الله يازمان

حبيب الله أحمد

يعشق جيل( كبة مندز) ذكريات زمنه الجميل
فى كل مرة عندما التقى أحد الذين تقاسموا معى تلك الفترة الذهبية يطلب منى الكتابة عنها 
ومرة طلب منى شخص عزيز علي الكتابة عن جزء من أيامنا الجميلة وذيل الطلب بعبارة( لدينا وضعية تستدعى شيئا من الذكريات)
وفى مركز القلب يستوقغنى دائما صديق للصفحة قائلا( وجهتلك اكتبلى عن كبة مندز)
أعرف أن تلك الذكريات تثير مع الشجن دموعا وتطفئ حر هذا الحاضر ببردذلك الماضى الفخم 
قبل أيام بعث لى صديق طفولة ودراسة صورا علق عليها تعليقات حملتنا معا على بساط الريح حتى ارتطمنا بباب اعدادية( المربط) سقى الله ايامها الحسان مضاعف الغيث العميم ودسسنا اعقاب السجائر فى التربة الندية التى تداعب جنوبا( بنطرت أسحاق)
هي ذكريات تبعث فينا شعورا خفيا بالسعادة فكيف كنا يومها 
واين( الكوخ الذى كان فى المنحنى )
تعود هذه الصور للعام 86
كنا يومها نقفز من السادس الابتدائي الى الأول الإعدادي ذات زمن فقير صفيل مانود ان لنا بلحظة هاربة منه حمر النعم 
كان كاس العالم فى( المكسيك ) ولربما كان من اجمل كؤوس العالم وكؤوس( الطلا) التى سألها شاعر ذات نزق غير محتشم هل لامست شفاه حبيبته  
شاعر شتان بينه وبين( يزيد ابن معاوية) الذى كان يحسد كاسات تقبل ثغر حبيبته وفدوضعتها موضع اللثم بالفم 
وبين( شوقى) و( يزيد) كان ( كثير ) يكتفى بان يطلب من خليليه ان يعقلا قلوصيهما ليبكيا حيث حلت عزة وتنتابه صبوة عفاف صارخ بالبوح ليطلب منهما مس تراب به بصمة من جلد عزة وان يقضيا ليلة ونهارا حيث باتت وظلت 
ما لنا وللشعراء؟
لنترك( الجذب) قليلا
لنعد ل86 
كانت التلفزة الموريتانية يومها صغيرة وجميلة بلا مساحيق وبلا الوان كأنها ولدت معنا فى ( الكبة) ولم نكتشف ألوانها ألا بعد أن كبرنا وصارت( تنتر) على راسها عندما نواجهها 
كنا مهووسين بجمع صور اللاعبين 
نذهب صباحا من ( كبتنا) إلى( قلب العاصمة) يومها كان قلبا سليما حانيا دافئ الحب نتسقط الصحف التى تنشر صور اللاعبين او ننفق (مما نحب) لشراء علكة( شينكم) مغلفة بصورهم
كانت لكل منا دفتر تحوى اسماء الفرق وصور وارقام ومواقع اللاعبين فى الميدان 
وكان ختم كل خانات الدفتر مكتملة بالفرق واللاعبين يماثل الحصول على دكتوراه فى تخصيب اليورانيوم 
ولربما بكينا أحيانا لأنه اعيانا الحصول على صورة( بلومى) أو( الزاكى) او( رباح) او( مارادونا ) أو( بلاتينى)
اسماء كبيرة كانت الدفتر تهتز وهي تستقبل صور أصحابها 
ولكم تطلب الامر منا أحيانا الدخول فى مقايضات رهانات رهيبة 
للحصول مثلا على صورة لاعب جزائري اومغربي ينقص الدفتر كان علينا دفع صور4لاعبين من فرق أخرى ومبلغ و( حندوجة) و( كضاية) و( اصبعين) من (جيتان) أو(دنهيل) أو( كامليا) أو(مالبورو)
وكانت فرحة أحدنا باكتمال الدفتر تفوف فرحة الراحل( مارادونا ) بهدفه( اليدوي) الخالد الذى قال عنه( الهدف كان هدية من الله ويدى لم تكن سوى وسيلة لتسجيله)
كنا نتسقط صور الغراء فى محلات تحارية ومعلومات الفرق واللاعبين كنا( نكمن) لها فى قمامات( افاركو) و( ليالينا) والمراكز الثقافية( المصري الليبي العراقي)و( ابلوكات) و(  الخيام)
كنا نقضى معظم الوقت ونحن نطارد صور اللاعبين ومعلوماتهم 
ليس من الوارد أن تسالنى كيف تقضون النهار فى المدينة دون طعام أو شراب 
ولايهمك قطعا شكل ملابسنا ولن يدفعك الفضول للسؤال عن احذيتنا 
لقد كان زمنا جميلا كنا له( عروة) و( سليكا)
ولئن سالت صعاليك العرب عن خلفائهم لجاءك الجواب يقينا( من غير دردق كبة سيزيم)
نحن أيضا 
(عنينا زمانا بالتصعلك والغنى 
وكلا سقاناه بكاسيهما الدهر 
فمازادنا عزا على ذى قرابة 
غنانا ولا ازرى باخلاقنا الفقر)

خميس, 10/06/2021 - 10:40