القرضاوي الأديب الشاعر ..

الشيخ معاذ سيدي عبد الله

قدم القرضاوي رحمه الله للمكتبة الاسلامية عشرات الكتب والمحاضرات والفتاوي، وكان من العلماء الذين أبدعوا في فقه المرحلة، وفقه الأقليات، والعلاقة بمستحدثات العصر..
ومن الطبيعي أن يرتبط القرضاوي في ذهن المسلمين بالدعوة والفقه الاسلامي، لكن جانبا آخر من جوانبه لم يجد حظا كثيرا من الدراسة، وإن كان هو نفسه لا يفوت فرصة دون التلميح إليه أو ترك المتلقي يستنبطه من أحاديثه، ونقصد الجانب الأدبي، وتحديدا جنس الشعر منه..
شخصيا تعرفت على القرضاوي الأديب من خلال كتابه ( فقه الغناء والموسيقى في ضوء القرآن والسنة) وذلك خلال عملي على إشكالية الفقه والشعر في الثقافة الشنقيطية..
ورغم الصبغة الفقهية الطاغية على الكتاب، إلا أن لمحات القرضاوي الفنية، وميوله الأدبي، واستدعاءه الأمثلة من التراث العربي أشياء لا تخطؤها عين ولا تفوت على أبله…
بعد ذلك عثرت على ديوانين من الشعر له هما : ( المسلمون قادمون) الذي أهداه للشيخ حسن البنا قائلا :
لك يا إمامي، يا أعز معلم == يا حامل المصباح في الزمن العمي
يا مرشد الدنيا لنهج محمد == يا نفحة من جيل دار الأرقم
أهديك نفسي في قصائد صغتها == تَهدي وتَرجمُ، فهي أخت الأنجم
وقد ضم الكتاب 24 قصيدة تناولت قضايا الأمة وعلاقة ( الاخوان المسلمون) بالأنظمة المصرية …
أما الديوان الثاني فهو ( نفحات ولفحات) وقد تمت طبعته الأولى عام 2001 وفي مقدمته حديث مهم عن القرضاوي الشاعر، وعلاقته بالأدب، وذكرٌ لما ضاع من شعره في فترة السجن، وكيف كان الأقارب يتخلصون من شعره كي لا يلفى عندهم فيدفعون ثمن ذلك أذى ومحنة..
من قصائد الديوان قصيدة ( أنا والشعر):
أُريد له هجرًا، فيغلبني حُبّي == وأنوي، ولكن لا يطاوعني قلبي
وكيف أطيق الصبر عنه، وإنما == أرى الشعر للوجدان كالماء للعشب؟
فكم شدَّ من عزم، وبصَّر من عَمَى == وأيقظ من نوم، وذلَّل من صعب!
وهي قصيدة طويلة انتقد فيها توظيف الشعر في غير الأغراض الشريفة، واتخاذه مطية عيش غير كريم..
كا القرضاوي رحمه الله مثالا للعالم الموسوعي الذي يتخذ من كل العلوم أداة لإبلاغ رسالته الدعوية، ووسيلة للتعبير عن مختلف أبعاده وخاصة الانسانية منها …
رحم الله الشيخ يوسف القرضاوي… وأسكنه فسيح جناته..
أتمنى أن أكتب يوما عن عطائه الأدبي، حتى يكون ذلك لبنة في تحديد مختلف أبعاد شخصيته الفذة…

سبت, 01/10/2022 - 09:20