المغرب يعيد المهاجرين القاصرين.. سحب ورقة من يد إسبانيا

عبور المهاجرين فاقم الأزمة بين مدريد والرباط

أطلق المغرب عملية من أجل إعادة القاصرين المغاربة غير المرفوقين الموجودين في وضعية غير نظامية في بعض الدول الأوروبية، والذين كانوا قد دخلوا تلك البلدان كمهاجرين سريين، فأصبحوا عالقين، بسبب التعقيدات الأمنية والقضائية التي تتبعها تلك الدول.

 

والقرار الذي جاء في بيان مشترك لوزارتي الداخلية والخارجية المغربيتين، بناء على تعليمات ملكية، الثلاثاء، رأى في مراقبون تأكيدا من الرباط على التزامها بحماية القاصرين، في سياق تعاون المملكة من أجل الحد من ظاهر الهجرة، خاصة أن القرار يأتي تزامنا مع مخاوف أوروبية من تصاعد موجات الهجرة عبر الحدود المغربية الإسبانية، بسبب الأزمة السياسية التي اندلعت بين الجارين، منذ استقبال مدريد لزعيم جبهة البوليساريو الانفصالية، إبراهيم غالي.

 

وكان العاهل المغربي محمد السادس، قد أكد في مناسبات سابقة لرؤساء دول أجنبية، "التزام المملكة المغربية الواضح والحازم بقبول عودة القاصرين غير المرفوقين الذين تم تحديد هويتهم على الوجه الأكمل"، بحسب البيات ذاته، مضيفا أنه "قد تم وضع آليات للتعاون لهذا الغرض مع بعض البلدان، ولا سيما فرنسا وإسبانيا، والتي أسفرت عن عودة عشرات القاصرين إلى المغرب".

 

وفيما أبدى الاتحاد الأوروبي، ترحيبه يوم الثلاثاء، بالقرار المغربي، عبر بيان صادر مفوض الاتحاد الأوروبي المكلف بسياسة الجوار والتوسع أوليفر فاريلي، أكدت الرباط أن "المغرب هو البلد الأول المعني من قبل بعض دوائر المجتمع المدني، وحتى شبكات إجرامية، تتخذ من الظروف الهشة المزعومة للقاصرين ذريعة لاستغلالهم"، مُبديا استعداده "للتعاون، كما دأب على ذلك، مع البلدان الأوروبية والاتحاد الأوروبي من أجل تسوية هذه القضية".

 

التزام مغربي وتأخر أوروبي

وقال الباحث السياسي، أمين صوصي علوي، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "الأمر الملكي تأكيد على تعاون المغرب مع الاتحاد الأوروبي من أجل إعادة القاصرين غير المرفوقين إلى المغرب"، معتبرا أن "هذا التعاون سار منذ سنوات، وأي تأخير فهو ناجم عن المساطر الأوروبية".

وأوضح "أن المغرب متعاون في محاربة الهجرة السرية، وعودة القاصرين غير المرفوقين"، معتبرا أن "المغرب قد أكد على أنه مستمر في التعاون، ولم يغير موقفه من أي شيء برغم الأزمة مع إسبانيا"، ومشددا على أن "كل الوسائل التي تم رصدها ما تزال موجودة".

 

وبحسب تقارير دولية، فإن عددا من الدول الأوروبية تضع تعقيدات قانونية أمام إرجاع القاصرين غير المرفوقين إلى بلدانهم، بسبب تداخل إجراءات الحد من الهجرة غير النظامية، مع جوانب أمنية وقضائية، وأيضا تدابير أخرى تتعلق بحماية الطفولة، فيما يفتح المغرب حدوده أمام عودة تلك الفئة، بشكل دائم، بحسب تصريحات رسمية مغربية.

 

وعبّر المغرب عن أسفه "لاستخدام قضية الهجرة بما في ذلك قضية القاصرين غير المرفوقين، كذريعة للالتفاف على الأسباب الحقيقية للأزمة السياسية الحالية مع إسبانيا، المعروفة أسبابها وجوهرها"، مؤكدا على أن سلطاته تحتفظ "بالحق في أن تقدم، في الوقت المناسب، الردود المناسبة على اتهامات الحكومة الإسبانية التي لا أساس لها".

وعلق صوصي علوي على ذلك بالقول إن "القرار المغربي يسعى لقطع الطريق على المزاعم الإسبانية التي تحاول استخدام قضية الهجرة للتغطية على الأزمة المغربية الإسبانية التي حدثت بفعل استقبال مدريد لمجرم حرب هارب من العدالة، قام بجرائم ضد المغرب وضد مواطنين إسبان".

وأضاف أن "دوائر حكومية وإعلامية إسبانية قد أطلقت حملة حول الهجرة للتغطية على جرائمها وتضليل الرأي العام الأوروبي"، موضحا أن "قضية الهجرة لا علاقة لها بالأزمة، خصوصا وأن المغرب ملتزم بالتعاون في هذا الصدد"، لافتا إلى خطورة "التسميم الإعلامي الإسباني الذي يريد إخفاء جريمة إدخال غالي خلسة وبأوراق هوية مزورة وضدا على القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار".

ومن جانبه، أكد الباحث المختص في شؤون الهجرة، عبد الرحيم حليوين، أن "إسبانيا تقود حملة للضغط على الاتحاد الأوروبي لمعاقبة المغرب بناء على اتهام كاذب يزعم بأن المغرب مسؤول عن تدفق المهاجرين نحو أوروبا"، منبها إلى أن "هذا هروب إلى الأمام لجأت إليه إسبانيا بعدما تسببت في حدوث أزمة بينها وبين المغرب بعد استقبالها المجرم غالي".

وأكد حليوين، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "القرار المغربي الأخير، والذي لقي ترحيبا أوروبيا، قطع للطريق أمام هذه المساعي وإفشال لها"، منبها إلى أن "المغرب قد اختارالتوقيت المناسب، ليؤكد التزامه الإنساني والأخلاقي حيال موضوع الهجرة، ويفصله تماما عن أي موضوع آخر مرتبط بالحسابات الجيوسياسية والخلافات المغربية الإسبانية".

المغرب لم يعد دركيا لأوروبا

وفي سياق متصل، دعا الباحث المتخصص في العلاقات المغربية الإسبانية، محمد الروين، إلى "إعادة النظر في اتفاق العام 1992 المتعلق بالهجرة، والذي بمقتضاه بقي المغرب دركيا لأوروبا، يحميها من تدفق المهاجرين"، لافتا إلى أنه "ينبغي أن يصوغ المغرب وإسبانيا تعاقدا جديدا"، منبها إلى "ما كان قد قاله رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز بخصوص الاتفاقية ذاتها، حينما دعا المغرب إلى إرجاع كل المهاجرين، بناء على ذلك الاتفاق".

وأضاف في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "الحدود المغربية الإسبانية، التي هي حدود مع الاتحاد الأوروبي، تتيح للمغرب التعامل المباشر مع الاتحاد الأوروبي، لأن هذا الأخير كان قد أحدث وكالة أوروبية للحدود والسواحل"، داعيا إلى "سحب البساط من تحت إسبانيا ومحاولاتها للمزايدة على المغرب وابتزازه عبر دور الوساطة بين المغرب والاتحاد الأوروبي الذي تصر على الاستمرار في لعبه".

سكاي نيوز عربية 

خميس, 03/06/2021 - 16:47