كان شخصا قابلا للطي ... وشديد القدرة على التحول ، اكتشفته صدفة لأطل على معدن الصحفي الحقيقي فى هذه البلاد .
فى منتصف عام 2012 كان يبحث ناشر صحيفة مغمورة ـ تصدر تحت الطلب وتوفر فرصا معتبرة " للطلبة " ـ عن مقر مخادع لصحيفته ، فوجد عمارة تخلفت سهوا عن التطور الطبيعي للعمران فى العاصمة وظلت وفية لذلك الطراز المنقرض من التصاميم ، نوعية الارضية و ألوان خامات خشب الابواب، وحنفية المطبخ العريقة والتى تعتقد للوهلة الاولى أنها ستسيل بالعصير عند فتحها .
جهز مكاتب الصحيفة واحتفظ لنفسه بالمكتب الكبير ووضع لافتة فوق الباب ؛كتب عليها بالخط الديواني المدير الناشر، لكن الخطاط ولدواعي شخصية بحتة وضع نقطة على الرااء الأخيرة. وحين أعترض المدير غيب الخطاط النقطة بقطعة من علكة هوليوود الشهيرة .
كان المدير عجينة بشرية نادرة فهو انتاج مشترك بين الشارع وسينما الوازيز أيام الثمانينات ويتمتع بإطلالة كومبارس وديع قد تتحاشاه الكاميرا لحياد ملامحه ولفرط غياب الكاريزما الفطرية .
عملت معه لعدة أشهر محررا لأخبار الحوادث ،وحين تمت ترقيتي الى رئيس تحرير ابتلعته العاصمة وفسخ عقد الايجار وباع أجهزة الصحيفة ، حدثت كل هذه التغييرات الجذرية فى نصف يوم وغاب المدير .
اكتشفت النهاية التراجيدية فى اليوم الموالي وحين اتصلت عليه وجدت تسجيل لأغنية قديمة ، كانت رائجة أيام مراهقته " ماني عاطيك عنواني ماني عاطيك ..."
بعد شهر على الاختفاء لمحته من بعيد كان يجادل بائع رصيد ويستجديه ان يعطيه "كاس من برادو" ، باغته عند الرشفة الاولى وحييته بتعالي من يريد المشاكل ....
قد يتبع غدا... وقد اختفى دهرا كمديري الأسبق
2018