هل يمكننا التعايش مع الزلازل؟

فايز أبو شمالة

الخوف من المجهول، هذا هو العقاب القاسي الذي يربك حياة الإنسان، فالخائف من قادم الأيام يعيش القلق بمعانيه الغريبة والمربكة، القلق الذي يفرز التوتر الحزين، والتقلب يميناً وشمالاً دون وعي، والتحسب لشر مستطير، والإنسان القلق يسيء الظن بكل شيء، وينتظر الأسوأ، فهو مسكون بالرعب من المجهول، له قلب يخفق، وعيون لا تنام، وأعصاب ثائرة منفعلة على مدار الساعة.
الخوف من المجهول سكن قلوب سكان منطقة شرق البحر المتوسط، ولاسيما بعد زلزال تركيا وسوريا، وبعد مشاهدة الناس المنكوبة، وأحوالها التي تخلع الروح، وتحطم الفؤاد، مشاهد تثير الخوف والفزع من المجهول، ومما تخبئه لنا الأيام من أحداث، ومما يختبئ لنا من مفاجآت خلف الدقائق والثواني، فالمجهول غريب ومخيف.

وقد زاد طين المنطقة بلة حدثان:
الأول: البيان الصادر عن هيئة رصد الزلازل الأمريكية، وفيه يحذر سكان فلسطين والأردن من وقوع زلزال مدمر، ولاسيما بعد حركة صفائح الأرض، جراء الزلزال الذي ضرب تركيا، حيث تم رصد موجات ضغط عالية جدا في الأرض، لم يتم تسجيلها من قبل.
فكيف يأخذ الناس حذرهم من زلزال؟ هل ينامون في الشوارع والمناطق الخالية؟ ام يختبئون تحت اللحاف، وهم يرتجفون من العاصفة، ويتوقعون في كل ثانية أن تميد بهم الأرض، ويفارقون الأحبة، ويحتضنهم المجهول؟
الثاني: ترافق مع التحذير الأمريكي لرصد الزلازل هزة أرضية؛ شعر بها سكان نابلس وطولكرم وجنين، وخرج آلاف الناس من سكان نابلس إلى الشوارع، بعد منتصف الليل، تحسباً لزلزال يشبه الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، وهذه ردة فعل عفوية، لا يلام عليها الإنسان، فهو حريص على حياته، ويجتهد في الدفاع عن بقائه على هذه الأرض.
ضمن هذه المشاهد من الخوف والترقب، تطل علينا من شقوق الحوف والقلق آية قرآنية، تقول للإنسان:
قل لن يصيبكم إلا ما كتب الله لكم.
آية لا تدعو إلى التواكل، بقدر ما تجيب على السؤال الحائر: ماذا نفعل وقت الزلازل؟ وكيف نتقي خطر الزلزال؟ والكثير من التساؤلات العاجزة، التي تقلب حياة الإنسان من الهدوء إلى الاضطراب.
قل لن يصيبكم إلا ما كتب الله لكم، فمن له حياة لن ينتزعها زلزال، ولن تدمرها القذائف، ومن جاء أجله لن تحميه الحصون المشيدة، ولا الاحتياطات الأمنية المشددة، ولن يشفع له الحذر، وقد يكون الشعب الفلسطيني صاحب تجربة في هذا الشأن، وقد شاهد القذائف الإسرائيلية تصيب هذا الذي التجأ إلى بيته طلباً للسلامة، وتخطئ ذاك الذي تصدى بصدره للسلاح.
وما أحوجنا كبشر في وقت الشدائد أن نستسلم للأقدار، وأن نطرد الخوف، وألا نحلق في الخيال مع مناظر الدمار والجوع والبرد والفراق!
وما أحوجنا كبشر أن نغمض العين على آية من قرآن، تهمس في قلوبنا: فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعهم من جوعٍ، وآمنهم من خوف، آية من قرأن، نبيت معها آمنين، ونحن نضع الرأس على الوسادة، بعد أن أوكلنا أمرنا إلى الخالق، وهذا الشعور بالتوكل خير ألف مرة، من العيش في قلق وفزع، والترقب لشر لا يراه الإنسان، ولا يستطيع تقديره، ولا يقدر على مواجهته.

نقلا عن رأي اليوم 

خميس, 09/02/2023 - 16:28