ألقى استهداف قيادات تنظيم القاعدة بشكل متكرر في مدينة أوباري جنوب غرب ليبيا، عبر غارات جوّية أجنبية، الضوء حول حقيقة تحول هذه المدينة إلى معقل آمن لتنظيم القاعدة في الجنوب الليبي.
وضرب صاروخان مساء الأربعاء، سيارة عند وصولها إلى منزل في حي شارب بمدينة أوباري، في غارة جوية تحمل بصمة أميركية، يرجح أنها قتلت قيادات في تنظيم القاعدة، حيث أظهرت الصور في وسائل التواصل الاجتماعي اشتعال النيران في السيارة المستهدفة وحطام المنزل الذي كانت رابضة أمامه.
وهذه ثاني ضربة جويّة تستهدف مدينة أوباري، ففي 24 مارس الماضي، نفذّت طائرة أميركية، غارة على منزل في حي الفرسان بمدينة أوباري كذلك، أسفرت عن مقتل القيادي في تنظيم القاعدة موسى أبو داوود، وشخص آخر، في عملية تبناها البنتاغون، وقال إنها تمّت بالتنسيق مع حكومة الوفاق الوطني.
وصارت مدينة أوباري هدفا للطائرات الأميركية وللقصف الجوّي، منذ أن تحولت إلى قاعده خلفية للإرهابيين والمهربين، حسب ما أفاد به مصدر عسكري بمدينة سبها "العربية.نت"، مرجعا ذلك إلى الانفلات الأمني، وعدم وجود يد ضاربة من حديد، لافتا إلى تورّط بعض أبناء المدينة في إيواء قيادات في تنظيم القاعدة في الأحياء السكنية الآمنة مقابل مبالغ مالية كبيرة.
وتقع مدينة أوباري عند تقاطع طرق الشبكات الإجرامية والتنظيمات المتطرفة التي دخلت ليبيا في السنوات الأخيرة بعد انهيار نظام معمر القذافي، وعلى مسافة متساوية تقريبا من حدود ليبيا مع النيجر وتشاد والجزائر ، وهي مدينة مفتوحة تجمع خليطا بين العرب وقبائل التبو والطوارق، تحيط بها صحاري خارجة عن سلطة الدولة.
هذا الموقع الجغرافي والخليط غير المتجانس في التركيبة الديمغرافية للمدينة، ساهم بشكل كبير في أن تصبح معقلا من معاقل تنظيم القاعدة.
وفي هذا الجانب، قال المصدر نفسه "عناصر تنظيم القاعدة لديهم وجود بالمدينة، بسبب المصالح المشتركة بينهم وبين تجار البشر والمخدرات والحاملين للسلاح، بالتالي فإن أكثر العناصر المتطرفة الموالية لهذا التنظيم تقطن بالمدينة، وغالبا ما يتردد قيادات القاعدة عليها لعقد اجتماعات فيما بينهم، وهذا الأمر تعلمه حتى السلطات".
وتوّقع أن تشنّ الطائرات الأميركية غارات جويّة أخرى، على مواقع تنظيم القاعدة سواء في مدينة أوباري أو في مدن الجنوب الأخرى، حيث تتعزّز أنشطة التنظيمات الإرهابية، خاصة تنظيم القاعدة الذي بات يمتلك نفوذا قويا في الأراضي الليبية المفتوحة على الساحل والصحراء الإفريقية.
وتلاحق الولايات المتحدة الأميركية منذ سنوات، أمراء تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي على غرار القيادي "مختار بلمختار" زعيم تنظيم "المرابطون"، و العقل المدبر للهجوم الإرهابي الذي استهدف مصنع غاز جزائري عام 2013 وأسفر عن مقتل 38 أجنبيا، و"إياد آغ غالي" أمير تنظيم أنصار الدين، الذي ذكرت تقارير غربية، أنه تحوّل للنشاط في ليبيا، منذ التدخل الفرنسي ضد القاعدة في مالي.
ويعتقد أن الصلات القبلية الممتدة بين ليبيا والجزائر ومالي لزعماء تنظيم القاعدة هي التي توفر لهم الحماية داخل ليبيا وتسهل لهم نشاطهم، فـ"إياد غالي" ينتمي إلى قبائل الطوارق في مالي، كما أنه متزوج من فتاة تنتمي إلى طوارق الجزائر، بينما يرتبط" مختار بلمختار بفتاة من طوارق" مالي، لكن الناشط بمدينة أوباري وليد دوكن قال إن غياب المؤسسات الحكومية في منطقة الجنوب كذلك، ساعد في سهولة اختراقها من قبل التنظيمات الإرهابية.
وأوضح دوكن في تصريح لـ"العربية.نت"، أن "الدولة الليبية هي التي تحمي الإرهاب في الجنوب وليس القبائل فحسب"، لأنه ليس هناك أي أثر لوجودها"، في ظل الغياب الكلّي للمؤسسات الأمنية والحكومية عن المنطقة، ولذلك من الطبيعي أن تتحول إلى مزيج من القاعدة والمنظمات الإرهابية والإجرامية الأخرى.
العربية نت