وساكنة نواكشوط تنهي عطلة أسبوع هادئة برغم تقلبات المناخ واقتراب مواسم التجاذب الانتخابي، إذ قطعت الهدوء أخبار متضاربة عن أحداث ما تجري في المنطقة الأكثر أمانا في المدينة "قوات من تشكيلات متعددة تبسط السيطرة على المراكز الحساسة، وماهو إلا وقت وجيز حتى تبين أن الأمر يتعلق بحادث إرهابي في السجن المدني.
في زوم الصحراء هذا الأسبوع نتوقف مع رسائل عملية السجن المدني الارهابية؛ نحاول تفكيك شفراتها، وتحديد وجهتها، واستشراف تأثيراتها.
توقيت وسياق
لايمكن فك شفرات أي رسالة دون التوقف مع توقيتها وسياقها، وعملية السجن المدني الارهابية تمت في توقيت وسياق لافت:
☑️ في غياب الرئيس:
والأمر هنا لا يتعلق فقط بارتخاء القبضة الأمنية في المنطقة الأكثر أمانا حيث قيادات الأركان والرئاسة؛ وإنما بما يفتح وقوع أحداث كهذه من شهية تحليلات وتأويلات حول طبيعتها ومستهدفاتها.
☑️ قبيل الانتخابات:
والعملية تمت والساحة السياسية في عز انشغالها بتدبير التحالفات والترشيحات والصراعات على المواقع، وهو أمر زاد- على الراجح- من حالة ارتخاء القبضة وانشغال الكل بمن فيهم المعنيون بالملف الأمني باليقظة السياسية عن اليقظات الأخرى التي هي جوهر مهمتهم.
☑️ أثناء محاكمة العشرية:
وغير بعيد من السجن المدني حيث فر الارهابيون واستشهد الحرسيان؛ تجري منذ أسابيع وقائع محاكمة الرئيس السابق ولد عبد العزيز وعدد من معاونيه ضمن ما يعرف بملف العشرية.
☑️ بعد تسجيل إنجازات:
وقد تمت العملية بعيد حصول البلد على تزكيات لافتة من الأطراف الأساسية في التدافع في المنطقة وعليها وكان أحدثها التزكية الأمريكية التي أعطت المقاربة الموريتانية في تدبير ملف الحرب على الإرهاب نقطة امتياز وهي إشادة نادرة الحدوث في سلم التنقيط الأمريكي.
وبالطبع سبق التصريح الأمريكي زيارات لوفود من الناتو وروسيا وايران.
من وإلى من..؟
مع أن المرسل والمرسل إليه واضحين بداهة من خلال الوقائع المعروفة الآن؛ فالمرسل هو (القاعدة وأخواتها) والمرسل إليه هو موريتانيا التي استشهد جنودها واستهدف أمنها، لكن هذا الوضوح الظاهر يكشف عند التدقيق عن غموض يفرض طرح أسئلة ملحة..؟
✔️ فهل تحرك الإرهابيون بإرادتهم الذاتية أم أن عوامل - وربما حتى محركين- كان لها دور في تحديد لحظة الصفر، وماهي علاقة الأمر بمعطيات التوقيت والسياق آنفة الذكر.
✔️ هل الرسالة موجهة فقط لموريتانيا أم لها وعبرها لجهات أخرى من جهات الصراع على المنطقة؛ بما فيها من ثروات ومن فيها من قوى تتدافع لتكسب مواقع نفوذ..؟
أي تأثير..؟
تسابق الجهات الأمنية الزمن لتلقي القبض على السجناء الفارين؛ منفذي العملية الارهابية، لكن تأثيرات عملية الأحد باقية؛ وإن كان مداها خاضعا لعوامل عدة لم تتضح بعد المعطيات الكافية لتحديده.
من هنا يمكن القول ختاما:
✅ إن العملية تمت بتخطيط من جهات لم تغب عنها عوامل سياسية واستراتيجية ذات تأثير عميق على البلد والمنطقة.
✅ سيكون للسرعة والنجاعة التي يتم بها القبض على الجناة دور أساسي في تحديد مدى الأثر.
✅ سيكون من التحديات الأساسية للحكم في موريتانيا اختبار مدى صلابة مقارباته الحاكمة في ثلاث مستويات:
✔️ شمولية مقاربة محاربة جماعات العنف اتدابير أمنية حورات، برامج إعادة تأهيل..)
✔️ عدم التخندق في التجاذبات الإقليمية والدولية والحرص على عدم الدخول في حروب الوكالة.
✔️ تعزيز أجواء التهدئة السياسية والاستفادة من حالة الإجماع الوطني على إدانة العملية الارهابية لتكريس ذلك.
حفظ الله موريتانيا