لا حديث في المقاهي والصالونات وبالطبع في وسائط التواصل الاجتماعي يعلو أحاديث "الترصاف" من جدار المكسيك والوصول إلى بلاد الحلم الأمريكي.
طرق الوصول وممراته، وتكاليف السفر ومحطاته، هي الحديث الغالب بين الشباب وخصوصا المنحدر من الطبقة الوسطي الذي تستطيع عائلاته توفيرالمبالغ الضرورية لقطع المفازات ما بين نواكشوط وجدار المكسيك.
في زوم هذا الأسبوع نحاول تفكيك أسباب الظاهرة ، وتداعياتها؛ وآفاقها في المديين المنظور والمتوسط..
تصاعد الموجة
ليست هجرة الشباب ظاهرة جديدة؛ فالمعروف أن عشرات الآلاف من الشباب الموريتاني موجودون في بلدان المهاجر الموريتانية بافريقيا وآسيا وأوروبا إنما الجديد هو:
✔️ الوجهة: فالولايات المتحدة التي كانت وجهة مفضلة لأعداد محدودة من الشباب خلال العقود الماضية باتت اليوم وفق المؤشرات الوجهة الأولى للشباب.
✔️ الوتيرة: ومع عدم وجود أرقام رسمية لكن مصادر عدة تتحدث عن مغادرة عشرات الشباب بشكل يومي منذ أشهر مطار أم التونسي في وجهات كل طرقها توصل في النهاية للمكسيك (تتحدث بعض التقارير عن عشرين ألف خلال ستة أشهر).
جاذبية الحلم
للحلم الأمريكي تاريخ مع الجذب وتغيير المعادلات الديمغرافية في حقب تاريخية وعبر امتدادات جغرافية عديدة وهو في الحالات الموريتانية التي تبلغ فيها الجاذبية الآن مداها يستمد قوته من :
☑️ شعور متصاعد لدى الشباب بانسداد أفق التشغيل وحالة متزايدة من الإحباط من الواقع بعناوينه السياسية والاجتماعية وحتى الثقافية والأخلاقية ،وفق ما يلاحظ مهتمون.
☑️ وجود جالية موريتانية تقدر بالآلاف استقرت في البلاد الأمريكية وقدمت صورة إيجابية عن الحياة هناك باتت عامل جذب في أعين أجيال شابة سدت أمامها الآفاق أوكادت هنا في موريتانيا.
☑️ انسيابية الطريق- نسبيا- برغم وجود المخاطر لكن دخول الموريتانيين لعدد من بلدان العبور دون الحاجة لتأشيرة جعل موريتانيا وفق بعض التقارير تتصدر البلدان التي يتمكن رعاياها من دخول الأراضي الأمريكية عبر الثغرة المكسيكية.
☑️ نظافة السجل: وبحسب مهتمين متابعين لموجة الهجرة الحالية فقد عزز فرصة الموريتانيين في القبول دون كبير تعقيدات سجل الموريتانيين النظيف في عمومه في القضايا الإجرامية.
☑️ الوضع الحقوقي: عامل آخر يعزز -فيما يبدو- فرص قبول الموريتانيين على الأراضي الأمريكية وهو تواتر التقارير الاعلامية عن وضع حقوقي يرشح الموريتانيين للاستفادة من وضع اللجوء السياسي وخصوصا حين يتعلق الأمر بملفات لها علاقات بقضايا العبودية فالذاكرة الأمريكية (المعززة بالواقع الحي) تجعل ملفات العبودية قابلة لإقناع الجهات المشرفة على ملفات الهجرة.
من المسؤول؟؟
ومع أن الموضوع لم يأخذ بعد حظه من النقاش السياسي الرسمي بين الفاعلين السياسيين لكن المتتبع لاتجاهات الرأي بشأنه في منصات التفاعل الاجتماعي يلحظ:
✅ ميل غالبية معارضي السلطة القائمة لاعتبار الأمر دليلا على ما يعتبرونه فشل السياسات الحكومية في مجال التشغيل، وتعبيرا عن حالة احباط قوية من واقع البلد ومستقبله.
✅ فيما يميل الموالون للحكومة لاعتبار الظاهرة طبيعية وذات علاقة في الأساس بتطلعات الشباب لحياة أفضل.
ويتوقف دارسون عند حقيقة أن المنخرطين في موجة الهجرة هذه هم بالأساس أبناء الطبقات المتوسطة بينما يواجه أبناء الطبقات الهشة تعقيدات الواقع وصعوباته دون أن تتاح لهم فرص الهجرة ما يعني وجود مخاطر أخرى قد تكون أخطر مثل الانخراط في مسارات العنف والجريمة المنظمة.