زووم الصحراء (29).. محاكمة العشرية..أي أفق؟

المصدر: (انترنت)

دخل الخامس والعشرون من يناير  سجل الأيام ذات الدلالة في التاريخ السياسي الوطني الحديث حين انعقدت فيه أولى جلسات واحدة من أكثر المحاكمات إثارة في تاريخ البلد حيث؛

✔️ تنعقد أول محاكمة تتم بناء على تحقيق برلماني نالت نتائجه تزكية أغلبية ساحقة من القوى الممثلة في البرلمان.

✔️ وهي كذلك محاكمة لرئيس يحتل الرتبة الثالثة من حيث المدة التى قضى في الحكم بعد الرئيسين معاوية ولد الطائع(20 سنة) والمختار ولد داداه( 18سنة)

✔️ وهي من حيث المضمون تتعلق بقضية يوجد اتفاق واسع على أنها من أكثر القضايا أهمية في تاريخ البلد وحاضره( كان الرئيس الذي يحاكم اليوم  يعتبرها - للمفارقة - أهم قضاياه وأبرز أولوياته، وأهم انجازاته.) محاربة الفساد . 

 

انطلاقة ساخنة..
كانت انطلاقة المحاكمة يوم أمس ساخنة ظهر فيها التدافع على أشده بين عشرات المحامين اكتظت بهم قاعة المحاكمة بين مدافع ومرافع عن الرئيس المتهم أو المتهم الرئيس في ملف العشرية، ومتعهدين باسم " الدولة" للدفاع عن استعادة ما يعتبرونه أموالا منهوبة.

ولئن كانت جلسات اليوم الأول انتهت بتحقيق دفاع المشمولين في الملف " انتصارا" في المعركة القانونية حين رفضت المحكمة طلب بعض الجمعيات الحظوة بمركز الطرف المدني الممثل لضحايا الفساد فليس في ذلك كبير دلالة على مستقبل سير المحكمة بالضرورة.

☑️ فالوقائع في الملف الذي تقول مصادر مقربة من التحقيق إنه يضم آلاف الصفحات ثقيلة وبعضها يصعب الإفلات  من شراكه.

☑️ وبعض من ظل الرئيس السابق يعدهم من أقرب المقربين اعتمدتهم المحكمة رسميا في قوائم الشهود ضده، وهو ما سيعقد مهمته في تبرئة ساحته من التهم الموجهة إليه.

☑️ وحتى الحديث عن تورط بعض أركان النظام في قضايا فساد ضمن الملفات المنشورة أمام القضاء ، وإن نجح في ارباك الرأي العام لكنه قد لا يؤثر في الغالب على سير المحاكمة. 

 

أي أفق…؟
الحديث عن أفق محاكمة في عهدتها ملف من آلاف الصفحات ويرافع أمامها ما يناهز المائة محامي منهم محامون دوليون ووطنيون مشهود لهم بطول الباع في مجال المحاماة موصول بالضرورة إلى أن المحاكمة التي بدأت للتو:

☑️ ستأخذ وقتا طويلا مهما كانت إرادة بعض الأطراف أومصلحتهم تريد غير ذلك أو تقتضيه( في الفضاء القريب محاكمات في قضايا شبيهة يمثل فيها رؤساء سابقون أخذت جلساتها عدة أشهر ولعل آخرها محاكمة داديس كامرا الذي  وصل هو الآخر للحكم في غينيا كوناكري نهاية العقد الأول من الألفية الحالية ويحاكم حاليا في قضايا قمع وقتل في محاكمة جلساتها مستمرة منذ أشهر).

وسبق للرئيس للحالي محمد ولد الشيخ الغزواني أن ألمح في مقابلة سابقة إلى المدى الزمني الذي أخذته متابعة ساركوزي  في قضايا فساد مرتبط في الأساس بالعلاقة بالعقيد القذافي.

وإذا كانت الاعتبارات الفنية ترجح امتداد المحاكمة في الزمن بيد أن عامل السياق السياسي واقتراب موعد الانتخابات  عامل مؤثر بالضرورة حتى ولو أكد المعنيون غير ذلك.

☑️ ستعرف تدافعا قويا بين استراتيجيتين تدافع إحداهما (دفاع المتهمين) عن نظرية المحاكمة السياسية ، وتدفع الثانية( النيابة ومحامو  الدولة ) في اتجاه البرهنة على أنها محاكمة فساد وسوء حكامة .

ويبقى أبرز مجهولين حتى الآن في هذا الأفق المفتوح على الكثير من الاحتمالات هو :
✔️ بماذا سيخرج الرئيس السابق والمتهم الرئيس في الملف عن صمته الذي ظل يلوذ به  في حمى المادة 93..؟ 

 

☑️ أما الأفق بمعنى اتجاه الحكم "الابتدائي " المتوقع فرغم حجم المجازفة القانونية فيه فيكاد يكون مغلقا على خيارات الإدانة على الأقل بالنسبة للمتهم الرئيس ، وإن كانت قاعدة البراءة الأصلية، وضمير القاضي وقوة فريق الدفاع عوامل  قد تجعل كل الخيارات ممكنة في تصور منطوق الحكم  بما فيها الحكم بالبراءة. 

 

ولعل ختام حديث الأفق لايستقيم دون التأكيد على أنه أيًا يكن الوقت الذي تأخذه الجلسات والحكم الذي تنطق به المداولات يمكن القول إن أفق تأثير المحاكمة في الجدل السياسي والاعلامي في المرحلة القادمة سيكون كبيرا فلن يعجز طرفاها عن توفير مواد تفاعلية تعزز بعد السخونة في مشهد تسير عقارب ساعته الانتخابية بسرعة لموعدها السابق لأوانه في الثالث عشر من مايو القادم.

خميس, 26/01/2023 - 20:55