المشهد الأخير  من مسرحية "الأفوكا"

سيد محمد ابهادي

تفتأ شلة التحامل و التآمر تلقي بأحابيلها كلما أحست بتجاوز الأحداث لها و انكشاف زيفها و زيف ألاعيبها، فلم يعد لها من ذكر و لا لمسرحياتها من مشاهد، فقد تكسرت الخشبة، و تفرق الممثلون أيادي سبأ، و لم يبق إلا كاتب السيناريو الهزلي، يجتر جيب مموله، فيبيعه الوهم و الكلام الكاسد و الأشعار المقموعة ...
حتى في أيام العيد و الناس جذلى بعيدها  تحمد الله القربى، و ترجوه قبول صالح الأعمال يخرج "الأفوكا"  بإحدى مسرحياته الهزيله...لا مهنئا و لا ملتمسا الغفران، بل متآمرا و متحرفا لتضليل...
لقد استحق هذا النظام و قائده التهنئة بمناسبة العيدين  عيد الفطر و عيد العمال، ففي الأول فتحت المساجد و عليت المنابر و نظمت المسابقات القرآنية و الفقهية و رصدت جوائز مجزية لحفظة القرآن و المتون الفقهية، و كرّم الأئمة و شيوخ المحاظر، و وزعت السلات الغذائية على المحتاجين و فتحت حوانيت مدعومة في كل ولايات الوطن، و في الثاني فسح المجال لنقابات العمال لاختيار ممثليهم، دون تدخل و لا توجيه، و حلت مشاكل الحمالة، و وزعت علاوات مجزية لعمال شركة اسنيم، و تم تشغيل عشرات الآلاف من العمال، و سويت المظالم المتراكمة من عهود الظلم و القهر ، و تم تأمين مئات الآلاف من أبناء الطبقات الهشة، و قد ظلت نسيا منسيا طيلة العهود السابقة، و التي يدافع الأفوكا عن أكثر قادتها فسادا و نهبا...فمن غير فخامة رئيس الجمهورية أهلا للتهنئة و العرفان في عيد الفطر و عيد العمال !!؟
“ليهنكَ بعدَ صومكَ عيدُ فطرٍ
يريكَ بقلبِ حاسدكَ انفطارا
أتاكَ وفوقَ غرَّتهِ هلالٌ
إذا قابلتهُ خجلا توارى
يشيرُ وعادَ نعحوكَ كلَّ عامٍ
يجدِّدُ فيكَ عهدا "وازدهارا"

لقد كانت حركة  " الأفوكا" و خرجته متوقعة في مشهد  تضليلي جديد من مسلسل "الإفك المليم" الذي  يعتمده دفاعا عن سيده و ولبي نعمته، فكلما اشتد الخناق على المفسدين، و ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، شعر "الأفوكا" بضيق شديد كانما يصعد في السماء، فيلجا للكتابة و التضليل و تشويه الحقائق و تحربف مسار التحقيق و ركوب الأمواج السياسية، و من غيره خبيرا في تحريف الكلم عن مواضعه، و تجيير الوقائع،  و هو المحامي الوحيد الذي اشتهر بالدفاع عن موكليه بكل شيء إلا القانون. 
و إن الخطوات الكبيرة التي قيم بها في مجال محاربة الفساد في الآونة الأخيرة و التي شملت تفعيل دور مفتشية الدولة، وضمها إلى المؤسسات التابعة لرئاسة الجمهورية، و ملاحقة المفسدين، و المزورين، و إقالة العديد من الموظفين السامين بتهمة الفساد، و تقديمهم للمحاكمة أو مصالحتهم شرط إعادة المبالغ المنهوبة إلى خزينة الدولة، و تفكيك عصابات بيع الأراضي و اعتقال السماسرة المزورين، الذين تربوا في ظل سلطة كبيرهم الذي علمهم السلب و النهب، و مازالت جهات التحقيق تفكك خيوط مآمرته و كلما أوشكت على النهاية ظهرت موبقات أخرى أكبر من سابقاتها، هذه الأحداث تنذر المفسدين و أعوانهم بأيام سود تستدعي ردات فعل قد لا تكون محسوبة.
بيد اني عجبت من جرأة الأستاذ الشدو -و كل أفعاله عجب - و لكن استدعاءه لأشعار النضال أيام نقابة المعلمين أواسط الستينات،  يوم كان "الأفوكا" مناضلا مؤمنا بقضايا وطنه العادلة، استدعاء مثير للشفقة...
فأين الأفوكا البوم من محمد ولد الشدو المناضل التحرري التائر، و أين هو من الولاء للمستضعفين و قد نصّب نفسه مدافعا عن مختلسي المال العام، و متحاملا على  أول رئيس  يهتم بالطبقات المسحوقة من يوفر لهم الدواء، و العلاج و ينشيء  مندوبية خاصة بهم تخصص لها أكبر الميزانيات، توزع الإعانات الغذائية و التحويلات النقدية و تتكفل بالمرضى ، و تمول المشاريع المدرة للدخل! أيعقل حقا أن يكون هذا هو محمد ولد الشدو الذي سجن و عذب في سبيل وطنه وشعبه ... و الله لقد كان أمرك قبل هذا أمما!

لقد كان   المشهد الأخير من المسرحية الهزلية لولد الشدو، مشوشا، و مرتبكا و لم تعد أحداثها تستهوي  أحدا، رغم تزامن العرض الأخير مع  أالأعياد و الأفراح...و تلك عقابيل ضعف الحبكة و سوء الإخراج،  فهل لاستقدام محامية دولية و التفكير في  عزل الأفوكا عن قيادة الفريق دور في تشتت أفكاره و هزال حماره....؟!!  لا أدري و لكن أعتقد أنها النهاية؛...
و قد آن له و لخلية التضليل و التآمر أن تصغي إلى صوت العقل، و تقوم بمراجعة شاملة، و تنخرط في مشروع صاحب الفخامة الجامع لكل أطياف المجتمع، و تنضم إلى وُرش التشاور المفتوح أمام الجميع، فعهد الإقصاء و الحلول المجتزأة قد ولى، و موريتانيا الجديدة تسع الجميع و لن يظلم فيها أحد، كما لم و لن بنال فيها أحد حظوة و لا مكانة بناء على لون أو عرق أو فئة- كما قال رئيس الجمهورية في خطاب وادان التاريخي - أحرى أن يناله المبتزون و المرتهنون لأجندات التآمر و التضليل.
حفظ الله موريتانيا من كيد الكائدين، و حفظ رئيس الجمهورية و قطع دابر شانئيه.

"فأما الزبد فيذهب جفاء و أما ينفع الناس فيمكث في الأرض"
صدق الله العظيم
 

أربعاء, 11/05/2022 - 18:22