بعد الخطوات الأخيرة : هل أستلم المستعجلون رسائل الرئيس؟

سيد أحمد محمد باب

حملت الأسابيع الأخيرة من سنة 2021 والأولى من العام الحالى رسائل سياسية وأمنية بالغة الوضوح، وإجراءات مباشرة من صانع القرار الأول بموريتانيا (رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزوانى) إلى كل المهتمين بالبلد، والتحول نحو دولة المؤسسات، والتعامل بحزم مع كل التحديات الأمنية دون مغامرة فجة أو ضعف مخل. 
وقد أختار الرئيس أن تجرى الأمور دون دعاية مبالغ فيها أو استغلال إجراء بعينه من أجل تجييش العوام والرد على مناوئيه -وهم قلة-، وهو ما يفسر حالة الصمت السائدة فى معسكر المعارضين له، ممن كانوا يتهمونه بعدم الجدية فى محاربة الفساد، أو عدم القدرة على الحسم فى القضايا الكبرى،  أو الارتهان لبعض كبار القادة العسكريين، أو غياب الإطلاع الكافى على الحالة فى الداخل، أو الارتباك فى تعاطيه مع ملفات دول الجوار الإقليمي. 
  (١) دولة العدل والقانون : 
وقد أختار رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزوانى مهرجان وادان ليكون المحطة الحاسمة فى رسم الأسس النظرية لما يريده، منهيا السجال الدائر بأخف الأضرار (رفض لمنطق الاستكبار بغير حق، والتذكير بالأسس الناظمة للتعايش بين أفراد المجتمع، والتلويح بقوة الدولة،  والتبشير بحتمية المساواة فى الحقوق والواجبات،  واستهجان المفضول من موروث الآباء، والتذكير بتضحيات الجميع، والعمل  من أجل قيام دولة راشدة تسع كل أبنائها).
(٢) رفع المظالم ووقف الابتزاز:
وقد أختار الرئيس دون ضجة إعلامية وضع حد لما دأبت عليه الأنظمة السابقة من ابتزاز معارضيها، وسلبهم حق التجمع والتنظيم، فوضع الأساس النظرية الكفيلة  بتنظيم الجمعيات الأهلية، ورفع الفيتو عن أي ملف أكمله أصحابه، وسارت الأمور وفق الأسس القانونية الناظمة للملفات دون تدخل من الرئيس أو توجيه من الوزير، أو جعله مكرمة بيد فلان أو علان يمنحها أو يحجبها وقت مايشاء.
(٣) لاحصانة لمفسد ولا ظلم لمسير : 
وقد دخلت فعلا ماكينة التفتيش أدوارها النهائية ، وبدأت فى قطع بعض الرؤوس الكبيرة، دون الخوف من تدخل أي وجيه، أو عشيرة ، أو فئة، أو جينرال، لكن بعد الإعذار ومنح الوقت اللازم للدفاع عن النفس، وتبرير أي إجراء كان محل تحفظ أو ملاحظة من المفتشين. والمشترك الوحيد بين كل الذين طالهم التفتيش والابعاد والمتابعة هو دعمهم المطلق لرئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزوانى وبرنامجه ، لكنه كما قال فى أول لقاء له بالإعلاميين  بأنه لن يحمى أي فاسد ، ولن يظلم عنده أي عامل، أو مدير، ولن تطال يد الإنتقام أو تصفية الحسابات فى عهده أي شخص مهما كان.
(٤) 
فى السياسة الخارجية شركاء لا أجراء : 
وقد أختار الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى أن يبدأ  العام الجديد بموقف جد محترم ومتزن ومسؤول، مما يجرى فى الشقيقة مالى، رافضا أن يكون أداة الإكواس أو من يحرك الإكواس لتجويع الشعب المالى وتحطيم آخر الفرص المتاحة لقيام دولة مالية موحدة يحكمها القانون.
كما أن سلوك بعض الضباط الماليين من أصحاب الرتب الصغيرة، والقاضى بوقف حركة نقل الأعلاف إلى موريتانيا تم احتوائه بكل سلاسة وهدوء، دون الرد بالمثل أو تذكير جار هش ومحاصر بأن لديك من الأوراق مايكفى لإغراقه فى وحل المشاكل الإقتصادية والأمنية والسياسية دون كبير عناء.
(٥) أصحاب قرار ذاتى وهذه أرضنا: 
كما شكلت زيارته للجزائر وتوقيع اتفاقية لربط ازويرات بتندوف أبرز مشروع استراتجي تجيزه الحكومة فى فترة وجيزة، مع مايحمله الأمر من رسائل سياسية واضحة، ملخصها العريض "هذه أرضنا ونحن أصحاب القرار الأول والأخير فيها، بغض النظر عن حسابات الآخرين، أشقاء كانوا أم جوار" 
تلك رسائل من ضمن أخرى قد يتم الكشف عنها خلال الأيام القليلة القادمة، أختار الرئيس الدفع بها بشكل هادئ، ومهد لها بالكثير من الإجراءات المشابهة، فهل تكون فاتحة جو من التشاور والتقارب مع الطيف المعارض، أم أن البحث عن مقعد الرئيس،  لا إجراءات الرئيس السليمة ، هو نصيب بعض الحزبيين من السياسة والنضال والتعامل مع الشأن العام؟
 

جمعة, 21/01/2022 - 10:20