زوم الصحراء (61).. أزمة التكتل إلى أين..؟ (تحليل)

يؤكد طرفاها ثقتهم في رئيس الحزب وزعيمه أحمد ولد داداه، ولكن المؤشرات ومسار التجاذب يكشف عمق الأزمة داخل أعرق أحزاب المعارضة الوطنية، إلى الحد الذي جعل البعض يجزم أن حبال الوصل بين طرفيها تصرمت بشكل يصعب معه جسر الهوة والعمل ضمن إطار سياسي واحد.

 

 

الجذور العميقة
تفجرت الأزمة للعلن قبل أسبوع فقط؛ لكن جذورها ممتدة لسنوات وفق ما تتواتر مصادر جديرة بالثقة للصحراء:
✔️ بعضها يعود للمسار الذي اتخذه الحزب منذ العام 2005،  وجنح فيه برهة لمعارضة معتدلة بعد عقود من "الراديكالية"، قبل أن يتطور الأمر دعما لانقلاب 2008 واعتباره حركة " تصحيحية"، وهو الموقف الذي تم التراجع عنه لاحقا والعودة للمعارضة .
✔️ وبعضها له تاريخ أحدث مع وصول الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وتزكية زعيم الحزب له، ودعمه لمسار التهدئة الذي تبنته أغلب القوى السياسية الوطنية.
✔️ والركن الثالث الذي ربما مثل القشة التي تهدد بقصم ظهر حزب التكتل، كان الانتخابات الماضية بترشيحاتها ونتائجها، وما نتج عنها من مفاوضات انتهت لتوقيع ميثاق بين بعض أحزاب المعارضة والأحزاب الداعمة للحكومة.

 

لحظة  الانفجار 
كانت الوعكة الصحية التي ألمت بزعيم الحزب، وقادته لرحلة استشفاء نهاية العام المنصرم وبداية العام الجديد هي اللحظة الحرجة التي أخرجت الخلاف المزمن للعلن، وخصوصا بعد ظهور تفويض بإدارة الحزب لشخصية يبدو أنها من الشخصيات المحورية في حالة الخلاف الداخلي.
وما إن عاد الرئيس أحمد من فرنسا حيث تلقى العلاج حتى بدأ التعبير عن المكتوم، وارتفعت أصوات المحتجين على ما يعتبرونه "اختطافا للحزب من فريق لا يمتلك الأغلبية، وهي تهم ينفيها  الطرف الحائز على التفويض خلال رحلة العلاج، ويعتبرها مجرد مناكفة سياسية.
كانت البداية جدالا قانونيا حول تجاوز نواب الرئيس في التفويض إلى عضو في المكتب التنفيذي، وقد دفع طرفاه بحجج استظهرت بنصوص من نظم الحزب ولوائحه، لكنه تطور سريعا إلى دعوة لمؤتمر استثنائي، وعملية كسر عظم قاسية بدأت باتهامات باغلاق المقرات والحجر على الرئيس، وبلغت ذروتها مساء الثلاثاء بتدخل الشرطة لمنع أحد الأطراف من دخول المقر لعقد مؤتمر صحفي.

 

أطراف الصراع
بحسب المعلومات المتوفرة فقد تمايز التكتليون خلال هذه الأزمة  بين ثلاث كتل:
✔️ أولاها يقودها الأمين الدائم للحزب السيد إمام أحمد، وأمين الخزينة الأستاذ يعقوب جلو، وهي الكتلة التي حظيت بتفويض الرئيس خلال غيابه ويظهر أنها تحظى بدعم قوي منه حيث صدرت عدة بيانات وتصريحات باسمه تزكيها وترفع الشرعية عن من ينافسها.
✔️ وكتلة تضم قطاعا معتبرا من القيادات التاريخية للحزب تتصدرهم البرلمانية والقيادية التاريخية النانة منت شيخنا ولد محمد لقظف،  والقيادي محمد عبد الله ولد اشفغ وهي كتلة يظهر أنها تحوز على أغلبية في المكتب التنفيذي، كما أنها تدير إعلام الحزب مما أعطاها حضورا في الرأي العام وازن حضور الكتلة المقابلة التي حازت دعم الرئيس في بيانات مختومة وتصريحات مصورة.
✔️ وفي مقابل الكتلتين المتصارعتين على المقرات والبيانات والتصريحات هناك كتلة ثالثة منها من استقال وخرج كماهي حالة النائب السابق عبد الرحمن ولد ميني، ومنها من يعبر عن سخطه من خلال الصمت إذ يعتبر طريقة إدارة الصراع غير مناسبة؛ وخصوصا حين يتعلق الأمر بما يعتبره زجا بزعيم الحزب ورمزيته ورصيده المعنوي في صراعات يرى فيها جوانب شخصية ومصالح أكثر مما يرى فيها مواقف وتوجهات.

 

إلى أين..؟
لم تعد قضية الأزمة داخل حزب التكتل أزمة تقتصر متابعتها على التكتليين كما هو حال الأزمات التي تظهر من حين لآخر في هذا الحزب أو ذاك؛ وإنما أصبحت قضية رأي عام، ولعل ذلك يعود لتاريخ الحزب ورمزية زعيمه، وكذا للتوقيت بالغ الأهمية عشية انطلاق السباق الرئاسي، ومن هنا يفرض سؤال: "إلى أين؟" نفسه.
والذي يظهر حتى الآن أنها أمام أحد ثلاث سيناريوهات: 

1- سيناريو الانشطار؛ وهو ما قد يصفه البعض بإعادة التاريخ لنفسه، إذ سبق لحزب اتحاد القوى الديمقراطية/ عهد جديد، سلف حزب التكتل أن عرف حالة مشابهة في تسعينيات القرن الماضي.
لكن هذا السيناريو يبدو مستبعدا فطرفا الصراع متفقان على التمسك بالرئيس أحمد ولد داداه.

2- أما السيناريو الثاني فهو سيناريو نجاح محاولات رأب الصدع، وهو خيار لا تعززه الكثير من المؤشرات

.
3- سيناريو التعايش مع الأزمة: ما يعني أن الأزمة ستظل مفتوحة في انتظار أن تستجد معطيات جديدة؛ تعزز سيناريو المصالحة الذي يتمناه الكثير من أنصار الحزب الذين يعز عليهم متابعة فصول الخلاف المنذرة بنهاية لا تناسب ما يجمعون على وصفه "بالتاريخ الناصع ".

أربعاء, 03/04/2024 - 18:36