سقوط الأقنعة

محمد الشيخ ولد سيد محمد

فشل"القطط السوداء"، وأصحاب "الخوذات البيضاء"؟
بذل الرئيس محمد ولدعبد العزيز جهودا مضنية خلال  احد عشر سنة وستة أشهر، أثمرت بناء منظومة استقرار تشد أنظار العرب والأفارقة  والأوربيين، وتروق لأبناء دول الساحل والصحراء.

قدم للحريات السياسية ، والإعلامية ، والأحزاب والكتل السياسية، ما سمح بتنظيم حوارات قننت وطبقت نتائجها بكل احترام ، وأتاح تنظيم حالة ابيومترية مدنية  لا جدال في نتائجها المثمرة، وتم  بوضوح تنفيذ أجندة المصالحة بين الزنوج والبيظان، وسويت بصمت أنواع من الجراح ، ورممت بلطف تلك الجرار.
تمكن البلد في عهده من بناء ديبلوماسية  جذابة، ساهمت في العمل على محاولة حل  النزاعات في ساحل العاج ووسط إفريقيا، وليبيا واليمن وغامبي، و حققت لموريتانيا استضافة قمم: عربية ، وافريقية،  وأمنية ناجحة.
وأرسي هذا النظام  بزعامته مقاربة تنموية، حققت أهم التوازنات الاقتصادية ، بعد ارث  خمسين سنة من اختلالات الهيكلة وإعادة الهيكلة، مرفودة بسياسات : مائية،وزراعية، ومعدنية، وطاقوية، ومدارس امتياز نموذجية.
الرجل مع ذلك يبقى  بشرا، و  اكراهات  الواقع  والمجتمع  التي  واجهت  مراحل  حكمه، كان  لها تأثيرها.، التي برزت خصوصا في أداء الفريق الحزبي وصنوه الحكومي.
سأذكر هنا ثلاثة قد تغري " القطط السوداء ،والخوذات البيضاء"،  أن تكون طعما جديدا لحرفيتهم المتجددة، في استهداف الناصحين .، والوشاية بأبناء المرابطين والملثمين
سمح الرئيس أولا للفريق الحكومي والحزبي، أن يشرف على إدارة الحوار، وحضر توقيع نتائجه، وأعطى  رسائل واضحة ، بأن قوانين هذا الحوار ستأخذ طريقها إلى المشرع وهو ما تم الوفاء به، رغم  التنازلات الخطيرة لفريق  الأغلبية السياسي ،وتدركون لعبة إسقاط  مجلس الشيوخ لتلك التعديلات،التي حاولت أطراف  من  الفريقين الحزبي الحكومي، والبرلماني  وخارجيا المافيوي، تدافع المسؤولية  عن الفشل الذريع في تمريرها، وسعت  بمكر لإحراج الرئيس بمخرجات مفاعيل تلك الأزمة.، التي كانت منتجا  أنتجوه.
هل هذه الخيانة وصراعاتها، تناسب المنجزات التي حققها فخامة الرئيس  بتضحيات كبيرة ، وبدعم  شفاف  من شعبيته ، وإخلاص تام من رجال أشداء في معركة الرحيل  أمناء في حفظ العهد  والمصلحة العامة ، بلا هرطقة وبلا رياء؟
سمح الرئيس ثانيا بإعادة الإصلاح، للمؤسسة السياسية التي بدا أن الحزب الحاكم  الذي يشكل رحاها ، مصاب بالشلل وموبوء بالخلافات.
ولهذا  الهدف النبيل ، أطلق الرئيس لجنة شباب من الحكماء، واستبشر أهل الأغلبية بمفاعيل الإصلاح، إلا أن مستوى الخيبة كان مخيفا، فقد كانت نتائج  انتساب المليون ومائة ألف منتسب من شتى الاتجاهات وعبر الطيران الحر الذي ابتدعوه عبر جغرافية البلد، مفجرا لأتون الصراعات ومتيحا لفن شراء الذمم، وأكل أعراض جنود الرئيس و الاستخفاف بالأهالى في كل صقع من أصقاع الوطن، وفجأة  أدرك  أصحاب اللعبة من الفريق الحكومي والحزبي المكلف  بالإصلاح والمثخن  بالضربات ، أن عقد مؤتمر بهذا الكشكول، يجب أن يؤجل بدعوى قرب الاستحقاقات الانتخابية الحال.
السؤال الجوهري هنا  واضح: الرئيس أعطاكم الثقة  ووفر لكم كل الضمانات المعنوية، بما فيها النزول إلى الميدان وتوجيه البوصلة، لماذا جرى ما جرى من إهدار الجهد وإغضاب شعبية الرئيس، ولماذا اخترتم أن تتحولوا من حكماء لفض النزاعات، إلى حلفين متصارعين ، تستغلان  الوسائل و  الثقة في تقوية مراكز نفوذكم، وما اسم هذا إن لم يكن  تلاعبا فجا، واستغلالا  متعمدا للنفوذ؟
وثالث  الانحرافات أو الجرافات، يتحمل الأحزاب في الأغلبية كامل المسؤولية عنها، فلقد منحكم الرئيس حرية الاقتراح الملزم لحكماء المستقلة للانتخابات ، وتؤكد لنا تجربة ساحل العاج، أن إنشاء لجنة من حكماء المستقلة من بين ممثلي  الأحزاب السياسية ، قاد في إفريقيا إلى نتيجتين مرتين هما:  فشل العملية السياسية، وتأجيج الحروب الأهلية.
إذ يفترض في أعضاء اللجنة المستقلة للانتخابات أن يكونوا حكماء، مؤهلين لفض النزاعات ، يمثلون كفاءات وتجارب مهنية نادرة، هي محل إجماع  وطني في الخبرة والنزاهة والعمر، وأن تكون أولوياتهم المحافظة على السلم الأهلي، وضمانات الاستقرار السياسي.
قد يكون اختيار الرئيس الجديد منطلقا لتصحيح هذا الخلل الكبير، فرئيس اللجنة الجديد، كان  قد غرد وهو محق  بأن اللجنة القديمة هي لأخيك وللشاة وللذئب،  قبل أن يؤدي اليمين.، ويخرج خرجته الإعلامية  الأولي ، التي طبعتها  اللغة الدبلوماسية.
والكل يجمع  اليوم  على  أن  الرضوخ للتوليفة الحالية، في تسيير المشهد  السياسي الوطني بممثلي قرابات رؤساء الأحزاب، لعبة مجلس شيوخ جديدة ، لعبة خطرة يشتم منها رائحة، إن لم يفز حزبي فلن أزكي هزيمتي...ماذا يسمي هذا إن وقع ظنا أو يقينا؟
وقبل  أيام أتاح فخامة الرئيس للفريق الحكومي والحزبي اقتراح من بين مليون ومائة منتسب، اختيار المرشحين
للعمد والجهويات والنيابيات واللوائح الوطنية، ممن تلتمس فيهم مؤهلات  الشعبية  والولاء   الحقيقي  غير المزيق ، فجأة اكتشف هؤلاء يقينا أن اقتراحاتهم، لم تؤد فقط غالى تدمير الانسجام الاجتماعي ، بل إن مصداقية  مليون منتسب ، التي طبلوا  كثيرا  لها ، اهتزت بسبب  ترشح مئات اللوائح المنسحبة من الحزب الحاكم الى  الأحزاب المعارضة ،  و100حزب من معلوم التشكيلات السياسية و مجاهيلها،  ورأيتم خرجت قيادات وازنة  من  جميع  مقاطعات  الوطن همشها أصحاب الخوذات الى الرئيس يشكون ظلم ذوي القربى ومن تولوا اقتراح وتمرير الترشحات .. أم يكن ذلك معلوم الثمن ، و مامعنى هذا في قاموس أكبر انتخابات تعددية  يشارك فيها كل من هب ودب، ونحن نحو انتخابات رئاسية بعد سبعة أشهر  حسب الأجندة المقررة؟
قلناها  مرارا الخيارات كلها كانت وستبقى بيد الرئيس المنتخب، وقائد تغيير أغسطس.، فهو من قارب وسدد
في وقت فضل بعض  السياسيين والمتنفذين أن يفرق ويبدد.
لكن لعبة "القطط السوداء"، وأصحاب "الخوذات البيضاء"،  لن تمر مهما حاولت أحزابها ومحتنكوها، تشتيت الأغلبية انتسابا وانتخابا، أو تحطيم  حصيلة الانجازات المشرفة ، التي تحققت في عشرية عاصفة، ثبت فيها من ثبت بصدق وأناة، وزل فيها قدم من زل بتكبر وصلف وعجرفة.

خميس, 26/07/2018 - 14:47