بين أحلام الظهيرة وكوابيس الليل!

محمد الأمين ولد الفاضل

(1)

"قلتها سابقاً وأكررها حالياً، سأحترم الدستور فيما يتعلق بعدد مأموريات رئيس الجمهورية"

الرئيس محمد ولد عبد العزيز في مقابلة مع "فرانس 24" تم بثها مساء السبت ونشرت صحراء ميديا مضمونها يوم الأحد الموافق 1 يوليو 2018.

(2)

"وأن الذين يتحدثون أن رئيس الجمهورية بعد عشرة أشهر أو بعد إحدى عشر شهر أنه ماش أنهم قطعا يحلمون أحلام الظهيرة وهم واهمون"

الناطق الرسمي باسم الحكومة في حديث مرتبك علق به على نتائج اجتماع مجلس الوزراء المنعقد يوم الخميس الموافق 19 يوليو 2018.

من خلال الفقرة 1 والفقرة 2 يمكننا أن نستنتج الآتي :

الاستنتاج الأول : أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز يحلم أحلام الظهيرة وأنه واهم حسب الناطق الرسمي باسم الحكومة.

الاستنتاج الثاني : أن أحد الرجلين : الرئيس أو الناطق الرسمي باسم الحكومة لم يصدق في قوله، ولا أريد أن أقول بأن أحدهما قد كذب كذبة قد بلغت الآفاق. فأي الرجلين لم يصدق في قوله؟ ذلك سؤال يجب أن يطرح على الوزير الناطق باسم الحكومة.

الاستنتاج الثالث : وهذا استنتاج غير مباشر، وهو الاستنتاج الأهم، ويقول هذا الاستنتاج بأن سبب هذا التناقض الملاحظ في الفقرتين 1 و2 هو حالة الارتباك التي يعيشها النظام، والتي ستزداد ظهورا كلما اقتربنا من العام 2019.

حالة الارتباك هذه ناتجة عن بعض التناقضات التي يعيشها النظام الحاكم والتي يمكن أن نجملها في النقاط التالية :

1 ـ أن الرئيس ولد عبد العزيز لا يستطيع الخروج من السلطة في العام 2019، ولا يستطيع في الوقت نفسه البقاء فيها من بعد انتهاء مأموريته.

2 ـ أن الرئيس ولد عبد العزيز نتيجة للضغط الخارجي والداخلي مجبر لأن يؤكد ـ ومن حين لآخر ـ بأنه سيترك السلطة، وكان تصريحه الأخير قد جاء حسب بعض المصادر استجابة لضغط فرنسي ربط زيارة الرئيس الفرنسي بتصريحات من هذا القبيل. والرئيس ولد عبد العزيز مجبر أيضا على أن يؤكد بأنه باق في السلطة بعد اكتمال مأموريته، وذلك مخافة أن تهجره موالاته من قبل اكتمال مأموريته الثانية، وقد بدأت تفعل ذلك، فحتى بعض أولئك الذين تم انتخابهم مندوبين لمؤتمر الحزب الحاكم الذي كان من المقرر أن يتم انعقاده في الأسبوع الأول من شهر أغسطس ترشحوا من أحزاب أخرى الشيء الذي قد يلغي أو يؤجل على الأقل موعد المؤتمر. لقد بدأ موسم الهجرة من الحزب الحاكم، ولعل اللافت هنا هو تلك اللغة الحادة التي تحدث بها وزير الداخلية الأسبق محمد ولد معاوية للإعلان عن خروجه من فسطاط داعمي الرئيس، فمثله يمكن أن يعارض في أي وقت، ولكن أن يستخدم من كان في سنه ومن كان في رتبته (وزير داخلية سابق) تلك اللغة الحادة، فلذلك دلالته الخاصة.

إن إعادة تثبيت صور صاحب مبادرة المأمورية الثالثة، وإن حديث الناطق الرسمي باسم الحكومة عن بقاء الرئيس، إن كل ذلك هو مجرد حركات بهلوانية في الوقت بدل الضائع، فالكثير من الداعمين قد أصبح ينقب عن الرئيس القادم الذي سيخلف الرئيس الحالي.

خلاصة القول إن الرئيس محمد ولد عبد العزيز يحلم أحلام الظهيرة عندما يفكر في البقاء في السلطة من بعد اكتمال مأموريته الثانية. أما في الليل فهو يعيش كوابيس مخيفة، وذلك لأنه يعلم بأنه مجبر على الخروج من السلطة من بعد اكتمال مأموريته الثانية.

وتبقى همسة في أذن الناطق الرسمي باسم الحكومة : إنك لتثير الشفقة حقا.

جمعة, 20/07/2018 - 23:55