ليس فينا من لم يهتز لكلماتها و ليس فينا من لم يقارن بين الدمار اليومي الحاصل في سوريا منذ اكثر من عقد و بين هذه الطفلة شام البكور التي ولدت قبل سبع سنوات في مدينة حلب السورية في خضم حرب بات واضحا كيف بدأت و لكن لا أحد يدري كيف و لا أين ستنتهي او كيف …فجأة خرجت علينا الطفلة شام و بدأت باطلاق صواريخ صنعتها من كلمات و اشعار اتقنتها و كان لوالدتها التي ترملت بسبب الحرب الدور الاكبر في ذلك …لا اعرف أن كان بعض الحكام العرب تابعوا الطفلة شام و لكن ما نعرفه أننا بقينا امام مشهد سريالي بكل ابعاده و الطفلة رغم صغر سنها قد أسقطت كل الاقنعة التي كانت تخفي الوجه الحقيقي لعالم قبيح و كشفت عورات الاشقاء العرب ممن لا يفوتون مناسبة دون التذكير بأنهم افضل أمة اخرجت للناس ..
شام البكور التي لا يزال اترابها يتعلمون الحروف تفوقت على الجميع و اربكت بالضربة القاضية كبار العالم المتنافسين على المنابر الاقليمية و الدولية لتعليمنا أسس التضامن الانساني و معها أسس العدالة الدولية العرجاء ,,في بلد عربي حريص على تنظيم مسابقات القراءة للاطفال و المراهقين و جمعهم في افضل الظروف بقدر حرصه على احتضان سفارة للكيان الاسرائيلي الذي يخترق كل يوم الاجواء السورية و يوجه ضرباته الصاروخية الى العاصمة دمشق التي لا يزال بشار الاسد رئيسا على ما بقي منها منذ جاء على عجل من لندن حيث كان يدرس الطب ليخلف والده الراحل حافظ الاسد في منصبه …المشهد بكل تفاصيله عصي على الفهم و من حاول قراءة ما بين السطور تاه في زحمة المتدخلين والمشعوذين في المشهد السوري النازف …
مع صعود الطفلة شام الى الركح و تدافع اصحاب المصادح للاتقاط صورة و اختطاف كلمة منها فجأة تذكر العالم أن هناك مدينة منسية على الخارطة السورية تسمى حلب و تذكر أن حلب الشهباء كانت و ستبقى عنوان الحضارات المتعاقبة و المعالم الاثرية الفريدة في العالم …حلب التي عاشت على وقع حرب مدمرة منذ أكثر من عقد فرضت نفسها على الاحداث و تصدرت اهتمام مختلف المنابر الاعلامية و المواقع الاجتماعية و السبب بنت الشام طفلة السبع سنوات التي تحدثت بكلام لا نعتقد أن احدا من القادة العرب من حضروا او تغيبوا عن قمة لم الشمل يمكنه بلوغه و هي التي خطفت الانظار بعد فوزها في مسابقة عربية للقراءة تفوقت فيها على اترابها من دول عربية كثيرة ينعمون برغد العيش و الامن الاستقرار في مواطنهم …شام استحقت أن تكون محور الاهتمام لسبب بسيط و هي انها كشفت من حيث تدري او على الارجح من حيث لا تدري كل النفاق و الرياء المستشري فينا في عالم استبسل في عزل سوريا و تقديمها فريسة للحركات المسلحة ولشبكات الدواعش و ما تفرع عنها و لم يدخر جهدا في تقسيم هذا البلد و تشريد اهله و العودة بمن بقي منهم الى العصور البدائية ليعيشوا في العراء و يتغذوا مما تجود به عليهم بعض المنظمات الانسانية …لهذه الاسباب و لغيرها
سيكون لزاما اليوم العودة الى ما أحدثته فينا الطفلة الصغيرة الكبيرة شام القادمة الينا من الاوحال و الخراب و الدمار و هي تنطق بأقوى الرسائل التي لا يمكن لكل الصواريخ المعدة للاطلاق من كييف الى موسكو و من اليمن الى العراق و سوريا و ليبيا …
شام حلب تتفوق على اخبار اندونيسيا حيث يجتمع القادة الاقوى لبحث مخاطر الحرب الروسية في اوكرانيا أو هذا على الاقل ما يقولون عن اهداف هذا اللقاء تماما كما حدث في كل اللقاءات و الندوات و المؤتمرات زمن الكوفيد و خلال و بعد الكوفيد لقاءات مباشرة او عبر الفيديو كونفرينس التي غابت عنها دولة عربية ابعدت من الجامعة العربية و فصلت عنها فصلا .. و هي بذلك اهم و ابعد من كل القمم و المواعيد العربية و الدولية التي توقف عندها العالم مطولا في الايام القليلة الماضية بل الاكيد أن كل ما حملته من رسائل تجاوز ما جاء في قمة لم الشمل العربية و تجاوز قمم لاحقة من قمة المناخ بشرم الشيخ الى قمة اسيان بكمبوديا و منها الى قمة مجموعة العشرين اقوى اقتصاديات العالم الى قمة الفرانكفونية الاحقة …
اللحظة فارقة و تستحق أن تحظى بالمتابعة لاعتبار بسيط و لكنه مهم فالمستقبل اليوم للاجيال الجديدة أجيال تولد من رحم الخراب و الدمار و المعاناة اجيال تتحدى بقليل مما تملكه من ارادة للتمرد على قيود و احكام و حسابات من يعتقدون أنهم يمتلكون مفاتيح المستقبل و سينتقمون لانفسهم بالعقل و العلم …اجيال لا تبحث عن الانتقام من أي كان و لكنها تملك كل اسباب الثبات التي تجعل الاقوى يتراجع امامها و يعيد حساباته و يدرك أنه لا مجال مهما كانت الغطرسة في تطويق و الغاء و نسف هذا الجيل …جيل شام و اسمها يختزل كل بلاد الشام القلب النابض لمنطقة الشرق الاوسط التي تنزف منذ عقود ..شام الحلبية الطفلة التي ولدت في قلب الحرب المدمرة في سوريا لتكبر على صوت القنابل و الصواريخ و التفجيرات التي جعلت من حلب الشهباء مدينة التاريخ و العلم و المعرفة و الثقافة خرابا …من رحم المعاناة ولدت و من بين الانقاض جاءت و لسان حالها يردد أن هناك بين الركام بدل شام الف شام و شام سيسقطون كل الرهانات على طمس و الغاء هذا الجيل …
نطقت شام فابهرت و جذبت اليها انظار العالم …طفلة تعيد الشام الى سطح الاحداث و تنتقم على طريقتها و بكلماتها من كل المحاولات السابقةو الاحقة لبتر الخارطة العربية و ابعاد سوريا البلد المؤسس عنها ,,شام و لسخرية الاقدار يحق وصفها بالطفلة المعجزة و هي التي نجت من حداثة تفجير قضت على والدها …شام كانت اميرة تاجها العربية و هي تتمايل أمام المصدح في ضيافة القنوات التي تسابقت لاختطاف كلمة بريئة منها …
نقلا عن رأي اليوم