نزال دبلوماسي محترف

الهببة الشيخ سيداتي

عرفت بعض دول الإقليم خلال الأسابيع الأخيرة تطورات استخدمت فيها الدبلوماسية على أصولها وقواعدها المعروفة التي تقوم على الكياسة والتعبيرات الدالة؛ ومن أبرز مظاهر ذلك:

 

١- كوفيد دبلوماسي: خلال التغطيات الإعلامية التي سبقت وصول ماكرون أمس إلى الجزائر، تحدث الإعلام قبل أيام ضمن تحليلات مختلفة السياقات والأهداف عن إعلان الأليزيه مرافقة حاخام فرنسا الكبير حاييم كورسيا لماكرون. 

 

بعضهم بالغ إلى حد القول إن الحاخام سيطالب بعودة اليهود للجزائر، وبعضهم قال إنه نمط تطبيعي جديد. 

 

ويبدو أن الأمر لم يرق لحكام الجزائر التي يبدو أن ماكرون اضطر للتوجه نحوها في زيارة تحمل معاني الاعتذار بعد أزمة شديدة بين البلدين، وانتهى الأمر إلى الإعلان في اللحظة الأخيرة عن غياب الحاخام الفرنسي بسبب إصابته بفيروس كوفيد، وهي إصابة علق عليها أحد الدبلوماسيين بالقول إننا قد نكون أمام متحور دبلوماسي من الفيروس.

 

٢- نظارات دبلوماسية جديدة: اختار العاهل المغربي في خطابه قبل أيام بمناسبة الذكرى التاسعة والستين لذكرى "ثورة الملك والشعب" أن يستبق زيارة ماكرون لجارته الشرقية بالتذكير بأن قضية الصحراء هي النظارة التي ينظر المغرب من خلالها إلى العالم، ونبه الدول التي تقف على الحياد إلى أن مواقفها لم تعد مقبولة، مشيدا بمواقف إسبانيا التي عبرت عنها مؤخرا. 

 

وبذلك وجه ثلاث رسائل لفرنسا، تضمنت إنذارا بإمكانية اللجوء لنهج التصعيد الذي سبق التعامل به مع إسبانيا، وتعبيرا عن الانزعاج من التفاهم الفرنسي الجزائري، وتنبيها لبقية دول الحياد.  

 

٣- تهديدات موريتانيا: بعد تصريحات الريسوني وخطاب الملك وشائعة لكويرة يبدو أن موريتانيا الرسمية اختارت توجيه رسائل للمغرب معتمدة أسلوبا طالما اختارته المملكة لجس نبض موريتانيا. 

 

اختارت موريتانيا قلم الأستاذ سيدي محمد محم وصفحته على الفيسبوك للتنبيه إلى طبيعة ومدى ردود الفعل التي قد تذهب إليها نواكشوط إذا تجاوز الحديث عن تدخل مغربي في لكويرة طور التداول الإعلامي؛ هذا التفكير بصوت عال تضمن تهديدات، لا تحتمل التأويل، بإغلاق المعبر البري الوحيد للمملكة إلى بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، ومراجعة موقف الحياد في قضية الصحراء، بل إنه لم يستبعد خيار الحرب. 

 

وليس من المجازفة في شيء القول إن حديث ولد محم، الذي لا يكتسي أي طابع رسمي رغم رمزية صاحبه السياسية، إنما جاء في سياق رسائل دبلوماسية متنوعة تم تمرير أغلبها من تحت الطاولة.

جمعة, 26/08/2022 - 16:10