من ينقذ العرب من داء العرب؟

اسيا العتروس

مؤلم وصعب في ان واحد الكتابة عن المشهد العربي المشتت في زمن التكتلات الاقليمية والدولية التي تسعى للاستفادة من محنة كورونا و مخاطرها في كل العالم …مؤلم و صعب الحديث عن الخارطة العربية التي تتضائل و تتلاشى على وقع الحروب المدمرة و الصراعات الدموية و الحروب الباردة …

وكأنه لم يكن يكفي اعلان القطيعة بين الجارين المغرب والجزائر, وكانه لم يكن يكفي القطيعة الحاصلة مع سوريا منذ عقد من الزمن حتى جاءت القطيعة بين لبنان المنكوب وثلاثة من دول مجلس التعاون الخليجي بعد ان استحال التواصل والحوار بين الرياض وبيروت على خلفية تصريحات وزير الاعلام اللبناني التي يمكن اعتبارها غطاء لازمة اعقد  اخطر مما قد يبدو … من المفارقات المسجلة في واقع الخارطة العربية المستباحة , انه في الوقت الذي تحتفل فيه الجزائربالذكرى ال67 لاندلاع ثورة التحريرمن الاستعمار الفرنسى في نوفمبر 1954،والتي سجلت اروع واجمل الملاحم النضالية ودروس التضامن العربي الشعبي والرسمي العابرللحدود لطرد الاستعمار الظالم من الجزائر تتلاحق اخبار القطيعة والجفاء والعداء بين الدول العربية التي فقدت بوصلة التواصل وتحولت الى عدو لبعضها البعض …

نعم , من المهم اليوم التوقف عند اندلاع ذكرى الثورة الجزائرية ليس لان تونس كانت حاضنا وسندا لها في محنتها زمن الاستعمار, وليس لان دماء التونسيين والجزائريين اختلطت على تراب ساقية سيدي يوسف وليس لان للبلدين تاريخ مشترك سيظل اقوى من كل الحكومات والزعامات فكل ما سلف قائم ومستمر ولا يمكن الغاؤه من الذاكرة الوطنية ولكن وهذا الاهم, لان الجزائركانت عنوان الملاحم و النضالات العربية المشتركة للمناضلين وللنخب السابقة وللمقاومة برجالها و نساءها وللاجيال التي خططت وصنعت استقلال الشعوب …نقول هذا لنذكر في زمن  الزهايمرالسياسي والتشتت العربي أن المغرب كان الظهيرالغربي للثورة الجزائرية وان صوت المغرب كان مناصرا لقضية الجزائرالعادلة في المنابرالاقليمية والدولية في الامم المتحدة , وان ليبيا كانت معبرالسلاح القادم من مصرالى الجزائر وان تونس كانت البوابة الشرقية لدعم الثورة ونقطة التقاء الجميع لتحديد الاهداف ضد الاحتلال وان السعودية  كانت الداعم والممول دون حساب للمناضلين الذين سيتعين على الاستعماران يضع لهم الف حساب وحساب ..فهل يمكن الغاء كل ذلك وكانه لم يكن وهل يمكن ان تكون القطيعة سيد المشهد في خارطة العالم العربي النازف من سوريا الى العراق ولبنان وليبيا واليمن الى أن غابت قضية فلسطين ودعم الشعب الفلسطيني من المشهد حتى كادت تندثر ؟ ..

في غياب دورفاعل للجامعة العربية الحاضرة بالغياب , وفي غياب صوت عربي مؤثر قادرعلى جمع الفرقاء سيتعين توقع ما لم يكن لاحد ان يتوقعه في شأن العلاقات العربية -العربية ..لقد دفعت الجزائر بعد 120 عاما من الاستعمار الفظيع والجرائم الموثقة ثمنا باهظا من أجل نيل الاستقلال الذي سجل ارتقاء مليون ونصف المليون شهيد خلال سبعة اعوام دون اعتبارلكل الانتهاكات التي جعلت الجزائر مخبرا مفتوحا للاسلحة المحرمة دوليا ..ولاشك ان في دروس الماضي وما انجزه الشعب الجزائري وشعوب المنطقة ما يستوجب اليوم وقفة تامل من الجميع لقراءة الواقع وتجاوز الانتكاسات  احتراما لجيل الرائع مفدي زكريا الذي كتب يوما في سجنه وجعل من دمه حبرا لتدوين رائعة قسما بالنازلات الماحقات  ودعوته لكل الاجيال “أن اقرأوه لبني الجيل غدا قد مددنا لك يا جيل يدا “فهل يجوز بعد ذلك التفريط فيما بقي من اوطان …

نقلا عن رأي اليوم

أربعاء, 03/11/2021 - 17:41