انتخابات المغرب ووعود الأحزاب.. تجاوز تداعيات كورونا أولوية

انتخابات المغرب تشهد تنافسا محموما

وضعت أحزاب سياسية مشاركة في الانتخابات المغربية، برامج انتخابية تراعي التداعيات التي فرضها انتشار فيروس كورونا على البلاد، بغرض الاستجابة لتطلعات المواطنين، وحصد الأصوات.

 

ويشكل الاقتصاد والشغل والتعليم والصحة، أبرز المحاور التي ارتكزت عليها البرامج الانتخابية للأحزاب، ضمن قائمة من الالتزامات التي تعهدت بالعمل على تطبيقها خلال 5 سنوات المقبلة، في أفق تجاوز الآثار السلبية للجائحة.

 

ويخوض 31 حزبا غمار الانتخابات البرلمانية والجهوية، المزمع تنظيمها في الثامن من سبتمبر، والتي تجرى في ظل تصاعد مؤشرات الإصابات بفيروس كورونا في البلاد، وارتفاع نسبة البطالة إلى 12.5 في المائة خلال الربع الأول من العام الجاري، بسبب تأثر الاقتصاد المغربي بالوباء.

 

وقد انطلقت الحملات الدعائية للانتخابات، الخميس 27 أغسطس، وتنتهي الثلاثاء المقبل عند الساعة الثانية عشر ليلا، وسط عدد من القيود على اللقاءات التواصلية مع الناخبين، لمنع تفشي الفيروس.

واقعية البرامج الانتخابية

ويرى مراقبون أنه وبالرغم من اختلاف شعارات البرامج الانتخابية للأحزاب، فإنها تتشارك نفس الأهداف بنسبة كبيرة، كما تحمل تصورات ومقترحات أكثر واقعية مقارنة بالسنوات الماضية.

 

ويقول أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، محمد زين الدين، إن الأحزاب السياسية "أضحت اليوم أكثر واقعية في إعداد برامجها الانتخابية، من خلال تحديد أهداف واضحة بمعطيات دقيقة معززة بالأرقام، كما أصبحت تعمل على توجيه خطابات لفئات محددة".

 

ويعتبر زين الدين في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن عددا من الأحزاب الكبرى ركزت في إعداد برامجها على "الانشغالات اليومية للمواطنين، مثل التشغيل والصحة والتعليم، مما سيمكنها من استقطاب فئات مهمة من الناخبين، خاصة الطبقة الوسطى والنساء والشباب".

 

ويستطرد: "الأحزاب استحضرت من خلال برامجها، البعد الاقتصادي والاجتماعي، غير أنها لم تُوفق في إعطاء تصور واضح عن الأوراش التنموية الكبرى التي تقبل عليها المملكة، إلى جانب عدم وضعها خطة طريق تؤدي إلى تعافي الاقتصاد الوطني من تداعيات الجائحة".

 

ويلفت زين الدين إلى "الفرق الواضح بين الخطاب السياسي في الاستحقاقات الحالية، وتلك التي أجريت سنة 2011، والتي كانت قد تبنت خلالها الأحزاب السياسية، شعارات رنانة وعلى رأسها محاربة الفساد".

برامج متنوعة 

وأطلقت الأحزاب المتنافسة في هذه انتخابات، التي تعتبر الثالثة بعد إقرار دستور 2011، برامج انتخابية تضمنت مجموعة من الالتزامات، كان محورها الأساسي تحسين المستوى المعيشي للمواطنين على مختلف الأصعدة.

 

 وقد وعد حزب "التجمع الوطني للأحرار" (مشارك في الائتلاف الحكومي) في برنامجه، بخلق مليون منصب شغل مباشر من أجل إنعاش الاقتصاد بعد أزمة "كوفيد-19".

 

كما وعد الحزب من خلال برنامجه الذي ضم 5 التزامات واختار له شعار "تستاهل أحسن"، تخصيص مبلغ 1000 درهم (100 دولار) شهريا لفائدة المعوزين البالغين من العمر 65 سنة فما فوق، إلى جانب استفادتهم من تأمين صحي مجاني على المرض.

 

فيما وضع حزب "التقدم والاشتراكية" (معارض) الذي رفع شعار "ديما معاك بالمعقول"، ضمن أولوياته استكمال وتحسين إصلاح أنظمة التقاعد، والدفع بسياسة ملائمة للشيخوخة، وجعل التشغيل هدفا أساسيا للتنمية، والنهوض برقمنة الاقتصاد، ومحاربة الرشوة، وتوسيع مجال الحريات وتعزيز الحقوق.

 

أما حزب "الاستقلال" (معارض)، فقد وضع ضمن برنامجه 14 هدفا، من بينها تقليص نسبة البطالة إلى أقل من 9 في المائة، والعمل على توسيع الطبقة الوسطى، والرفع من قدرتها الشرائية بأكثر من 20 في المائة.

 

فيما التزم حزب العدالة والتنمية (قائد الاتلاف الحكومي)، من خلال برنامجه، بالرفع من ميزانية التعليم بمعدل 5 في المائة سنويا، وميزانية الصحة بـ 6 في المائة سنويا، وتعميم التغطية الاجتماعية لجميع المواطنين في أفق سنة 2025.

 

وبدوره، وضع حزب "الحركة الشعبية" المشارك في الحكومة، من بين أولوياته الاستثمار في المنظومة الصحية، إلى جانب النهوض بالعالم القروي وتخفيف الفوارق المجالية، ومحاربة البطالة، وتثمين الهوية الأمازيغية، وتسريع وتيرة ترسيمها، إلى جانب الاهتمام بقضايا الأشخاص من ذوي الإعاقة.

قابليتها للتطبيق

وبالرغم من طابع البرامج الانتخابية الواقعي وتنوعها، لاسيما فيما يتعلق بإنعاش الاقتصاد والتخلص من آثار الجائحة، غير أن المتتبعين يعتقدون أن أغلبها يبقى "غير قابل للتطبيق على أرض الواقع، نظرا لتحالف الأحزاب وتزاوج برامجها الانتخابية، وأثناء تشكيل الحكومة".

 

ويؤكد أستاذ القانون الدستوري زين الدين، أن "غياب رؤية مشتركة بين الأحزاب المشكلة للحكومة في تسيير الشأن العام، يعد السبب الرئيسي المعرقل لعملية تطبيق البرامج الانتخابية".

 

من جانبه، يرى أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط، محمد الكتاني، أن "البرامج الانتخابية للأحزاب تظل حبرا على ورق، وهو ما أكدته التجارب الانتخابية السابقة".

 

وفي حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، يشير الخبير الاقتصادي إلى أن "أغلب الأحزاب تغفل عن تحديد مصادر التمويل التي يتطلبها تطبيق برامجها، خلال تقديم لتصوراتها الخاصة بإنعاش الاقتصاد أو دعم القطاعات الاجتماعية".

 

ويشدد الكتاني على "أهمية الكشف عن مصادر التمويل الخاصة بالبرامج الانتخابية للأحزاب، وعلى عدم اللجوء إلى الاقتراض، لاسيما في ظل الظروف الحالية".

سكاي نيوز عربية

سبت, 04/09/2021 - 10:23