عذرا ريان سليمان فالعالم منشغل عنك بصراعاته ومعاركه اليومية في رحاب الامم المتحدة حيث تدار اشرس المعارك لاعادة رسم النظام العالمي الجديد وما ستؤول اليه الرحب الروسية في اوكرانيا التي دخلت شهرها السابع على التوالي دون مؤشر حول اقتراب موعد نهايتها.. عذرا ريان فلا يمكن لمجلس الامن الدولي ان يعقد جلسة خاصة لادانة الجريمة البشعة التي استهدفتك تماما كما ان الاتحاد الاوروبي منشغل بعقد اول قمة اوروبية اسرائيلية في بروكسيل ولا يريد ان يستحضر جرائم الحليف الاسرائيلي في حق الاطفال والمدنيين والمقدسات ولا ان يسمع صوت المنددين والرافضين لانتهاكات الاحتلال الذي يتمعش من الدعم الاوروبي والدولي لتحقيق هيمنة اسرائيل وتفوقها على الجميع ..و الرئيس بايدن منكب على دعم الرئيس الاوكراني حتى يتمكن من اسقاط غريمه بوتين و تدمير الاقتصاد الروسي.. واقصى ما يمكنه القيام به دعوته الى فتح تحقيق في وفاة الطفل الشهيد ريان سليمان دون ان يصف ما حدث بالجريمة تماما كما فعل قبل ثلاثة اشهر مع شهيدة الاعلام شيرين ابو عاقلة وهي الفلسطينية الامريكية .. لوكتب للطفل الشهيد محمد الدرة ان يعيش لكان اليوم شابا يحتفل بعقده الثالث… قتل محمد الدرة قبل اثنين وعشرين عاما في سبتمبر سنة 2000 وهو يحاول الاحتماء بحضن والده من رصاص الاحتلال.. وظلت حكاية محمد الدرة تنتظر الانصاف الذي لن ياتي وتنتظر العدالة التي لن تتحقق وتنتظرالتحقيق و الاعتذار الذي لن يحصل.. بل ان مأساة محمد الدرة ستتكرر وفي كل مرة ستكون اكثر دموية و اكثر حقدا و تشفيا و عنصرية ازاء اطفال فلسطين من غزة الى الضفة ليخذلهم العالم في كل مرة ويدير لهم المجتمع الدولي المنشغل بما يحدث في اوكرانيا ظهره.. طبعا ليس من الصدفة أن تتكرر جريمة اغتيال الطفولة في ذكرى اغتيال الطفل محمد الدرة فلا موقع ولا مكان للصدفة في مخططات الاحتلال الذي يمارس نظام الميز العنصري والتصفية العرقية في حق الاطفال الفلسطينيين و يلاحقهم في المدارس و البيوت و المشافي بل و يلاحق الرضع و الاجنة في الارحام قبل ان يروا النور ..فسلطة الاحتلال الاسرائيلي تقتات من الدم الفلسطيني الذي جعلت منه قربانا للمشاريع الاستيطانية و عمليات التهويد و استهداف على الهوية الفلسطينية …و جاءت مأساة ريان سليمان الطفل الشهيد الذي تواجد في المكان الخطأ في الوقت الخطأ لتعيد المأساة المنسية الى سطح الاحداث و تذكر بما يحدث هناك على ارض فلسطين من جرائم عنصرية واستنزاف يومي في حق الطفولة التي يتشدق العالم الحر بالتباهي بانه ضمير الانسانية في اصدار القوانين الكفيلة بحماية كرامة اطفال العالم في مواجهة كل انواع الجرائم العنصرية المرفوضة ..ربما لم يكن ريان يعرف أن قوات الاحتلال الاسرائيلي تقف بالمرصاد لاصطياد ضحاياها في مدخل كل قرية او مدينة او حي او شارع فلسطيني و ربما كان يعرف ايضا ولكنه لم يجد ملجا يقيه ملاحقة قوات الاحتلال التي ظلت تطارده حتى اختنقت انفاسه و سقط من شرفة بيته حيث طارده الجنود ليفقد الحياة و يتحول الى رقم اضافي في قائمة الاطفال الشهداء على ارض فلسطين …
ريان سليمان .. طفل فلسطيني عمره سبع سنوات كان في طريق العودة من المدرسة عندما لاحقه جنود الاحتلال الاسرائيلي المدججين بالسلاح ..ركض ريان هاربا خوفا من الموت بحث عن مكان امن ..المكان الاكثر امانا في نظر كل طفل هو بيت العائلة و حضنها ..ركض ريان الى البيت ولكن الجنود طاردوه ..شعر ريان بالخوف اندفع هاربا و سقط من الشرفة تحت انظار والدته .. لم يكن ريان اول طفل شهيد على ارض فلسطين المحتلة و لن يكون الاخير ..عداء الاحتلال للاطفال الفلسطينيين تجاوز كل التوقعات حيث بدأ الاستهداف مع عمليات عصابات الشترن و الهاغاناه منذ أربعينات القرن الماضي عندما قرر بن غوريون تشريد 800 ألف فلسطيني كان من بينهم 100 طفل بعمر ريان الشهيد ، بعد أقل من جيل أصبح هؤلاء وقود الثورة الفلسطينية التي سترسم للعالم اروع الملاحم النضالية لشعب ما انفك يكذب كل التوقعات بانهاء القضية الفلسطينية و قبرها و كلما اعتقد البعض انها بداية النهاية الا و انتفض الفلسطينيون كطائر الفينيق من رماده ..ريان سليمان كما محمد الدرة ومحمد أبو خضير أحمد دوابشة و ايمان حجو و فارس عودة وطفلة الشاطئ و غيرهم من الاطفال الفلسطينيين سيظلون عنوانا لا يمحى من الذاكرة الفلسطينية و سيتعين على المجتمع الدولي و المنظمات الحقوقة و الانسانية أن تستحي من صمتها المريب و عجزها الذي لا ينافسه فيها غير الاموات ..كم طفلا فلسطينيا يجب أن يستشهد قبل أن يدرك الاحتلال أنهم لن يكتموا اصوات الاطفال و للن يهزموا شعبا اختار الكرامة على الذل ..
نقلا عن رأي اليوم