زووم الصحراء.. محاكمة المرحلة  إلى أين ..؟

الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز- المصدر (انترنت)

لم يكن أكثر المتشائمين لمستقبل العلاقة بين الرجلين الأقوى في سدة الحكم منذ الإطاحة بنظام الرئيس معاوية ولد الطائع يتوقع قبل أربع سنوات من الآن أن تصل القطيعة لما وصلت إليه اليوم فأحدهما الآن في القصر؛ والثاني في القفص يواجه ملفا ثقيلا وأسئلة حارقة وتهما قد تودي به في غياهب السجن سنوات طويلة. 

 

في الزوم هذا الأسبوع نحاول تتبع مسار وصول العلاقة لهذه النقطة، وأفق تدحرجها مستقبلا وخصوصا في ظل الخرجات الأخيرة للرئيس السابق التي خرج فيها عن " صمته الطويل" وظهر بخطاب معارض حاد ليس للرئيس وداعميه فقط وإنما لأطراف أساسية أخرى في مشهد السياسة الوطنية. 

 

مسار الوصول
حين خرج الرئيس السابق من السجن قبل زهاء العام تناولت تقارير إعلامية ما اعتبرته تفاهمات ولو غير رسمية بين المتهم الأول في فساد العشرية؛ والسلطة الحاكمة، يتوقف بموجبه ولد عبد العزيز عن ما تعتبره دوائر مقربة من السلطة سلوك الاستفزاز ، ويسلك الملف طريقا رتيبا ربما ينتهي بإغلاقه بهدوء بحجة تقادم التهم أوبأي حجة أخرى. 

هذا التفاهم الذي نفته في حينها مصادر ثقة للصحراء تأكد للجميع لاحقا عدم وجوده فقد غادر عزيز لفرنسا حيث باشر أنشطة سياسية كانت الإثارة طابعها الأبرز منذ البداية، كما استمرت مسطرة التقاضي في سيرها المعتاد إلى أن وصلت لحظة المثول الأولي صباح اليوم أمام المحكمة المختصة في جرائم الفساد حيث حضر المشمولون في الملف يتقدمهم الرئيس السابق ووزيره الأول. 

 

حلبتان..
هكذا إذا بعد ثلاث سنوات من تفجر أزمة "المرجعية" تصل الأمور إلى نقطة اللاعودة؛ وتبدأ المحاكمة التي طالما طرحت أسئلة في عديد الدوائر هل ستتم، وإن كان فهل خلال هذه المأمورية؛ أم أنها سترحل لما بعدها..؟
المحاكمة  التي ستبدأ جلساتها في الخامس والعشرين من شهر يناير الجاري، ستشهد وفق الواضح من المؤشرات صراعا قويا بين إرادتين:
✔️ إرادة تريد لها أن تكون محاكمة سياسية لرئيس سابق بسبب طموحه للمشاركة في الحياة السياسية.
✔️ وإرادة تسعى لإثبات أنها محاكمة لواحد من أكبر المعضلات التي تواجه البلد؛ مشكل الفساد وسوء الحكامة.
ستدفع الإرادة الأولى بحجج تستظهر فيها ب:
☑️ المنع من ممارسة بعض الأنشطة.
☑️ مضايقة بعض أفراد الأسرة والمحيط العائلي.
☑️ المنع من السفر لموعد طبي وفق ما يقول المحامون المدافعون عن المتهم الرئيس.

أما الإرادة الثانية فستستظهر بملفات كثيرة هي خلاصة عمل لجنة التحقيق البرلماني وجهات فنية وقضائية وضعت كلها اليد على ما تقول مصادر مطلعة إنه تفاصيل مذهلة عن:
☑️ ممتلكات متهم يقول إنه لم يأخذ فلسا من مال الدولة ومع ذلك صار خلال سنوات حكمه من أثرى الأثرياء (ويرفض تقديم أي إجابة عن سؤال من أين لك هذا؟)
☑️ حجم الفساد الذي ورطت فيه مؤسسات الدولة وفق إفادات مسجلة أدلى بها شهود كثيرون أمام لجنة التحقيق البرلماني.
☑️ معطيات عن تهريب ثروات طائلة خارج البلد ربما.
☑️ ممارسات أقل ما توصف به أنها غير مناسبة لموقع رئاسة الجمهورية تمت مع جهات خارجية وكان عائدها عمولات لمقربين. 

 

إلى أين..؟
الآن وقد بدأت المحاكمة فعليا من خلال مثول المتهمين أمام المحكمة اليوم، وفي ظل صراع الإرادتين أو الحلبتين يطرح سؤال قد لا "تنطق" المحكمة بمداولته قريبا؛ لكن الراجح أنه لن يكون أقل من إدانة نافذة بسجن سنوات؛ ومصادرة ممتلكات، ومما يعزز هذه الفرضية في تقدير المطلعين على الملف: 

✅ قوة أدلة الاتهام التي يعتقد أنها بحوزة النيابة
✅ انتهاء صلاحية استراتيجية الصمت التي كان المتهم الرئيس ينتهج خلال الفترة الماضية حيث سيتعين عليه الآن الإجابة عن اسئلة صعبة تبرر ثروة يعترف بها وظل يرفض التصريح بمصدرها.
✅ عدم قدرته برغم ما بذل من جهد في اختراق جدر الموقف الصلب من التقارب معه التي بنتها سنوات من علاقته المتوترة مع أغلب الطيف المعارض ، وهو ما فرض عليه أن يظل معزولا في المعارضة حتى وهو يتبنى أقوى خطاب معارض.!!

خميس, 12/01/2023 - 19:48