
بعد إعلانها للعداء مع قطر يوم 5 يونيو، بدأت المملكة العربية السعودية تكثف الضغوط لإجبار الدول الإفريقية على الانضمام إلى معسكرها ومقاطعة قطر.
باستثناء مصر التي هي جزء من ائتلاف معاداة الدوحة وليبيا التي قاطعت من أول يوم؛ فإن ما لا يقل عن ثمانية بلدان من القارة قد امتثلت بالفعل، وعلى مضض، لأوامر الرياض وهي موريتانيا والسنغال والنيجر وتشاد والغابون وجزر القمر وموريشيوس وعلى مستوى أدنى جيبوتي. الملاحظ أن هذه الدول هي دول ضعيفة تعاني من ضائقة اقتصادية.
وسائل الضغط السعودية تتقدمها الأبعاد المالية، والمملكة تفضل دائما تقديم الدعم المباشر لرؤساء الدول على تقديم المساعدة إلى مشاريع التنمية؛ لكنّ ما يجعل النفوذ الجيوسياسي للمملكة الوهابية أكبر بكثير من نفوذ قطر هو البعد الديني: فالمملكة تبتز الدول بتآشر الحج إلى مكة المكرمة وحجم الحصص المخصصة لكل دولة.
لكنّ الملاحظ أن الدول الإسلامية الكبرى في أفريقيا، بدءا من نيجيريا ودول المغرب العربي المركزية الثلاثة (المغرب، الجزائر، تونس)، وأيضا السودان ومالي، اختارت عدم التورط في هذا الصراع، على الرغم من أن السعوديين يميلون على نحو متزايد للنظر على أن من ليس معهم فهو ضدهم. ربما لأنها لم تقدم سببا مقنعا لهذه المقاطعة؟ فإذا كانت قطر تدعم جماعة الإخوان المسلمين فمن الواضح أن المملكة العربية السعودية هي بطريقة أو بأخرى أم لكل الحركات الجهاديين. وإذا كانت الدوحة تمول الإرهاب الدولي فلماذا لم تندد بها أي دولة أوروبية أول الولايات المتحدة من قبل.
أصل هذا الصراع هو واضح يعود إلى رغبة قطر في الاستقلال ورفض الوصاية المطلقة للسعودية على دول مجلس التعاون الخليجي. فالسعودية تنظر إلى دول المجلس على أنها أداة في خدمتها ولا يسمح لأي عضو ممارسة دبلوماسية مستقلة، وهي الإطار الذي خرج عليه آل ثاني منذ عقدين من الزمن.
لذلك كان لا بد من "معاقبة" هذا البلد الصغير، الذي يحافظ حتى الآن على هدوءه في وجه الهجمة العنيفة التي يتعرض لها. صحيح أن ميزان القوى، مختل كثيرا لصال السعودية المدعومة من الثلاثي ترامب - نتنياهو - السيسي، مقابل إمارة لا يتجاوز عدد سكّانها 300 ألف نسمة (2.5 مليون بإضافة الأجانب). وقد أصدرت سلطات الدوحة بيانا رسميا لمواطني البلدان التي قامت بقطع العلاقات الدبلوماسية: بأنها لن تطرد أيا منهم، بدءا من مائتي ألف مصري وعشرات الآلاف من الموريتانيين ومن بلدان الساحل. لكنّ هناك شيئا واحدا مؤكدا وهو أن إفريقيا ليس لديها ما تكسبه في هذا الصراع.
ترجمة موقع الصحراء
لمتابعة الأصل أضغط هنا