لابد من التذكير بأن ميثاق (ماندي) الذي تم التوصل إليه في افريقيا في سنة 1222 م كان أول إعلان عالمي لحقوق الانسان في العالم كله.
نعم ، ان مثل هذا الأمر العظيم تم في افريقيا قبل النص الفرنسي الكبير المنبثق عن الثورة بخمسة قرون ونصف .
هذا النموذج ولد في حضن امبراطورية مالي، هذه الامبراطورية الواسعة التي كانت تشمل مالي الحالية وبوركينافاسو وغامبيا وغينيا بيساوو وموريتانيا وقسما كبيرا من السنغال وساحل العاج.
مدهش جدا هذا، مدهش اكتشاف أنه منذ القرن الثالث عشر الميلادي، قد تم التنظير والصياغة للمبادئ والمفاهيم الأساسية حول حقوق الانسان في افريقيا. وإليكم المواد المكونة لهذا الإعلان :
1 - ليست هناك حياة أقدس أو أكثر حرمة أو أعلى شأنا من حياة أخرى.
2 - يجب على كل أحد أن لا يغضب على جاره إلا بسبب موجب.
3 - وأن لا يظلم قريبه وأن لا يعذب صنوه
4 - الخطأ في حق الغير يستدعي الاصلاح
5 - كن متضامنا مع الناس
6 - اسهر على أمور الوطن
7 - الجوع لا يليق بالانسان، كما أن استرقاق الانسان للإنسان ليس مقبولا.
8 - يجب أن لا تخرب الحرب أية قرية بهدف جلب العبيد من الآن فصاعدا.
وهذا يعني أنه لا يحق لأي انسان أن يضع الخطام في أنف أي انسان آخر مثله ليبيعه عبدا، وأن يمنع ضرب أي شخص، ناهيك عن قتله في (ماندي) بسبب أنه نجل عبد.
9 - كل إنسان حر في القيام بأعماله في إطار احترام محظورات قوانين بلده.
كل هذه الأمور الجميلة لم يدم احترامها مع مرور الزمن، ولكن يمكنني أن أذكر أن فرنسا كانت قد أعادت نظام الرق بعد إلغائه.
إنني أذكر هذا الماضي بغرض توضيح الحاضر، وأن تاريخ افريقيا لم يبدأ مع الاستعمار، بل ان الاستعمار قد أوقف الديناميكية التي كانت سائدة في افريقيا.
ومن الطبيعي أن تكون هذه الديناميكيات متناقضة في بعض جوانبها، ولكن هذا ليس مقتصرا على افريقيا، بل هو نفس ما ينطبق على دول العالم..
ماكي صال - السنغال في القلب - صص 180- 181
