زوم الصحراء .. الرئاسة الموريتانية للاتحاد الافريقي.. الفرص والتحديات

المصدر: الصحراء

رسميا تسلم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الرئاسة الدورية للاتحاد الافريقي في الدورة السابعة والثلاثين التي اختتمت مساء اليوم بأديس ابابا، بعد ترشيح دول الشمال الإفريقي لموريتانيا لرئاسة الاتحاد خروجا من إشكالات وتباينات حادة خصوصا بين المغرب والجزائر بسبب الموقف من القضية الصحراوية.

تتسلم موريتانيا رئاسة الإتحاد في ظروف تشهد فيها القارة أزمات حادة، ويشتد الصراع فيها وعليها، كما يمر العالم بمخاض تشكل تعددية قطبية، تظهر آلامه واعراضه حروبا ونزاعات على أكثر من جبهة وصعيد.

زووم الصحراء يدقق في أفق سنة الرئاسة الموريتانية للاتحاد؛ فرصه وتحدياته. 

 

والقمة تنعقد..

هي قمة عادية بمعنى انعقادها في وقتها؛ ولكن السياق الذي تتم فيه وحجم الفرص والتحديات جعل الاهتمام بها كبيرا:

✔️ فإفريقيا تشهد خلال السنوات الأخيرة عودة قوية للانقلابات بعد أن ظن قادتها والمؤمنون بالديمقراطية فيها أنها ودعتها إلى غير رجعة.

✔️ وإفريقيا في جوهر التنافس الدولي في عالم تتشكل الأقطاب فيه بسرعة ويدرك المتنافسون أن القارة الافريقية وإن لم تحز بعد مقومات قيادة قطب دولي، لكنها  قطب الرحى في ترجيح هذه الكفة؛ أو تلك وهذا ما يفسر ظاهرة التسابق للتوأمة مع إفريقيا في القمم (القمة الافريقية، الأمريكية، القمة الروسية الإفريقية، القمة الأوروبية الافريقية، وأخيرا القمة الافريقية العربية الإسلامية..)

✔️ وقبل هذا ومعه للقارة إشكالاتها في التنمية والحكامة؛ وفي مقدمتها التعليم الذي انعقدت القمة الحالية تحت شعار معبر عن الحاجة له والرهان عليه سبيلا لتحقيق رؤية إفريقيا 2063 التي يسابق الأفارقة الزمن لتحقيقها لضمان أخذ القارة مكانتها التي تستحق بفعل موقعها وما تختزن من ثروات وطاقات بشرية ومادية وفيرة.

✔️ والقمة تنعقد والعالم يشهد عدوانا وحرب إبادة غير مسبوقة على الشعب الفلسطيني، وإفريقيا ذات التاريخ المشهود في محاربة العنصرية تتصدر مواجهة  هذا العدوان من خلال الدعوى التي رفعتها جنوب افريقيا على الاحتلال أمام محكمة العدل الدولية. 

 

فرص الرئاسة الآن..

في هذا الواقع توجد أمام موريتانيا فرصا لتحقق مكتسبات مهمة خلال رئاستها الدورية:

✔️ فحفاظها على موقف الحياد في أغلب النزاعات وخصوصا في منطقة الساحل والصحراء التي باتت بؤرة توتر كبيرا يجعلها مرشحة لتسمع من الجميع ويسمع منها وهذا ما يمكن أن يفتح أفقا للدبلوماسية الافريقية لتكون أكثر فعالية في حل النزاعات البينية.

✔️ وابتعادها الجغرافي عن أزمات القرن الإفريقي قد يساعدها على أن لا تكون محل "اتهام" وهي وضعية تسمح في المحصلة بما يسمح به موقف الحياد.

✔️ ثم إن استشعار الأفارقة عموما لضرورة مبارحة موقع التبعية وضع استراتيجي يتعزز باستمرار، ويجعل من القارة مرشحة في المستقبل ليس لأن تكون قارة ترجيح في الصراعات الدولية بل قارة فعل وقيادة ومبادرة.

✔️ ولاشك أن موقف موريتانيا التاريخي والراهن من القضية الفلسطينية يجعل رئاستها الآن للاتحاد فرصة للمضي قدما في قيادة القارة للضمير الانساني الرافض لحرب الإبادة، وتتعزز هذه الفرصة بوجود دول ذات موقف داعم بقوة للقضية تتصدرها جنوب افريقيا والجزائر ودول ذات تأثير يشهد موقفها تطورا إيجابيا تتصدرها نيجيريا وإلى حد ما كينيا واثيوبيا. 

 

وللرئاسة تحدياتها..

وأبرز التحديات التي تواجه الرئاسة الموريتانية الآن؛

✔️ بينية النزاعات فكون أغلب النزاعات في القارة هي نزاعات بينية يجعل القدرة على حلها ليست سهلة وحين ننظر في خريطة التوترات نجد الأمر شديد الوضوح:

- فبين اثيوبيا ومصر والسودان صراع على المياه عنوانه سد النهضة.

- ⁠وبين روندا والكونغو صراع بسبب اتهامات بدعم حركات تمرد ( حركة م 23)

- ⁠وفي الغرب والساحل صراع بين  الدول التي  تقودها مجالس عسكرية مدعومة من روسية وبقية الأنظمة في المنطقة.

- ⁠وبين المغرب والبوليساريو والجزائر صراع مفتوح يستعصي على الحل.

✔️ وثاني التحديات ظرفي مرتبط بأجندات الانتخابات فالعام 2024 عام انتخابات في الكثير من بلدان القارة، والانتخابات سبب أزمات وتوترات؛ وحديثا أصبحت حتى سبب انقلابات.

✔️ وبالطبع يبقى ثالث التحديات وأخطرها قوة التنافس على القارة، واتساع الفجوة بين رأي عام إفريقي ينزع للتحرر؛ وحالة نخبوية يغلب عليها الركون للواقع؛ وعدم الرغبة في "المجازفة " للانخراط في ديناميكية تغييره.

لقد تسلمت موريتانيا رئاسة الاتحاد بعد توافقات مهمة في الإقليم على  ترشيحها لذلك وهو ما يجعل الدبلوماسية الموريتانية أمام اختبار قاري فارق في ظرف بالغ الدقة والتعقيد.

اثنين, 19/02/2024 - 11:22