السفير الأمريكي يتحدث في مقابلة حصرية مع مركز الصحراء

مستقبل البلد والشراكة بين الدولتين

 

القـــوة المشتــركـــة بالساحـــــــل

 

الوضــــع الحقــــوقي في البــــــلاد

 

مداخيل موريتانيا من صادرات الغاز

 

حجم التجـارة ومستـوى العون للبـلد

 

أكد السفير الأمريكي في انواكشوط مايكل دودمان أنه متفائل جدا بشأن مستقبل موريتانيا في السنوات القادمة واصفا الشراكة الثنائية بين البلدين بالواعدة؛ وشدد السفير في مقابلة حصرية مع مركز الصحراء على أن الانتخابات الرئاسية القادمة بعد أشهر "ستكون بالغة الأهمية لتطور ديمقراطية موريتانيا" على حد وصفه. مضيفا بأنه مقتنع "بأن الازدهار والأمن الدائمين في موريتانيا، كما في دول العالم جميعا، يعتمدان على ديمقراطية أكبر واحترام أكثر لحقوق الإنسان والاعتناء بسيادة القانون. وفي تقديري ان الاعتماد على التقدم الذي قد حققته موريتانيا سابقا يعتبر مفتاح تحقيق مقدور البلد الكامل في هذا الشأن" على حد تعبيره.

وفي ملف الساحل والصحراء أشاد السفير بدور موريتانيا وثمن تشكيل القوة المشتركة وتوقع أن يكون الدعم الذي ستقدمه بلاده لهذه القوة "أكثر من 60 مليون دولارا" على حد وصفه.

وبخصوص التجارة والاستثمارات بين الولايات المتحدة وموريتانيا قال السفير إنها ظلت ضعيفة لكن الأمر تغير "ويعود ذلك جزئيا إلى أن اكتشافات الغاز الطبيعي في المياه الموريتانية على يد الشركة الأمريكية كوسموس"  مضيفا أن "تدفق التجارة ولاستثمارات بين الدول يعتبر محفزا مهما  للنمو الاقتصادي؛ عندما تأتي الشركات الأمريكية إلى دولة ما يخلقون الوظائف، ويطورون المهارات، ويسددون الضرائب ويدعمون المؤسسات المحلية" على حد تعبيره.

 وفي موضوع العبودية قارن الديبلوماسي الأمريكي موريتانيا بالولايات المتحدة قائلا" "فالولايات المتحدة، تماما مثل موريتانيا، ما تزال تتعامل مع إرث العبودية. فنظرا لتاريخنا تبقى حكومة الولايات المتحدة ومنظماتها غير الحكومية شغوفة بقضايا العبودية وتهريب الأشخاص وهو ما يجعلنا نواصل دعم وتشجيع جهود موريتانيا لضمان أن جميع مواطنيها لديهم الحرية ليعملوا ويعيشوا كما يشاؤون" على حد وصفه.

 

وهذا نص المقابلة:

 

1- تعيش موريتانيا الأيام الأخيرة من الفترة الثانية من رئاسة الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز، كيف ترون مستقبل البلد السياسي؟

دعوني في البداية أشكركم على الفرصة للحديث عن الشراكة بين الولايات المتحدة وموريتانيا، وأتشرف شخصيا بأن أكون هنا في بلدكم ممثلا الرئيس ترامب والحكومة والشعب الأمريكيين أمام الرئيس عزيز وحكومة وشعب موريتانيا. وبما أن موريتانيا تبوأت، تحت قيادة الرئيس عزيز، دورا أكبر في المنطقة، فإن الشراكة بين الولايات المتحدة وموريتانيا توسعت كذلك. إن عملنا في موريتانيا يرتكز على ثلاثة مجالات أعتقد جازما أنها مهمة لنجاح كل دولة: وهي الأمن والنمو الاقتصادي واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون. إن هذه العوامل مترابطة فيما بينها. وقد ساعدت الولايات المتحدة موريتانيا في جهدها لمواجهة التحديات في هذه المجالات بما في ذلك دعم الحكامة الديمقراطية. ولأن الديمقراطيات ومن بينها بلدي الذي يعتبر ديمقراطية قديمة لا تبقى دائما على حال فهي تتطور بشكل دائم. فكل انتخابات تساعد في صياغة ديمقراطية بلد بعينه. ودعوني هنا أكرر تصريحي الذي صرحت به الشهر الماضي أثناء تهنئتي للجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والحكومة الموريتانية على الانتخابات الأخيرة. إن انتخابات العام المقبل ستكون كذلك بالغة الأهمية لتطور ديمقراطية موريتانيا. وأنا مقتنع بأن الازدهار والأمن الدائمين في موريتانيا، كما في دول العالم جميعا، يعتمدان على ديمقراطية أكبر واحترام أكثر لحقوق الإنسان والاعتناء بسيادة القانون. وفي تقديري ان الاعتماد على التقدم الذي قد حققته موريتانيا سابقا يعتبر مفتاح تحقيق مقدور البلد الكامل في هذا الشأن.

 

2. ھل ﺗؤﻣن اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﮐﯾﺔ ﺑﺄن ﻗوة ﻣﺟﻣوﻋﺔ  الساحل  ﻗﺎدرة ﻋﻟﯽ ﺗﺣﻘﯾق اﻷﻣن ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل، وﮐﯾف ﺗﻘﯾمون ﻋﻣﻟﮭﺎ؟

هناك العديد من الأسباب الكامنة وراء عدم الاستقرار في منطقة الساحل. وهذا ما دفع الولايات المتحدة إلى أن تهنئ الرئيس عزيز وقادة الدول الأربعة الأخرى على قرارهم بمتابعة خطواتهم الموحدة في إطار مجموعة دول الساحل الخمسة. وكدليل على الدعم الأميركي، فقد عينتني حكومتي في الآونة الأخيرة كممثل دائم للولايات المتحدة لدى مجموعة الساحل. ونحن ننسق عن كثب مع الأمانة العامة لدول الساحل الخمسة الموجودة في نواكشوط. وهذا ما يعطي بعدا مهما لالتزامنا الثنائي مع موريتانيا.

بالنسبة للقوة المشتركة، دعوني أكون واضحا، إن الولايات المتحدة تدعم بشدة القوة المشتركة. ونحن حاليا بصدد الاستجابة للمتطلبات التي حددها أعضاء المجموعة لدعم الجيوش التي سيتم تخصيصها للقوة المشتركة ونتوقع أن يكون الدعم أكثر من 60 مليون دولارا. ودعوني انتهز هذه الفرصة لتهنئة الجنرال حننا على تعيينه قائدا لقوة دول الساحل الخمس المشتركة.

 

3- تلقى الكثير من المراقبين بسعادة تصريحاتكم التي أدليتم بها بعد تسليمكم لأوراق الاعتماد والتي تقولون فيها: (لدي قناعة راسخة أن السنوات القادمة ستمنح فرصا أكثر لترسيخ الروابط وخصوصا في مجال التعاون الاقتصادي). ماهي الخطوات التي تم اتخاذها في  هذا المجال لتجسيد هذ الخبر السار؟

تركزت الثلاثون سنة التي عملت فيها كدبلوماسي عموما على التنمية الاقتصادية. إن تدفقات التجارة ولاستثمارات بين الدول تعتبر محفزات مهمة للنمو الاقتصادي. عندما تأتي الشركات الأمريكية الي دولة ما يخلقون الوظائف، ويطورون المهارات، ويسددون الضرائب ويدعمون المؤسسات المحلية. لقد ظلت التجارة والاستثمارات ضعيفة بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية الموريتانية لكن الأمر يتغير. ويعود ذلك جزئيا إلى أن اكتشافات الغاز الطبيعي في المياه الموريتانية على يد الشركة الأمريكية كوسموس. وهناك العديد من الشركات الأمريكية الناشطة في هذا القطاع الان في موريتانيا. هدفي هو أن نرى نفس النوع من النشاط في القطاعات الأخرى. فقد استثمرت الشركة الأمريكية سيبورد هذا العام في النشاط الزراعي وأملي أن أرى ذلك في القطاعات الأخرى.

وأنا سعيد جدا بوجود شريك في هذه الجهود ممثلا بمنتدى الأعمال الأمريكي الموريتاني والذي تم إطلاقه رسميا هذا الشهر. ويتكون هذا المنتدى من رجال أعمال موريتانيين وسيدات أعمال موريتانيات هدفهم نسج علاقات استثمارية وتجارية بين موريتانيا والولايات المتحدة. وسنعمل عن قرب مع المنتدى خصوصا لتوفير المعلومات للشركات الموريتانية الصغرى والمتوسطة المهتمة بالفرص الاقتصادية في الولايات المتحدة.

وكما ذكرت سابقا، فالنمو الاقتصادي شديد الارتباط بالأمن وسيادة القانون. فجهودنا مع الحكومة الموريتانية والمجتمع المدني لتحسين الأمن والعدالة والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان جزء لا يتجزأ من أجندة تعاوننا الاقتصادي. فعلى سبيل المثال تحقيق تحسن في الحكامة الديمقراطية قد يدفع المؤسسة الأمريكية لتحدي الألفية إلى البدء في تنفيذ مشروعات في موريتانيا.

 

4- كيف تقيمون وضعية حقوق الإنسان وحرية التعبير في البلد بعد أشهر من العمل؟

حققت موريتانيا بعض التقدم تجاه أهدافها في هذه المجالات، لكن مازالت هناك تحديات. وأعتقد أن بناء بلد أكثر أمنا وازدهارا يحتاج إلى جهد مضاعف من طرف الحكومة والمجتمع الموريتاني لمعالجة هذه التحديات. تعمل الولايات المتحدة مع منظماتكم الحكومية وغير الحكومية لدعم التحسن في هذه المجالات، بما في ذلك تقديم التكوين لوسائل الإعلام. أما فيما يتعلق بموضوع العبودية الرئيسي، فالولايات المتحدة، تماما مثل موريتانيا، ما تزال تتعامل مع إرث العبودية. فنظرا لتاريخنا تبقى حكومة الولايات المتحدة ومنظماتها غير الحكومية شغوفة بقضايا العبودية وتهريب الأشخاص وهو ما يجعلنا نواصل دعم وتشجيع جهود موريتانيا لضمان أن جميع مواطنيها لديهم الحرية ليعملوا ويعيشوا كما يشاؤون.  

 

5- بعد مضي أشهر على تسليمكم لأوراق الاعتماد كسفير للولايات المتحدة في موريتانيا، ربما أصبح لديكم تصور واضح بشأن مستوى التعاون بين موريتانيا والولايات المتحدة. هل تعتقدون أن التقييم يرتقي إلى مستوى كل هذه السنوات من العلاقات بين البلدين؟

الشراكة تنمو. ويمكن رؤية الدليل على ذلك في مبنى سفارتنا الكبير والجميل. ودعني أضيف أنه وبداية من هذا التاريخ السفارة مفتوحة لمقابلات منح التأشيرات للموريتانيين الذين يودون زيارة الولايات المتحدة. وأنا متفائل بأن العمل مع شركاء مثل منتدى الأعمال الأمريكي الموريتاني سيستمر نمو مستوى العلاقات بين بلدينا.

 

6- في تقديركم، ما هو الملف الذي قطع خطوات معتبرة في مجال التعاون الثنائي بالمقاربة مع القطاعات الأخرى؟

شاهدنا في السنوات الأخيرة تركيزا أكثر على التعاون الأمني مقارنة مع مجالات التعاون الثنائي الأخرى. وأنا سعيد بأن التدريب والعون الأمريكيين ساعدا القوات الأمنية الموريتانية على منع حدوث هجمات. وأنا سعيد كذلك بأن تأسيس قوة دول الساحل الخمس المشتركة سيضيف بعدا جديدا لتعاوننا الأمني.

لكن كما ذكرت عملنا جميعا مرتبط. فالأمن والاستقرار الدائمان يحتاجان إلى مزيد من الفرص الاقتصادية والحقوق لجميع الموريتانيين.

 

7- يضع الموريتانيون آمالا عريضة على كميات الغاز التي تم اكتشافها مؤخرا والتي لعبت شركات أمريكية دورا فيه من الدرجة الأولى. ما هي التوقعات التي ترونها بشأن آثار ذلك على المواطن الموريتاني البسيط؟

يخلق اكتشاف الغاز في المياه الموريتانية فرصا جمة لموريتانيا وللموريتانيين. وأنا مسرور بأن الشركات الأمريكية شاركت في هذه المشاريع لأن شركاتنا هي الأفضل في العالم في هذا المجال.

ومن المتوقع أن تجني موريتانيا مليارات الدولارات من صادرات الغاز خلال العقود القادمة. فالقرار الذي تتخذه موريتانيا بشأن الكيفية التي سيتم وفقا لها إدارة واستثمار هذه الأموال سيحدد شكل الدولة لأجيال قادمة. وهذه فرصة ذهبية لموريتانيا لتستثمر في أهم مواردها ألا وهو شعبها. فالاستثمار بحكمة في التعليم والعناية الصحية والزراعة والقطاعات الأخرى التي تخلق الوظائف سيضمن أن كل موريتاني يستفيد من الثروة المعدنية. وستساعد هذه الموارد، إن استخدمت وفقا لمخطط تنموي بعيد المدى، في معالجة العديد من مخاوف موريتانيا الأكثر إلحاحا، بما في ذلك التشغيل والأمن الغذائي وآثار العبودية.

وبفضل حقول الغاز المذكورة تفكر العديد من الشركات الأمريكية الكبرى وغيرها في الاستثمار في موريتانيا. ولكي يتم مضاعفة هذه الاستثمارات الخالقة للوظائف، والتي ستمنح الاقتصاد تنويعا توجد حاجة ماسة إليه، من المهم أن تواصل موريتانيا تحسين مناخ الأعمال.

 

8- هل لديكم النية في رفع المساعدة والدعم الموافق عليهما من طرف حكومتكم لصالح موريتانيا في مجالات متعددة؟

تدعم برامج المساعدة مناطق عملنا الرئيسية في موريتانيا، وخصوصا، التعاون الأمني والتنمية الاقتصادية ودعم الديمقراطية والعدالة والحقوق. وأنا فخور بالعمل الذي نقوم به معا مع موريتانيا والشركاء الدوليين. فعلى سبيل المثال، زرت الشهر الماضي مناطق البراكنه وغورغول وكيديماغا للاطلاع على آثار ال 8 مليون دولار التي تقدمها الولايات المتحدة هذه السنة لمعالجة تحديات الأمن الغذائي وسوء التغذية. وقد دشنت هذا الشهر مع قائد الأكاديمية البحرية برنامجا تكوينيا جديدا حول مهارات الصيد لصالح الشباب.

لكن وبأمانة يكمن مستقبل العلاقات الموريتانية الأمريكية في تجارة واستثمار أوسع لافي العون الأجنبي. إن موريتانيا دولة غنية بالموارد الطبيعية وشعبها معروف في إفريقيا بحذاقته في مجال التجارة وخصوصا بالنظر إلى آفاق المداخيل الهائلة المتوقعة من المحروقات، أنا مقتنع أن موريتانيا لديها الموارد التي تحتاج إليها لكي تستثمر في شعبها وتضمن نجاحها على المدى البعيد، من دون أن تضطر إلى الاعتماد على المانحين الأجانب.

 

9- يواصل الموريتانيون إطلاق اسم كندي على منتجات مثل الألبان والزيوت. هل نحن على أبواب فترة زمنية في العلاقات بين حكومتكم وبين موريتانيا كما كان الأمر أثناء تدفق المساعدات الأمريكية وإطلاق الشركات الأمريكية التنقيب (برا وبحرا) بحثا عن البترول والغاز خلال ستينيات القرن الماضي.

بصفتي سفير الولايات المتحدة، أنا فخور بأن الولايات المتحدة، تحت رئاسة إيزنهاور، كانت أول دولة تعترف باستقلال موريتانيا وأن الرئيس كندي قدم مساعدات ساعدت الشعب الموريتاني في أيام الجمهورية الأولى. وبعد ستين سنة تقريبا، تغير الكثير عالميا وفي البلدين. فموريتانا تلعب دورا عالميا أكبر عاكسا موقعها عند تلاقي المغرب والساحل، وبفضل اكتشافات الغاز فمقدوركم الاقتصادي هائل. وشراكتنا إذا تتوسع لتعكس هذه الحقائق. وأنا متأكد أن هذه العلاقة ستتحدد قريبا بشكل أكبر حسب حجم التجارة وأقل بمستوى العون. أنا متفائل جدا بشأن مستقبل موريتانيا ومستقبل شراكتنا الثنائية.

 

أجرى المقابلة: د. محمد يحي أحمدناه

 

 

 

اثنين, 29/10/2018 - 14:15