قراءة

الشيخ معاذ سيدي عبد الله

عندما رثى البشير ولد امباريگي ( 1869 م - 1935 م) الشيخ سعدبوه ولد الشيخ محمد فاضل أورد في مرثيته الأبيات التالية :

ألا يا صحبتي عوجوا فحيُّوا == ربوعاً ما بمربضهن حيُّ

أيا ربعاً بذي البركات أقوى == وغودر في ثراكَ سنًا سنيُّ

فإما كنتَ شبرا فيكَ بحرٌ == وطود شامخ بدر بهيُّ

فذا القرآن يجمعه جفير == صغير الحجم تمثيل جليُّ

لكن البيتين الأخيرين فتحا عليه بابا لم يكن يتوقعه، حيث رماه بعض معاصريه بالردة، وقالوا بحضرة صديق للبشير :
" ينبغي للبشير أن يجدد عقده"..
فكتب الصديق إلى البشير ينبهه، ويقول له : " فادرأ عن نفسك، وهذه نصيحة لا نميمة"..

ولما وصلت الرسالة للبشير كتب إلى العلماء يقول : " سادتنا العلماء وفقكم الله، نلتمس جوابكم فيمن قال في مرثية رجل، مخاطبا لقبر بقوله :

فإما كنتَ شبرا فيكَ بحرٌ == وطود شامخ بدر بهيُّ

فذا القرآن يجمعه جفير == صغير الحجم تمثيل جليُّ

ومراده ضرب المثل، لإمكان ما ادُّعِيَ من احتواء الظرف الصغير على الشيء النفيس، مع علم هذا القائل أن ضرب المثل عند البيانيين أقسام ، والتشبيه لا يقتضي مماثلة كل مفردة من مفردات المشبه للمشبه به"..

وممن أجاب من العلماء حامدن بن محنض بابه بن اعبيد الديماني، ومحمد سالم بن ألما .. 
فقال حامدن : " إن مثل البشير لا يحمل كلامه إلا على أحسن محامله، وأبعدها عما يؤدي إلى الطعن، وقصد الاستدلال على إمكان احتواء حاوٍ صغير على عظيم القدر، وبيان ألا غرابة في ذلك بوقوعه في (الجفير ) الحاوي للقرآن العظيم البالغ من عظم القدر إلى حد لا يقدّر قدره"...

وقال محمد سالم : " تأملتُ بيتيْ العالم الأبر، الحاج، حامل كتاب الله تعالى وتاليه آناء الليل وأطراف النهار ، شيخنا البشير نفعنا الله ببركته وبركة علومه، فإذا أنا لم يظهر لي مما تُقوّل عليه قليل ولا كثير ، وما قلت هذا عن حسن خلق بل هو الذي عندي"..

جمعة, 31/01/2020 - 21:30