الإعلام الجديد.. تحديات السبق والمصداقية

أم لخوت الكوري ولد سيدي

تمثل وسائل التواصل الاجتماعي أحد أبرز أدوات تداول المعلومات والأخبار بين الأشخاص في مختلف أنحاء العالم، وقد استطاعت هذه الوسائل كسر احتكار المؤسسات الإعلامية الرسمية للمادة الخبرية، كما أخرجت نموذجا جديدا من الإعلاميين مع "الصحفي المواطن" حيث لم يعد المواطن متلقيا فحسب للمعلومة، بل أصبح بإمكان كل من يمتلك هاتفا وحسابا على أحد مواقع التواصل الاجتماعي أن يلعب دور الصحفي في تغطية الأحداث، وصنع الأخبار.

 

ومع تنامي دور الإعلام الجديد كشريك منافس للإعلام التقليدي وحضور المواطن العادي في إنتاج مضامين إعلامية ومشاركته في صناعة الأخبار، وتداول المعلومات وتحليلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وفى ظل غياب ميثاق الشرف الإعلامي الضابط لأداء المنظومة الإعلامية في موريتانيا، حدثت بلبلة إعلامية أفقدت الجمهور ثقته في مصداقية ما يستقيه من معلومات وأخبار من وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يطرح عدة إشكالات حول السبق الصحفي والمصداقية في الإعلام الجديدة، خاصة على المستوى المحلي.

 

ومع المنافسة الشديدة بين وسائل الإعلام وطبيعة التدفق الإخباري الكثيف وما يستدعيه من سرعة في التغطية، لم يعد هنالك وقت للتأكد من صحة المعلومات ودقتها، مما جعلها تفتقر إلى المعايير الأخلاقية والمهنية في أسس تغطيتها، حيث أصبح السبق الإخباري مقدما على التحقق من مصادر الأخبار والتأكد من دقتها.

 

فقد أصبح للسبق الصحفي سطوة كبيرة في عصر الترند، مما قد يتسبب في مشكلات سياسية واجتماعية، حيث يركز أغلب المؤثرين في التواصل الاجتماعي على الإثارة والتشويق مهما كانت المواد التي ينشرها مخالفة للقواعد والضوابط الإعلامية وآداب المهنة الصحفية، إذ المهم بالنسبة لهم مواكبة الترند دون التقيد والالتزام بدقة الخبر ومراعاة الشعور العام للمتلقي.

 

فأغلب صناع المحتوى في الإعلام الجديد في موريتانيا يفتقدون إلى الوعي بالجوانب المهنية والأخلاقية التي يجب على الإعلامي التزود بها، ما جعل من هذه الوسائط بيئة مواتية لنشر الشائعات والأخبار المختلقة، خاصة مع صعوبة التأكد من مصادر المعلومات ودقتها، بعد أن سهلت تقنيات التصوير والمونتاج التلاعب الصورة والصوت.

 

لقد جعل التدفق السريع والمكثف للمعلومات على مدى الثواني وإعادة نشرها ومشاركتها في شبكات مختلفة ومن خلال حسابات مجهولة، من التشكيك في عدم مصداقية الإعلام الرقمي أمرا متوقعا في ظل الدعايات المغرضة وسريان الإشاعة بشكل لافت، ورغبة الجمهور بسماع أخبار مثيرة حتى لو كانت غير دقيقة، وهو ما يعزز تدني المصداقية في هذه الوسائل في بلادنا.

 

ومن الملحوظ، أن الكتلة الأكبر من الفاعلين في منصات التواصل الاجتماعي في موريتانيا تفتقر إلى أبسط الأسس المهنية، إذ ينصب اهتمام محرريها على الأخبار المثيرة وذات المصداقية المتدنية بهدف كسب المزيد من المتابعين، وهو ما يجعل من الأهمية بمكان لفت الانتباه إلى نقاش موضوع مصداقية هذه الوسائط، واقتراح خطوات عملية للحد من تدفق الأخبار الكاذبة عبر مواقع الإعلام الاجتماعي الموريتانية.

 

وفي هذا الإطار فإنني أقترح:

- سن مزيد من التشريعات والقوانين التي تحد من ظاهرة عدم المصداقية في شبكات التواصل الاجتماعي.

- تفعيل جهات الرقابة واتخاذ إجراءات رادعة بحق مروجي الشائعات والأخبار الزائفة.

- تكوين المدونين ونشطاء الإعلام الجديد على طرق التحقق من الأخبار والتأكد من المصادر.

- تنمية الوعي بأهمية الاستخدام الإيجابي لوسائل التواصل الاجتماعي، باعتبارها أداة مهمة في نشر الأفكار البناءة، والنماذج المبدعة، والتوعية حول القضايا التي تواجه المجتمع.

- توفير البدائل الإعلامية التي تنشر الأخبار الدقيقة والمعلومات الصحيحة، وتواكب الأحداث المثارة من طرف نشطاء التواصل الاجتماعي.

 

 

جمعة, 01/11/2019 - 16:03