انتخابات رئاسية في مالي الأحد والأمن أهم رهاناتها

كثر من ثمانية ملايين ناخب مسجلون في مالي مدعوون الأحد لاقتراع رئاسي يشكل محطة هامة في البلاد. يشارك في هذا الاقتراع 24 مرشحا، وقد يكرس منح الثقة من جديد للرئيس الحالي إبراهيم أبو بكر كيتا أو انتخاب زعيم المعارضة صومايلا سيسي.

وكان كيتا قد انتخب في 2013 عقب التدخل الدولي ضد التنظيمات الإسلامية المتطرفة. ويعلق المجتمع الدولي الحاضر عسكريا بمهمة الأمم المتحدة وقوة برخان الفرنسية، الأمل على أن تؤدي هذه الانتخابات إلى دفع تطبيق اتفاق السلام الموقع في 2015 بين المعسكر الحكومي ومعسكر التمرد السابق الذي يهيمن عليه الطوارق قدما بعد أن شهد تأخيرا كبيرا.

إبراهيم كيتا يعتمد على حصيلة حكمه الأعوام الماضية للفوز بالرئاسة من جديد

اشترك مجانا في قناتنا للفيديو!
وتعيش البلاد التي تعد واحدة من أفقر دول العالم، وسط حالة طوارئ دون انقطاع تقريبا منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2015، بسبب هجمات مجموعات إسلامية متطرفة، بالإضافة إلى أعمال عنف قبلية وطائفية.

الانتخابات المالية واختبار الوضع الأمني

يلعب الرئيس إبراهيم أبو بكر كيتا ورقة الدفاع عن حصيلة أمنية وسياسية في بلاد كانت فريسة للتنظيمات المتشددة. فيقول الرئيس المالي "لم نرث بلادا هادئة وآمنة تعيش في ظروف عادية. لا على العكس، بذلنا طاقة هائلة وأبدينا شجاعة كبيرة ورؤية لتحريك هذه البلاد".

لكن يسعى كيتا لولاية ثانية وسط تزايد الاستياء بسبب ضعف سجل الحكومة، تحديدا بشأن الأمن، لا سيما في وسط وشمال البلاد حيث تنشط الجماعات الإسلامية المتشددة.

فينظر لانتخابات الأحد باعتبارها اختبارا للوضع الأمني في البلاد. ووزارة الأمن الداخلي قالت إنه تمت تعبئة 30 ألف عنصر من قوات الأمن والدفاع لحماية المرشحين خلال حملاتهم وعمليات التصويت. لكن وتيرة العنف في مالي تفاقمت قبل بضعة أيام من الاقتراع.

فقد قتل ثلاثة مدنيين من قبيلة الفولاني في وسط البلاد الأربعاء في هجوم نسب إلى صيادين تقليديين، حسب مصادر أمنية. وصرح عبد العزيز ديالو رئيس أبرز جمعية للفولاني في البلاد "لقد طوق صيادون من الدوزو قريبة سومينا (منطقة موبتي، وسط) وذبحوا كل الرجال قبل أن يلقوا بجثثهم في بئر".

وغالبا ما تندد قبيلة الفولاني بتعرضها للتمييز في إطار مكافحة الجهاديين وتنتقد الجيش والسلطات بعد التدخل وحتى بالتواطؤ مع الصيادين التقليديين.

من جهته قال حاكم مدينة تمبكتو في شمال مالي إن اشتباكات اندلعت في المدينة الخميس بين جماعات من العرب والطوارق والسود. وأحرق محتجون مسلحون من العرب إطارات وأضرموا النار في سيارات في تمبكتو أمس احتجاجا على تدهور الأمن ومزاعم بسوء المعاملة على أيدي قوات الأمن.

وقال سكان إن سبب العنف كان عملية سطو على صيدلية مملوكة لتاجر أسود. وردت قوات الأمن باعتقال بعض الشبان العرب المسلحين مما أشعل معركة بالأسلحة لم يصب فيها أحد.

ونزل نحو 100 شخص إلى الشوارع الخميس ودارت اشتباكات بين العرب والطوارق ذوي البشرة البيضاء من جهة والسود من جهة أخرى. وأوضح حاكم المدينة ولد مودو إن أعمال العنف هدأت بعد الظهر، وأضاف أنه لم يصب أحد.

ولطالما شكا العرب والطوارق في تمبكتو من الاضطهاد على أيدي الجنود وأغلبهم من جماعات عرقية من جنوب ووسط البلاد.

في حين يتهم الخصوم، وبينهم العديد من وزرائه السابقين، كيتا بسوء الإدارة والفشل في بسط الاستقرار في البلاد، ويصر الرئيس على أنه تمكن "من التقدم بسفينة مالي" في ظروف بالغة الصعوبة رغم ذلك بوجود "بعض جيوب العنف وبقايا إرهاب".

فخصم كيتا الرئيسي في هذه الانتخابات، زعيم المعارضة ومرشح الاتحاد من أجل الجمهورية والديمقراطية صومايلا سيسي، فهو يرى أن مالي بحاجة ملحة للاستقرار والتعليم والصحة والأمن وهي أشياء لم تتحقق في عهد كيتا فيقول "بلادنا تقف أمام خيار هام: أن تستمر على النهج الحالي الذي يقود إلى الفشل أو أن تصحح المسار لتعود مالي إلى ما كانت عليه... كدولة مستقرة".

ويشدد زعيم المعارضة الذي اختار شعار "معا نعيد الأمل"، على "الطابع الملح لإنقاذ مالي".

واعتبر مرشح آخر هو الثري ورجل الأعمال علي بوبكر ديالو في الهجوم المسلح هذا الأسبوع على قافلة لفريق حملته في شمال باماكو، دليلا على أن كيتا "فشل فشلا ذريعا" في المستوى الأمني واعتبر أنه "غير مؤهل تماما (لتولي) السنوات الخمس القادمة".

وأكد ديالو الذي يحظى بدعم الزعيم الروحي النافذ شريف بويي حيدرة، في بيان أنه "حيثما ذهبنا وجدنا أن انعدام الأمن هو مصدر القلق الأول للماليين".

وبين المرشحين الأساسيين أيضا الرئيس السابق للحكومة الانتقالية شيخ موديبو ديارا (بين نيسان/أبريل وكانون الأول/ديسمبر 2012) والذي انضم إليه رئيس وزراء سابق.

وبين المرشحين سيدة واحدة ورئيس بلدية سيكاسو (جنوب) خليفة سانوغو ورئيس الوزراء الأسبق موسى سينكو كوليبالي إضافة إلى عدد من كبار الموظفين الدوليين.

 

إلى ذلك، شهدت الحملة الانتخابية التي تختتم مساء الجمعة جدلا حول اللوائح الانتخابية حيث نددت المعارضة من خطر التزوير.

وندد فريق صومايلا سيسي الذي كان هزم بفارق كبير في الجولة الثانية من انتخابات 2013 أمام كيتا، بالاختلاف بين قاعدة البيانات التي أعدت وفقها بطاقات الناخبين وتلك التي نشرت إلكترونيا والتي تنطوي بحسب فريق المعارض على تكرار لأسماء ناخبين وعلى مكاتب اقتراع لا وجود لها.

لكن وزير الإدارة الإقليمية محمد أغ إيرلاف قال إنه "لا وجود لقاعدتي بيانات، هناك وثيقة واحدة" مشيرا إلى أخطاء نجمت عن مشكلة في الخادم المعلوماتي.

 

المشكل الأمني يخيم إذا على هذه الانتخابات، بصفة عامة وبصفة ظرفية، إلى درجة أن مخاطر عدم تنظيم الاقتراع يهدد العملية في قسم من البلاد.

ففي مناطق شمال البلاد حيث لا تملك الدولة وجودا كاملا، يفترض أن تساهم المجموعات المسلحة التي وقعت اتفاق السلام في تأمين الاقتراع.

كما تساهم قوة برخان الفرنسية، بحسب ما أفادت الأسبوع الماضي وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي أثناء زيارة للنيجر.

وقالت الوزيرة إن "حفظ الأمن في مالي أثناء الانتخابات الرئاسية سيكون موضع تعبئة قواتنا" مؤكدة أنه من الضروري "ردع من يريدون تلطيخ خيار مكاتب الاقتراع بالدم والتحرك بسرعة في حال حدوث هجمات".

ورغم كل هذه الاستعدادات فإن نسبة المشاركة في التصويت عادة ما تكون ضعيفة في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية وأقل من 50 بالمئة.

ويتوقع أن تصدر أولى نتائج الاقتراع في غضون 48 ساعة، والنتائج الرسمية المؤقتة في 3 آب/أغسطس على أقصى تقدير. وفي حال الاضطرار لجولة ثانية ستنظم في 12 آب/أغسطس.

فرانس 24

سبت, 28/07/2018 - 09:58