زوم الصحراء .. هل يجدد النظام واجهته السياسية؟

زوم الصحراء .. هل يجدد النظام واجهته السياسية؟

في موعد سياسي لافت، وفي خضم استحقاقات سياسية وانتخابية أخذت في الاقتراب، أعلن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية عن عقد دورة لمجلسه الوطني نهاية الشهر، وفق ما جاء في دعوة وجهها رئيس الحزب المهندس سيدي محمد الطالب أعمر لأعضاء المكتب التنفيذي والمجلس الوطني الذين يتوقع أن يشكلوا مجتمعين أساس عضوية المؤتمر الاستثنائي الذي يتوقعه المراقبون. 

علاقة المؤتمر المزمع بأهم حدثين تنتظرهما الساحة السياسية الوطنية (التشكيل الحكومي، وانطلاق التشاور أو الحوار بين الفرقاء السياسيين) هي ما سنحاول تركيز "الزوم" عليه لنرى بصورة أوضح سياق التعديل المتوقع على قيادة الحزب، وسيناريوهاته، وتأثيراته المحتملة على المشهد السياسي في شقه الداعم للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.

 

استعادة الصورة

حين نعيد شريط الأحداث السياسية خلال النصف الأول من المأمورية الحالية إلى الوراء سنجد أن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية كان في القلب منها شكلا وعند المنطلق لكنه لم يكن بذاك الحضور والألق في جوهرها لأسباب فيها الموضوعي (كورونا) وفيها الذاتي (قوة التجاذبات داخل الحزب ومن حوله).

- لقد كانت قيادة الحزب هي القطرة التي أفاضت كأس العلاقة بين الرئيسين السابق والحالي في أزمة المرجعية المشهودة؛ وذلك حين أراد الرئيس السابق الاستمرار في المشهد السياسي من بوابة الحزب الحاكم؛ فقوبل برفض قاطع من الدوائر المقربة من الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، فكانت الجلسة العاصفة التي غادر بعدها ولد عبد العزيز مقر الحزب ونزلت صورته من واجهة المقر الرسمي للحزب؛ ولاحقا عقد مؤتمر طارئ لم يغير فيه الاسم والشعار كما طرح وقتها ولكن تم تشكيل قيادة جديدة عكست خريطة داعمي الرئيس خلال حملة 2019  بمن فيهم القادمون من المعسكر المعارض.

 

 وإذا كان حضور الحزب في لقطات بداية تشكل المشهد كانت حاضرة بقوة في لحظات اشتداد أزمة المرجعية فإنها لم تكن كذلك في بقية المحطات، وهو أمر تضافرت عوامل عدة لصناعة صورته:

 

- كورنا وما فرضه من قيود وقفت في وجه حملات ورحلات كان الحزب يود تنظيمها.

- مسار التطبيع والتهدئة الذي انخرط فيه الرئيس مع قوى المعارضة وجعل الفوارق تتقلص بشكل كبير بين خطي وخطابي المعارضة والموالاة.

- بروز حالات استقطاب داخلي بين التشكيلة القيادية متعددة المشارب، حول عدة ملفات لعل أبرزها ملف التشاور الذي اعتبره بعضها أولوية في حين اعتبره آخرون فخا ملغوما للسلطة سيوقعها في مشكلات أكثر مما سيقدم لها من حلول.

الصورة الآن..

حاليا يتجه الحزب لعقد مؤتمره الطارئ في مشهد سياسي ثلاثي الأبعاد؛

- أكمل النظام ترتيبات وضعه الأمني والإداري بشكل كبير خلال النصف الأول من المأمورية، وبات ترتيب الشق السياسي هو الاستحقاق الأبرز مع مستهل النصف الثاني. 

- أعلن الرئيس أكثر من مرة عدم رضاه عن الأداء الحكومي، وتكاد المصادر تجمع على قرب تعديل وزاري تتباين التوقعات في سعته وشموليته، والظاهر في كل الاحوال أنه لن يكون تعديلا عاديا.

- مع استمرار حال التهدئة نسقا عاما في المشهد لكن الأشهر الأخيرة تسجل مؤشرات على اتجاه المشهد لحال الاستقطاب بين الموالاة والمعارضة (يمكن أن نتذكر هنا عودة التراشق الإعلامي بين المعارضة والحزب الحاكم في عدة بيانات وكذا في الدورة البرلمانية الأخيرة، إضافة إلى المهرجانات الجماهيرية التي سبقت الموجة الأخيرة من كوفيد، وهو ما ركزت الزوم عليه في حلقة سابقة ( رابط الحلقة) أفق الصورة.

 

في الأفق القريب والمتوسط إذا محطات واستحقاقات يمكن من خلال تجميعها تشكيل صورة عن المؤتمر المرتقب ؛ أجندته ومخرجاته:

1- نحن أمام تشاور أو حوار وطني لا يستبعد طرفا ولا يستثني موضوعا؛ وهذا يحتاج إدارة سياسية تجمع بين عمق الصلة وعمق الثقة بالرئيس.

2- نحن على بعد سنة تقريبا من الانطلاقة الفعلية لسنتين انتخابيتين متتاليتين، وهذا يتطلب تمثيلا شعبيا واجتماعيا واسعا للقوى السياسية والاجتماعية الداعمة للسلطة.

3- وفي المحيط تطورات أمنية وجيو-استراتيجية متسارعة، يخشى عديد المتابعين أن لا نكون بمنأى عن تأثيرها، إلى جانب تطورات العلاقة مع الطيف المعارض المحلي ما يتطلب وجود قيادة حزبية قادرة ومتجانسة للتفاعل مع التطورات الحاصلة والمرتقبة.

 

وهكذا..
يمكن التوقع ختاما أن يشهد حزب الاتحاد من أجل الجمهورية في مؤتمر فبراير 2022 مايشبه إعادة التأسيس ليتناغم بصفة أفضل مع مكونات مشهد السلطة؛ في جوانبها التي تم ترتيبها خلال الثلاثين شهرا الماضية، أو هكذا يقول المنطق مع اعتراف لابد منه أن المنطق ليس هو العامل الرئيس في تشكيل المواقف السياسية دائما.!

خميس, 10/02/2022 - 13:00