منذ يوم الأربعاء ولا حديث في الشرق الأوسط سوى عن جديد التقارب التركي الإماراتي الذي تجسد في اللقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في زيارة هي الأولى من نوعها منذ 10 سنوات.
وأجمعت الصحافة العالمية على أن هذه الزيارة علامة فارقة ذات أهمية كبيرة على صعيد العلاقة بين الدولتين من جهة، وعلى صعيد المحاور المنقسمة التي اصطفت بها دول الإقليم خلال السنوات الأخيرة، وأن لها ما بعدها من ناحية التداعيات الإيجابية على منطقة الشرق الأوسط بأسرها.
لن اتكلم هنا عن الجانب الاقتصادي لهذه الزيارة نظرا لأن الجانب السياسي لها ينعكس على سياسة المحيط بأكمله، حيث يترقب الجميع إعادة العلاقات بين دول بعينها بغض النظر عن الملفات العالقة بينها، "وإن كانت كل دولة تتصرف وفق ما تمليه عليها مصالحها، في ظل إعادة ترسيم العلاقات بالمنطقة المتوترة سياسيا" منذ سنوات عديدة لأن التطورات المتسارعة تفرض على الجميع تصفير الأزمات.
من نافلة القول إن الإمارات تعيش في منطقة متوترة، ومن حقها أن تكون مشغولة بالصراعات؛ لأنها تتأثر بها إيجابيا وسلبا، ويمكن القول هنا أيضا أن الإمارات لم تغير سياستها الخارجية بل غيرت فقط أدواتها فسياستها تنطلق من ضوء ثواباتها ومصلحتها الوطنية، والحفاظ على وجودها كقوة إقليمية.
وبمعنى آخر فإنه وبسبب التحولات التي حدثت في المنطقة في أعقاب الربيع العربي، دخلت الإمارات في مواجهات مع بعض القوى الإقليمية، التي حاولت استغلال هذه التحولات لصالحها، مما دفع أبوظبي لعقد تحالفات مع مصر والسعودية والدخول في حرب اليمن.
وهي اليوم ليست وحدها في هذا التحول في السياسات الخارجية، وإن كانت سباقة في هذا التغير كونه أصبح توجها إقليميا.
لقد لاحظ المراقبون أن الإمارات وخلال الأسابيع القليلة الماضية مدت جسوراً مع كل من (دمشق وطهران وتل أبيب ونيو دلهي وموسكو وبكين وأنقرة وواشنطن) وهذا أمر يستوجب براعة دبلوماسية هائلة قل نظيرها في موازنة العلاقة مع كامل هذه العواصم لمبررات تختلف من حالة لأخرى وهي في الوقت نفسه لازالت تبني تحالفات استراتيجية مع مصر والسعودية وبالتالي أصبح ينظر في الميزان الدولي إلى الشيخ محمد بن زايد على أنه قادر على حمل الأوراق الدبلوماسية والاقتصادية والدفاعية سواء في لقائه بأردوغان أو مع أي مسؤول آخر وذلك لرغبة الشيخ محمد في أن تكون الأزمات في المنطقة شبه معدومة أو حتى معدومة بالكامل وهذا ما يفسر وصف بعض المحللين لنجاح تلك الزيارة بأنها أكدت أن الإمارات شريك الضرورة لأردوغان من دون أن تعتمد هي عليه.
وهنا يمكن القول إن نمو التقارب الدبلوماسي بين تركيا والإمارات العربية المتحدة، سيؤثر ولا شك في ذوبان الجليد الدبلوماسي في الأماكن التي تتعارض فيها مصالح تركيا والإمارات العربية المتحدة وسيمتد إلى السياسة الخارجية وسيكون له تأثير إيجابي في ليبيا وسوريا والعراق.
صحيفة الفايننشال تايمز وعلى لسان المحرر السياسي للشؤون الدولية في الصحيفة ديفيد غاردنر قالت: "تستخدم الإمارات قوتها في الجذب كسوق متقدم ومتوسع في الخليج مع الموارد للمساعدة في إعادة إعمار سوريا كما يضغط الاتحاد الأوروبي من أجل حل سياسي في سوريا عبر دستور جديد شامل".
أما روسيا، التي أنقذت نظام الأسد إلى جانب إيران، فتؤيد ذلك أيضا، مما يؤدي إلى آمال في غير محلها في أن تتمكن موسكو من الضغط على الأسد والوجود الإيراني في سوريا، والكاتب في صحيفة الفايننشال تايمز هنا يشير إلى التأثير الإماراتي العام لكل ما حصل من تطورات في الأسابيع الأخيرة.
لقد أثبتت الأيام أن السياسة الخارجية الإماراتية تقوم دائما على الواقعية وأن الإمارات تسعى إلى تحقيق الأفضل في ظل الظروف التي تحكمنا جميعا واليوم تدخل المنطقة عصرا جديدا عبر محاولة إيجاد الحلول السلمية للملفات الإقليمية الشائكة والخلافية، في ظل تقاطع المصالح في أكثر من جغرافيا ساخنة بدءاً من شمال سوريا وصولاً إلى ليبيا مروراً بشرق المتوسط والقرن الإفريقي.
وكما الامارات فقد أقدمت دول مجلس التعاون الخليجي على إعادة تشكيل سياستها الخارجية على أساس الاعتماد بشكل أقل على الحليف الأميركي في مواجهة التهديدات الأمنية لكل من إيران والإسلام السياسي والجماعات المتطرفة، والعوامل المزعزعة لاستقرارها الاقتصادي في عالم ما بعد كورونا
منذ يوم الأربعاء ولا حديث في الشرق الأوسط سوى عن جديد التقارب التركي الإماراتي الذي تجسد في اللقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في زيارة هي الأولى من نوعها منذ 10 سنوات.
وأجمعت الصحافة العالمية على أن هذه الزيارة علامة فارقة ذات أهمية كبيرة على صعيد العلاقة بين الدولتين من جهة، وعلى صعيد المحاور المنقسمة التي اصطفت بها دول الإقليم خلال السنوات الأخيرة، وأن لها ما بعدها من ناحية التداعيات الإيجابية على منطقة الشرق الأوسط بأسرها.
لن اتكلم هنا عن الجانب الاقتصادي لهذه الزيارة نظرا لأن الجانب السياسي لها ينعكس على سياسة المحيط بأكمله، حيث يترقب الجميع إعادة العلاقات بين دول بعينها بغض النظر عن الملفات العالقة بينها، "وإن كانت كل دولة تتصرف وفق ما تمليه عليها مصالحها، في ظل إعادة ترسيم العلاقات بالمنطقة المتوترة سياسيا" منذ سنوات عديدة لأن التطورات المتسارعة تفرض على الجميع تصفير الأزمات.
من نافلة القول إن الإمارات تعيش في منطقة متوترة، ومن حقها أن تكون مشغولة بالصراعات؛ لأنها تتأثر بها إيجابيا وسلبا، ويمكن القول هنا أيضا أن الإمارات لم تغير سياستها الخارجية بل غيرت فقط أدواتها فسياستها تنطلق من ضوء ثواباتها ومصلحتها الوطنية، والحفاظ على وجودها كقوة إقليمية.
وبمعنى آخر فإنه وبسبب التحولات التي حدثت في المنطقة في أعقاب الربيع العربي، دخلت الإمارات في مواجهات مع بعض القوى الإقليمية، التي حاولت استغلال هذه التحولات لصالحها، مما دفع أبوظبي لعقد تحالفات مع مصر والسعودية والدخول في حرب اليمن.
وهي اليوم ليست وحدها في هذا التحول في السياسات الخارجية، وإن كانت سباقة في هذا التغير كونه أصبح توجها إقليميا.
لقد لاحظ المراقبون أن الإمارات وخلال الأسابيع القليلة الماضية مدت جسوراً مع كل من (دمشق وطهران وتل أبيب ونيو دلهي وموسكو وبكين وأنقرة وواشنطن) وهذا أمر يستوجب براعة دبلوماسية هائلة قل نظيرها في موازنة العلاقة مع كامل هذه العواصم لمبررات تختلف من حالة لأخرى وهي في الوقت نفسه لازالت تبني تحالفات استراتيجية مع مصر والسعودية وبالتالي أصبح ينظر في الميزان الدولي إلى الشيخ محمد بن زايد على أنه قادر على حمل الأوراق الدبلوماسية والاقتصادية والدفاعية سواء في لقائه بأردوغان أو مع أي مسؤول آخر وذلك لرغبة الشيخ محمد في أن تكون الأزمات في المنطقة شبه معدومة أو حتى معدومة بالكامل وهذا ما يفسر وصف بعض المحللين لنجاح تلك الزيارة بأنها أكدت أن الإمارات شريك الضرورة لأردوغان من دون أن تعتمد هي عليه.
وهنا يمكن القول إن نمو التقارب الدبلوماسي بين تركيا والإمارات العربية المتحدة، سيؤثر ولا شك في ذوبان الجليد الدبلوماسي في الأماكن التي تتعارض فيها مصالح تركيا والإمارات العربية المتحدة وسيمتد إلى السياسة الخارجية وسيكون له تأثير إيجابي في ليبيا وسوريا والعراق.
صحيفة الفايننشال تايمز وعلى لسان المحرر السياسي للشؤون الدولية في الصحيفة ديفيد غاردنر قالت: "تستخدم الإمارات قوتها في الجذب كسوق متقدم ومتوسع في الخليج مع الموارد للمساعدة في إعادة إعمار سوريا كما يضغط الاتحاد الأوروبي من أجل حل سياسي في سوريا عبر دستور جديد شامل".
أما روسيا، التي أنقذت نظام الأسد إلى جانب إيران، فتؤيد ذلك أيضا، مما يؤدي إلى آمال في غير محلها في أن تتمكن موسكو من الضغط على الأسد والوجود الإيراني في سوريا، والكاتب في صحيفة الفايننشال تايمز هنا يشير إلى التأثير الإماراتي العام لكل ما حصل من تطورات في الأسابيع الأخيرة.
لقد أثبتت الأيام أن السياسة الخارجية الإماراتية تقوم دائما على الواقعية وأن الإمارات تسعى إلى تحقيق الأفضل في ظل الظروف التي تحكمنا جميعا واليوم تدخل المنطقة عصرا جديدا عبر محاولة إيجاد الحلول السلمية للملفات الإقليمية الشائكة والخلافية، في ظل تقاطع المصالح في أكثر من جغرافيا ساخنة بدءاً من شمال سوريا وصولاً إلى ليبيا مروراً بشرق المتوسط والقرن الإفريقي.
وكما الامارات فقد أقدمت دول مجلس التعاون الخليجي على إعادة تشكيل سياستها الخارجية على أساس الاعتماد بشكل أقل على الحليف الأميركي في مواجهة التهديدات الأمنية لكل من إيران والإسلام السياسي والجماعات المتطرفة، والعوامل المزعزعة لاستقرارها الاقتصادي في عالم ما بعد كورونا.
المصدر : اسكاي نيوز عربية