ثورة التواصل الاجتماعي.. وصناعة التزييف

أم لخوت الكوري ولد سيدي

تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورا كبيرا في تشكيل الرأي العام وصناعة الوعي، حيث تسهم في ترويج الأفكار والقضايا، لتصبح ذات قيمة لدى المجتمع من خلال انتشارها بين المتابعين، وتأثيرها على سلوكهم وبلورة قناعاتهم إزاء الأحداث.

ويعود هذا التأثير إلى ما يتميز به الإعلام الجديد من قدرة على التأثير في الوعي الجمعي، وإسهامه في بروز قادة رأي مؤثرين لهم منابرهم الإعلامية التي تحظى بالمتابعة من آلاف المستخدمين، وبإمكان هؤلاء "المشاهير" التأثير في متابعيهم بدرجة كبيرة فيما يتعلق بالقضايا المثارة.

 

وتشير العديد من الدراسات إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي أثرت بدرجة كبيرة في الرأي العام، سواء بشكل مباشر من خلال متابعيها، أو بشكل غير مباشر من خلال تأثيرها في وسائل الإعلام التقليدية والإلكترونية، بالنظر لما تتمتع به من سرعة في الاستجابة للأحداث وقدرة على الانتشار.

 

ومع انتشار مواقع السوشيال ميديا في موريتانيا تنامي دور الفرد في التأثير على الرأي العام، حيث أصبح كبار المدونين يلعبون دورا مهما في نقل الأخبار وصناعتها وتحريرها، فضلا عن مساهمتهم في تكوين قناعات حول بعض القضايا لدى أغلب متابعيهم، لكن المشكلة التي لا يمكن تجاهلها أن الأخبار المنشورة من طرف هؤلاء المؤثرين تفتقر أحيانا إلى الدقة والمصداقية، إذ عادة ما يقوم صانع المحتوى بالمزج بين رأيه الشخصي والخبر أو الحدث الذي ينشره على صفحته الخاصة أو يوزعه على وسائل إعلامية أخرى.

 

وإذا كانت وسائل التواصل الاجتماعي تلعب العديد من الأدوار الإيجابية، فإنها في المقابل توظف بصورة تهدد الأمن والسلم المجتمعي، في ظل عدم تفعيل القوانين الضابطة لمحتوى الإعلام الاجتماعي في موريتانيا، وهو ما جعل هذه الوسائط تتحول إلى أداة مساعدة في نشر الشائعات وإثارة الفوضى وتضليل الرأي العام.

 

وتعتبر وسائل التواصل الاجتماعي بيئة خصبة لانتشار الشائعات وتداولها بشكل فائق السرعة بفعل البث الفوري والتداول الجماعي الذي تتمتع به، فضلا عن توافر أدوات تزييف الصور وفبركة الفيديوهات، والتي تضفي بدورها حبكة محكمة على محتوى الشائعات ما يسهل من انتشارها.

 

وقد أدى التأثير المتنامي لانتشار الأخبار الزائفة عبر شبكات التواصل الاجتماعي إلى اتخاذ هذا الموضوع مادة مهمة للنقاش بين خبراء الإعلام والاتصال في مختلف أنحاء العالم؛ ولضبط دور وسائل التواصل الاجتماعي في موريتانيا والحد من صناعتها للتزييف، والاستفادة من الفرص التي تتيحها هذه الوسائط، نقدم المقترحات التالية:

 

- تكوين رواد التواصل الاجتماعي في موريتانيا على كيفية الاستخدام الآمن لهذه المواقع من خلال دورات يشرف عليها الخبراء والمختصون.

- التصدي للشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال تطبيق العقوبات القانونية على مروجيها، خاصة أن هذه الوسائل تعد النافذة المثالية لإطلاق الشائعات التي تستهدف الأفراد والمؤسسات على حد سواء.

- الاستفادة من التقنيات التي توفرها هذه المنصات لمكافحة التزييف ومحاصرته من خلال آليات التعقب الرقمي وخوارزميات رصد حملات نشر الشائعات.

- توظيف وسائل التواصل الاجتماعي في التصدي للأخبار الكاذبة والشائعات والأفكار الهدامة.

- العمل على إسماع الأصوات المعتدلة ودعم المدونين المؤثرين الذين يقفون ضد الأفكار المنحرفة والأخبار الكاذبة.

- مواكبة مختلف الأحداث من طرف وسائل الإعلام المعروفة، وتوفير الأخبار من المصادر الرسمية، لقطع الطريق أمام مروجي الشائعات.

أربعاء, 07/10/2020 - 15:46