها من دفع ثمن الفساد والاستبداد

-الكيان الصهيوني الذي استثمر كثيرا في أنظمة عربية حسبها كنزا استراتيجيا وسدا منيعا قبل أن يستيقظ على عروشها تتهاوى ويرث الحكم من بعدها حكام يمثلون في الميزان الصهيوني امتدادا لكتائب القسام وقوى المقاومة الفلسطينية.

وهنا كان طبيعيا أن يستخدم الصهاينة كل أدواتهم وخبراتهم وعلاقاتهم لوأد هذا التحدي الوجودي الذي ظهر من حيث لم تحتسب تقديراتهم الاستراتيجية
-أنظمة خليجية بنت شرعيتها على الدين وراكمت هي أيضا مصالح ومفاسد كثيرة على مدى عقود، وقد راعها ولوج دول  إسلامية محورية وجارة  لعالم الديمقراطية والحرية، ومما زاد من هلع هذه الأنظمة أن حملت صناديق الاقتراع حكاما يرفعون شعار الحل الإسلامي ويقدمون نموذج حكم إسلامي شعبي خاضع للمحاسبة وقائم على أساس الاختيار الحر على خلاف التدين المغموس في الفساد والتبعية ،والمحكوم بتحالفات عشائرية موغلة في التقليدية والتخلف.

من هذا الثلاثي الشرير تكونت النواة الصلبة لحلف الثورة المضادة فانخرطت في حرب شاملة على الثورة لم تضع أوزارها بعد ،رغم ما تواجه من اخفاقات وصعوبات، وهو حلف يمتلك أدوات خارقة تجعل هزيمته مهمة غير سهله؛ فهو يمتلك خبرة الدول العميقة وعلاقات ونفوذ الكيان الصهيوني في المشهد الدولي ومال وغباء  حكام الأعراب الأغنياء الأغبياء.

 ورغم شراسة هذه الأدوات وما عززها لاحقا  من أدوات طائفية وايديولوجية لم يفلح هذا الحلف في إخماد جذوة الثورة ؛ وها نحن ندخل العام  الثوري الخامس بدول عميقة مهترئة وكيان صهيوني يترنح من سكاكين انتفاضة القدس  وأنظمة أعرابية غارقة حد الودجين في حصاد ما اقترفت وتقترف  من غباء لقد انفق هؤلاء أموالهم وهي الآن عليهم حسرة وسيغلبون..
  #أرشيف_2016
 

سبت, 16/01/2021 - 12:04