زوم الصحراء (45).. في السنغال: من يكون خليفة ماكي صال ..؟

خمسة أشهر فقط قبل الانتخابات الرئاسية في أحد أهم البلدان في الغرب الإفريقي، وأكثرها استقرارا سياسيا، وأعرقها تجربة ديمقراطية؛ والبلد لم يعرف بعد أسماء أبرز المشاركين في السباق بشكل قطعي بفعل أزمة سياسية يخشى مراقبون أن تكون تأثيراتها غير مسبوقة على بلاد التيرنغا.
من يكون خليفة الرئيس السنغالي الحالي ماكي صال ذاك هو السؤال الذي تسعى (زوم الصحراء) لتقريب صورته؛ والتدقيق في خيارات إجاباته؛ وفق المعلوم والمتوقع من معطيات وتسريبات وتحليلات.

 

في خلفية الشغور 

لم يعهد السنغاليون الذين يفاخرون بعراقة ديمقراطيتهم وتجذر التناوب الديمقراطي في تجربتهم؛ أن تكون الانتخابات الرئاسية بهذا القرب (من المقرر أن تكون الانتخابات شهر فبراير القادم) ومرشح طرفي المشهد الأساسيين غير معروفين، وهي حالة تعود لمسار تشكلت ملامحه على مدى عشرية حكم الرئيس الحالي ماكي صال حيث:

✔️ ظل الرئيس على مدى سنوات يحاول تمهيد الأرضية للترشح لولاية ثالثة، وسلك لذلك سبلا شتى منها تقليص المأمورية من سبع سنوات لخمس، وبرغم حصوله على فتوى رسمية من المجلس الدستورى تبيح له الترشح على أساس عدم رجعية القانون؛ لكن الرفض الواسع للفكرة الذي تم التعبير عنه بشكل قوي في الانتخابات التشريعية العام الماضي؛ جعله يرضخ في النهاية للانسحاب المتأخر من السباق ليجد نفسه في مواجهة خيارات صعبة لتحديد من يخلفه من معسكره.

✔️ وفي الضفة المعارضة يتهم معارضون ونشطاء مجتمع مدني في السنغال ماكي بتجريف المشهد من كل المنافسين المحتملين؛ ابتداء بخليفة صال ثم كريم واد؛ وصولا لعثمان سونكو، وهي تهمة يرد عليها أنصار الرئيس الحالي بالقول إن الذي جرف هؤلاء هو ممارساتهم التسييرية والأخلاقية غير المناسبة.
وفي المحصلة فنحن الآن في مشهد يوجد فيه زعيم المعارضة الذي حل ثانيا في آخر انتخابات رئاسية وراء القضبان مدانا بتهم  تمنعه من المشاركة في السباق القادم؛ وفق أرجح التقديرات القانونية والسياسية.

 

خيارات ماكي

 منح الحزب الحاكم وتحالف الأغلبية الرئيس ماكي صال صلاحية اختيار مرشح للأغلبية الرئاسية خلفا له، وهي مهمة إن بدت نظريا أقل تعقيدا من ترك الأمر في التداول داخل المؤسسات الحزبية؛ لكنها في الواقع ليست كذلك فالتنافس قائم على أشده بين المرشّحين الذين أعلنوا ترشحهم، مثل:

☑️ وزير النقل البري منصور فاي، صهر الرئيس 

☑️ ووزير الزراعة آلي انداي 

إضافة إلى المرشحين الأوفر حظا وفق مصادر الصحراء :

☑️ الوزير الأول الحالي آمادو با 

☑️ والوزير الأول السابق محمد عبد الله ديون 

☑️ ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي آبدولاي دوادا ديالو.

ومما زاد من صعوبة مهمة ماكي في اختيار خليفته تطورات الأوضاع في الاقليم؛ فالسنغال في صدارة دول السي دآو الرافضة للانقلاب الذي أطاح ببازوم في السادس والعشرين من شهر يونيو الماضي، ومن أكثرها تحمسا لتدخل عسكري يفشل الانقلاب، وهي حالة وجد فيها ماكي تعلة لتسويغ تأخر اختيار "الخليفة" بالانشغال في الملف النيجري، وإن كان السبب العميق ربما هو الخشية من تداعيات محتملة لعملية الاختيار على الاستقرار الهش في البلد الذي عرف خلال السنتين الأخيرتين مواجهات عنيفة بين أنصار سونكو والسلطات الأمنية.

 

.. وخيارات المعارضة

ليس ماكي من يواجه صعوبات في اختياراته في الانتخابات القادمة؛ فالمعارضة التي يوجد أبرز مرشحيها وراء القضبان تعيش حالة تشرذم غير مسبوقة:

☑️ فحزب "باستيف" الذي حظر وأدين زعيمه يواجه انقسامات وانسحابات؛ وتقول أحدث التسريبات من قمرة قيادته إن خيار تقدم رئيسه المعتقل للسباق الرئاسي ما زال خيارا مطروحا في انتظار قرار من الجهات القضائية التي تقدم أمامها محامو المعارض العنيد بطعن يسعى لتثبيت اسمه في القائمة الانتخابية بما يسمح له بالترشح .

☑️ أما إدريسا سك الذي يراهن أنصاره على أنه الرئيس القادم للسنغال؛ فهناك من يرى أن ماضيه المتذبذب؛ وقوة الانقسام بين أنصار ماكي؛ وسونكو يجعل حلمه في دخول قصر الحكم بالسنغال ليس سالكا كما يحلم أنصاره و "مريدوه".

ومع أن الترتيبات "القانونية" اكتملت لفتح الطريق أمام كل من:

☑️ عمدة بلدية دكار السابق خليفة صال.

☑️ وكريم واد (نجل الرئيس السابق).

لكن لايظهر حتى الآن أن أيا منهما ذا حظوظ تذكر  اللهم إلا في ترجيح كفة مرشح السلطة في حال حصول تحالف معها وهو أمر غير مستبعد؛ خصوصا بالنسبة لكريم واد.

 

 

وفي المحصلة
يظهر من معطيات ومؤشرات مشهد السياسة في السنغال أن الانتخابات القادمة بما يكتنفها من استقطاب داخلي وخارجي قد تكون الأصعب في تاريخ البلد، وأن خيارات ماكي صال وعثمان سونكو في من "يخلفهما" في النزال ستكون حاسمة في تحديد من يكون الرئيس الرابع لجمهورية السنغال

أربعاء, 30/08/2023 - 09:39