التموضع العربي حول دمشق

عمر غفير

مما لاشك فيه أننا عندما نقرأ في استراتيجيات الدول أن نتقيد بمبدأين أساسيين لفهم ماهية تلك الاستراتيجية أو لنعرف ما إذ كانت فعلاً استراتيجية أم تكتيك زمني فعلي مؤقت وهو بالنظر لعامل المصلحة وابعادها ولعامل الواقع كما هو وليس كما يجب أن يكون وهذان المبدأن هم من المبادئ الأساسية في علم السياسة وأننا إذ نريد أن نُفصل ونقرأ بسردية الأحداث والتطورات المتلاحقة بملف العلاقات العربية الآسيوية والأفريقية كيف اتجهت كل تلك المسارات العربية في سياقاتها المختلفة نحو دمشق في استدارة دبلوماسية قلما نجدها في قرائتنا لأنماط العلاقات الدولية البينية أو الجمعيّة وهذا بحد ذاته ثابتاً يؤكد ماقلناه في مادة سابقة نشرت لي بعنوان (الحلف الآسيوي المتين.. وأين هي الصين) الذي ذكرت فيه نقاط وتحولات عميقة الجوهر أنتجها هذا الحلف، والجدير بالذكر أيضاً أن تطوراً في الفعل السياسي الصيني بالمنطقة أنتج تقارباً إيرانياً _ سعودياً خفف من حجم ضغط اللحظات الأخيرة ماقبل الانفجار فنتج عن هذا التحول المنمذج ايديولوجياً وسياسياً وعلى اصعدة مختلفة نوعاً من البرديم العربي الجديد الذي لحظناه في مساق التفاعلات مع قضايا عربية معاصرة كقضية السودان والقضية الفلسطينية واليمنية وأهم تلك القضايا هي القضية السورية ولماذا هي الأهم؟
لأن القضايا المختلفة قد برز فيها دور عربي فاعل وجدّي بغض النظر عن صحته ولكن بقضية سورية لم تكتفي الظواهر السلوكية العربية بالتعاطي الجدي وحسب وإنما في التبدل المفصلي والجوهري بالتعاطي فالميزة والأهمية تكمن في جمع الجدية وجوهرية التبدل في وقت واحد وفي إجماع شبه كلي بالمنظومة العربية.

إن التفصيل في سردية الأحداث العربية الدائرة تجعلنا نستنتج السبب وراء مجمل الأحداث وبالمحصلة الطبيعية سينتج لدينا مفاعيل هذا التموضع ومآلاته وسينتج حتماً جملةً من المخرجات أو النواتج المحققة لمعادلة التركيب العربي الآسيوي والأفريقي، تركزت خلاصة تلك المخرجات في القمة العربية المنعقدة في جدة التي أضاءت على حجم التمثيل الهام لدمشق ضمن بنيتها كقمة للقادة العرب وكمنظمة جامعة للدول العربية على حد سواء فأشارت هذه القمة إلى ماذكرناه سابقاً وكانت كدرّة التاج في صقل الرؤية الاستراتيجية لدول المنطقة.
الجدير بالذكر أن نرسم لهذا البعد العربي الذي يتشكل حوامل موضوعية تساعده على الاكتمال
أولاً : استثمار البيئة الحالية في رسم خارطة طريق استثمارية واقتصادية ضمن فضاء تنموي مستدام
ثانياً :تعزيز فرص التقارب السياسي لتكوين رأي عام عربي وشعبي ورسمي حيال قضايا المنطقة وتخلق حالة من التوازن في وجه التناقضات الدولية، ومحصلة التلاقي وصنع التوازن وتكوين الرأي العام هو إعادة لقراءة ماسبق علينا أن بحثنا به مراراً وأُلفَت حوله العديد من المجلدات والكتب والأبحاث والرؤى وهو جوهر العروبة وحيوية العروبة والجسم العربي الذي نريد بشكله، الواقعي الملائم القابل للطرح بعيداً عن صيغ الشوفينية وصيغ المصلحة البحتة ومواجهاً للأخطارالمحيطة بجوهر المفهوم وتكوينه وبنية مجموعه البشري وطبيعته لأن رياح التفتييت والتمزيق قد مرّت على هذه المنطقة وصَنعت ماصَنعت بها وهي بالنهاية أهداف وغايات وإملائات أجنبية قد وضحّت حولها الرؤية ولو بعد وقت متأخر.

نقلا عن رأي اليوم 

جمعة, 26/05/2023 - 14:37