لان معركة العقول هي الاخطر,ولانها مقدمة للتحكم في البشروالسيطرة على خياراتهم و توجهاتهم وحتى احلامهم فقد اتجهت حكومة ناتنياهو وهي الاخطر و الاكثرعنصرية وتطرفا في تاريخ كيان الاحتلال الى المصادقة على مشروعي قانونين لاسرلة المدارس الفلسطينية والاسرلة للتوضيح تعني استبدال المناهج الفلسطينية باخرى اسرائيلية و الهدف طبعا تزوير الرواية الفلسطينية التاريخية و تكريس الرواية الاسرائيلية في عقول النشىء ..
والحقيقة أن هذه الخطوة ليست بالامر الجديد في توجهات الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة وسيكون من المهم التذكير بأن الحرب المقتوحة على الانروا التي تعتني بالمدارس الفلسطيني وبتقديم المعرفة للاطفال الفلسطينيين في مخيمات الاجئين منذ وقوع النكبة و ارتبط وجود الاونروا و استمرارها بنهاية الملف القضية الفلسطينية و استعادة الفلسطينيين حقوقهم المشروعة و هو ما لم يحدث و لكن ما حدث بدلا من ذلك أن الاونروا باتت تواجه ضغوطا متفاقمة لتجفيف منابعها و منع وصول المساعدات الدولية اليها كل ذلك لاجل حرمان الاجيال من التعليم و كسب سلاح المعرفة الذي به يستمرالوعي المجتمعي بالقضية الفلسطينية و تستمر كل انواع المقاومة للاحتلال …
والاكيد أن ما حدث أول أمس في أروقة الكنيست الاسرائيلي هو اعلان حرب مفتوحة على الفلسطينيين لا سيما فلسطيني الداخل في القدس المحتلة .. وتعني مصادقة الكنيست على هذا القرار الى زيادة الرقابة على المدارس والمعلمين في المجتمع الفلسطيني داخل الخط الأخضر “فلسطينيو 1948″، من خلال تعميق ضلوع جهازالأمن الداخلي الإسرائيلي “الشاباك” و منحه سلطة التدقيق في انشطة المعلمين الفلسطينيين، وتسهيل اجراءات فصل المعلمين بدعوى معاداة الاحتلال وممارساته القمعية وسياسة الفصل العنصري.
وتشيرالاحداث الى أن أحد مشروعي القانون قدمه عضوالكنيست من حزب الليكود عميت هليفي، والذي طالب بقية النواب باشتراط منح ترخيص عمل لمدارس بأن تكون “متلائمة مع المنهج الدراسي الإسرائيلي”
المشروع ينص على تشديد المعايير لمنح رخصة تعليم، وهو يستهدف إلزام وزارة التربية والتعليم بفحص الخلفية الأمنية لأي فلسطيني مرشح لوظيفة معلم، ويشترط منح رخصة تعليم بأنه “لا يكون له ماض أمني أو ارتباط باي عمل للمقاومة “…
كما يقضي مشروع القانون كذلك بإلزام مديرعام وزارة التربية والتعليم بإلغاء المصادقة على تعيين معلم “أدين بالإرهاب”وفق المشروع الاسرائيلي ، وتعليق رخصة التعليم لمعلمين فتحت ضدهم “إجراءات جنائية حتى لو تعلق الامر بشبهة “حسب ما جاء في نص مشروع القانون الذي نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية بما يعني المضي تدريجيا نحو الاستغناء عن الاطار التربوي الفلسطيني بذريعة الارهاب و التوجه لاستبدال المدرسين باسرائيليين يطبقون برنامج الاحتلال التربوي ..كل ذلك طبعا الى جانب منع ميزانيات عن مدارس تدرس المنهج الفلسطيني وهو ما يتطابق بالتاكيد مع سياسة محاصرة الاونروا و مؤسساتها التربوية التي سجلت وفق محتلف تقارير التنمية العربية و الدولية افضل النتائج عربيا رغم الاوضاع البائسة التي يتعلم فيها التلميذ الفلسطيني تحت جرائم الاحتلال وانتهاكاته و اعتداءاته التي لا تستثني احدا …
ولا شك ان في توصيف السلطة الفلسطينية لهذا القرار بمحاولة مفضوحة لاسرلة التعليم لا يجانب الصواب بل و يؤكد خطورة و ابعاد هذا التوجه التدميري الممنهج للعقل الفلسطيني …حتى هذه المرحلة ليس من الواضح كيف سيكون التعاطي مع هذه الجريمة الجديدة التي يمكن اعتبارها اخطر من تدمير البيوت و القرى التي يمكن اعادة بنائها اجلا او عاجلا على عكس العقول التي لا يمكن استعادتها اذا خربت و تم استيلابها والتحكم فيها بفرض الرواية الاسرائيلية المزيفة واعتماد الذكاء الاصطناعي للسيطرة العقول بما يمتلكه الاحتلال من امكانيات تكنولوجية رهيبة في هذا التوجه …
طبعا ندرك جيدا قدرة الفلسطينيين على الصمود و الصبر و الجلد في مواجهة جرائم الاحتلال و سعيه لتدمير كل ما يتعلق بالذاكرة الفلسطينية و بالارث الفلسطيني و ندرك ايضا مدى اصرار المجتمع الفلسطيني على تحصين الاجيال المتعاقبة و تكذيب نبوة غولدا مائير بان الكبار سيموتون والصغار سينسون …و لكن الواقع و التجربة تفترض ايضا وأكثر من أي وقت مضى الاستعداد لمواجهة هذه الحرب و هي حرب العقول التي فيها انتصار و صمود الفلسطينيين.
الواضح انه سيكون من الغباء التعويل على الضغوط العربية و الدولية لدفع الاحتلال للتراجع عن هذه الخيارات الاجرامية في حق المدرسة الفلسطينية و الاكيد أن مسؤولية المثقفين والنخب الفلسطينيين و اصوات دعاة الحقوق و الحريات يجب ان تكون الاكثر حضورا و الاكثر تنسيقا و تحركا في الداخل و الخارج لسحب البساط امام هذه القانون العنصري البغيض الذي يصح وصفه بجريمة التصفية العرقية والغاء العقل الفلسطيني …
صناعة الجوع كما صناعة الجهل تقنيات متوارثة لا تسقط من عقلية القوى الاستعمارية و مساعي الهيمنة على الاخر و كما ان صناعة الجوع تمنع الشعوب من التفكير في غياب امنها الغذائي و السيادي فان صناعة تجهيل العقول و تفقير المجتمعات فكريا و معنويا هي ايضا سلاح اخر لا يقل خطورة عما سبق فليس اسهل على الاحتلال من التحكم على مجتمع مفقر جائع يلهث وراء خبزه اليومي و ليس اسهل ايضا من استيلاب و التحكم في مجتمع جاهل يفتقر لسلاح المعرفة و العلم …الكنيست ادرك هذا الامر و هو يتجه الى استهداف الفلسطينيين في مدرستهم و في عقولهم و افكارهم بعد ان اعجزتهم كل المحاولات السابقة.
نقلا عن رأي اليوم