إدخال العامية في المناهج يثير استهجانا بالمغرب

أثار إدراج العامية في مناهج التعليم بالمغرب جدلا على مواقع التواصل الاجتماعي، وأعاد السجال بين المدافعين عن اللغة العربية والداعين إلى استخدام العامية المغربية في التدريس.

وتداول رواد هذه المواقع صفحة من كتاب للغة الفرنسية تتضمن أغنية شعبية بالعامية المغربية مترجمة إلى الفرنسية، ويتعلق الأمر بأغنية متداولة بين أطفال الأحياء الشعبية، كما تداولوا صفحة من كتاب للغة العربية بها صور مقرونة بكلمات بالعامية مثل "شربيل" (حذاء نسوي تقليدي) و"البريوات" (نوع من الحلويات المغربية) و"البغرير" (نوع من الخبز المغربي) و"الغريبة" (من الحلويات المغربية).

وقد طبعت وزارة التربية الوطنية كتبا دراسية جديدة هذا الموسم في إطار تغييرات شملت مناهج عدد من المستويات التعليمية الأساسية.

وانقسم رواد مواقع التواصل الاجتماعي بين من رأى في هذه الخطوة التي أقدمت عليها وزارة التربية الوطنية تدنيا في مستوى التعليم وتزكية للتيار الداعي إلى اعتماد العامية لغةً للتدريس، وبين من دافع عن هذا التوجه، معتبرا أن توظيف العامية في التعليم سيسهل التعلم على الطفل.

مبررات بيداغوجية
وأكد مصدر من وزارة التربية الوطنية صحة ما تتداوله مواقع التواصل الاجتماعي، وأوضح أن إدراج كلمات بالعامية في مقرر اللغة العربية للمستوى الثاني الابتدائي اختيار له مبررات تتعلق بالمناهج.

أما بخصوص إدراج أغنية شعبية بالعامية وترجمتها للفرنسية، فلفت إلى أن الأمر يتعلق بكتاب غير مصادق عليه من طرف الوزارة وهو كتاب تكميلي واختياري.
 
وانتقل الجدل من الواقع الافتراضي إلى البرلمان، إذ دعا نواب حزب الاستقلال المعارض لعقد اجتماع طارئ للجنة التعليم والثقافة والاتصال بحضور وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، وذلك من أجل مدارسة موضوع استعمال "العبارات الدارجة" في المقررات الدراسية.

وحسب الموقع الإلكتروني للحزب، فقد عبر رئيس الفريق الاستقلالي بمجلس النواب نور الدين مضيان في رسالة وجهها إلى رئيس لجنة التعليم والثقافة والاتصال عن قلق حزبه من تواتر إصدار عدد من المقررات الدراسية، خاصة بالتعليم الابتدائي، التي تستعمل عبارات دارجة (عامية).

وأوضح أن عددا من مضامين هذه المقررات تخالف المنظومة القيمية والثوابت الجامعة للأمة المغربية، وهو ما يشكل -بحسبه- إخلالا صريحا بالمقتضيات الدستورية.

واعتبر رئيس الفريق الاستقلالي أن ما أسماها "محاولة اختراق المقررات الدراسية باستعمال العبارات الدارجة" تدخل في سياق الأزمة المفتعلة حول اللغتين العربية والأمازيغية، وتدبير التنوع اللغوي بالبلاد من طرف جهات قال إنها تسوّق لاختيارات مجتمعية مضادة لثوابت الأمة وافتعال أزمات قيمية حسم دستور المملكة في تفاصيلها.

"خطوة كارثية"
وفي حديث للجزيرة نت، وصف رئيس "الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية" (غير حكومي) فؤاد بوعلي هذه الخطوة بالكارثية، معتبرا أنها تتويج طبيعي لمسار فرض الحكومة للهجة العامية على المغاربة.

واعتبر بوعلي أن هذا المسار يخالف كل النصوص الدستورية والقانونية، ويهدف إلى إرضاء اللوبي الفرنكفوني الذي يتحكم في رقاب المغاربة اقتصاديا وإعلاميا وتربويا، والقضاء على ثوابت الأمة المغربية التي تعد اللغة العربية ركيزتها الأساسية.

المبررات التي ساقتها وزارة التربية الوطنية يقول عنها بوعلي إنها متخلفة، موضحا أن هذا العمل لا يجد مشروعيته في تقريب الفهم للتلميذ أو شرح الكلمات الأجنبية، بل المسألة -كما يرى- أعمق من ذلك وتتعلق بمحاولة تسطيح الوعي وبث التخلف من خلال نقل اللهجة التي حددت وظيفتها في التواصل العامي إلى مستوى العالم.

وشهد المغرب في السنوات الأخيرة جدلا متصاعدا بشأن لغات التدريس بين تيارين متصارعين، يدعو الأول إلى التراجع عن تعريب التعليم والتدريس بالفرنسية أو الإنجليزية واعتماد العامية في المراحل التعليمية الأولى، وتيار ثان يدافع عن التدريس باللغة الرسمية للبلاد أي العربية ويؤكد على الانفتاح على تعلم اللغات العالمية.

المصدر : الجزيرة

أربعاء, 05/09/2018 - 08:27