عن التسجيل والمباشر : 

الشيخ معاذ سيدي عبد الله

شخصيا : أعتقد أن اعتماد تسجيل اللقاءات الصحفية الرئاسية مسألة حصيفة وضرورية، فالرئيس هو واجهة البلد وهو الصورة التي يعتمدها الاعلام العالمي عن الوطن، وتصريحاته وحركاته وسكناته تشكل مادة اعلامية تراوح بين الاعجاب والتهكم بالنسبة للمتتبعين داخليا وخارجيا ...
ليس ضعفا ولا خوفا ولا خجلا إذا اهتم الرئيس بحديثه، وغربل كلماته، وانتبه لمصطلحاته.. بل إن على الرئيس وطاقمه الانتباه للتفاصيل الصغيرة بما فيها الشكل والهندام ونوع الجلسة ....
هذه التفاصيل الدقيقة معتمدة لدى جميع رؤساء البلدان التي تحترم نفسها ..ومن عاد لمذكرات الشخصيات التي كانت تتحمل المسؤولية الاعلامية للرؤاء سيطلع على بعض التفاصيل التي تشكل في نظره قمة المبالغة والاغراق ( أنظر مذكرات محيي الدين عميمور مع هواري بومدين ) مثلا..
ما قيمة أن يطلع العالم على حركة فاضحة لرئيس في بث مباشر، وأي شجاعة في طرد رئيس لصحفي على الهواء مباشرة، أو إصدار أمر تسلطي بأن أوقفوا البث ( اطفي) ..
لو عدنا إلى وسائط التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية العربية لوجدناها تتهكم على تصرفات كثيرة لرئيسنا السابق، كان عليه أن يحسب لها ألف حساب..
لقد تهكم علينا اعلامي لبناني حين خصص فقرة من برنامجه الساخر  لقرار الرئيس إيقاف مباراة نهائية عند الدقيقة 65..
وضجت القاعة وحضور البرنامج بالضحك وكانت صورةرئيسنا في زاوية الشاشة...
لقد تم التهكم على ما حدث في مؤتمر ( اطفي) على تويتر وفي القنوات التلفزية المختلفة..
وفي احدى القمم العربية الأخيرة امتلأ تويتر بالتهكم على خطاب رئيسنا، وكان بعض المغردين العرب يستخدمون هاشتاگ ( مطلوب معلم لغة عربية على عجل)...
وكان على الرئيس وطاقمه التدرب على الخطاب أياما قبل إلقائه، بل كان عليهم تنبيهه بأن تصرفاته العفوية أو المقصودة ستحسب عليه وعلى البلد الذي يمثل سيادته..
مثل هذه الفلتات هي التي تفرض على الساسيين والرؤساء في مختلف دول العالم تسجيل لقاءاتهم، بل إن بعضهم يشترط في اللقاءات المكتوبة أن يطلع على تحرير أجوبته قبل نشرها، خوفا من كلمة أو مصطلح قد يفتح عليه بابا من السخرية أو آخر من المتاعب الدبلوماسية التي هو في غنى عنها ..
قد يقول قائل : إن الهدف من التسجيل هو حذف الأسئلة المحرجة أو المداخلات المثيرة .. وهذا تخوف في محله، ولكني أعتقد أن أي صحفي طرح سؤالا، أو قام بمداخلة وتم حذفها من البث، لن يسكت على ذلك وبإمكانه أن يصرح بذلك ويعلنه للملأ ...وهنا سيضع القائمين على الأمر في حرج وورطة..
وملاك الأمر أن على الرئيس وغيره من المسؤولين أن يعمدوا الى تسجيل لقاءاتهم حتى يتحكموا في التصرفات والتصريحات غير الموفقة والتي ستجعل من البلد وصورته محط سخرية وتندر وتنكيت...
السياسة كياسة...

سبت, 07/03/2020 - 14:20